في خطوة سريعة نحو احتواء أزمة جديدة تعصف بالكنيسة الأرثوذكسية بهدف إفساد العلاقة بين الأساقفة والبطريرك، قام الأنبا موسي أسقف الشباب نهاية الأسبوع الماضي بالكشف عن حقيقة خلافه مع البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والذي انتشر بسرعة البرق عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عقب انتهاء الجلسة الختامية للمجمع المقدس والتي ترأسها بطريرك الكنيسة وغاب عنها أسقف الشباب بسبب سفره خارج البلاد في رحلة طبية لإجراء الفحوصات والعلاج. وأكد الأنبا موسى، أسقف الشباب، أنه لا صحة لما تردد حول وجود خلاف بينه وبين البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية. جاء ذلك في أول رد فعل له على ما نُشرته بشأن وقوع خلاف بينه وبين البابا تواضروس. ونشر موسى، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قائلاً: "بخصوص ما نشرته بعض الصحف أخيراً، أرجو الإفادة بأن علاقتنا بقداسة البابا تواضروس الثاني، تمتد إلى أكثر من 30 عاماً، منذ كان أميناً للخدمة في دمنهور، يلقي محاضرات حول الكتاب المقدس والتربية، وجميعها مسجلة ومنتشرة على مواقع الكنيسة القبطية والأسقفية". وأضاف: "قداسته على تواصل دائم معنا بصفة مستمرة في كل خدمات الأسقفية بمصر والمهجر، ويتابعنا في كل ظروفنا وأسفارنا، ويدعم خدمتنا بأبوته ومحبته". بداية الأزمة وشهدت الجلسة الختامية للمجمع المقدس بالكنيسة الأرثوذكسية والتي رأسها البابا تواضروس الثاني بدير الأنبا بيشوى بوادي النطرون، أجواء ساخنة نتيجة توتر العلاقة بين البابا وعدد من الأساقفة والتي صورها البعض علي أنها محاولة للإطاحة بكبار الكنيسة واستبدالهم بجيل جديد من الأساقفة الشباب. وعقب انتهاء الجلسة الختامية للمجمع روجت مصادر كنسية إلي نشوب خلاف مكتوم بين البابا تواضروس والأنبا موسي وذلك بعدما تعمد الأخير الغياب عن الجلسة بسفره إلى الخارج في رحلة طبية تتضمن إجراء فحوصات وتحاليل بأحد المستشفيات في لندن. وذكرت المصادر أن الأنبا موسى سافر إلى لندن قبل انعقاد الجلسة بأيام قليلة، رغم أنه كان من الممكن تأجيل السفر لوقت لاحق، إلا أنه قرر السفر، لإعلان مقاطعة هادئة لجلسات المجمع المقدس، احتجاجاً على الانحرافات التي مررها بعض الأساقفة بين شعب الكنيسة الأرثوذكسية، في الوقت الذي لم يُظهر البابا فيه أي رد فعل- علي حد قولهم. وأشارت المصادر إلي أن الأنبا موسي سبق وقدم مذكرة للمجمع المقدس رصد فيها 85 انحرافاً عن التعاليم الأرثوذكسية ولم يتم بحثها أو إصدار أي قرار بشأنها، منوهة إلي أن حدة المواجهة بين البابا تواضروس والأنبا موسى، تصاعدت بعد الهجوم المتكرر على أسقفية الشباب، وهو ما أغضب الأنبا موسي كثيراً، وبناء عليه اتخذ قراراً بعدم حضور جلسات المجمع المقدس هذه الدورة، وفضل الانسحاب الدبلوماسي، على أن يصطدم برغبة البابا. ولا يعد غياب الأنبا موسي عن لقاء أو مناسبة رسمية تجمعه مع البابا خلال جلسات المجمع المقدس هو الوحيد، ففي الاحتفالية التي نظمتها الكنيسة مؤخراً بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، احتفالاً بمئوية مدارس الأحد، غاب الأنبا موسى أيضاً عن المشهد تماماً، وفضل الجلوس في المقاعد الخلفية، رغم أن الأنبا موسى يفضل ويدعم خدمة مدارس الأحد. وأرجع البعض حقيقة الأزمة بين تواضروس وموسى، إلي رغبة الأول في الإطاحة بالثاني، واستبداله بالأنبا بافلى أسقف المنتزه بالإسكندرية، ليكون أسقفاً عاماً للشباب، وهو ما أغضب الأنبا موسى وفاقم الأزمة بينهما. وتوقع مصدر كنسي- رفض ذكر اسمه- أن يتخذ البابا قرار تنصيب الأنبا بافلى أسقفاً عاماً للشباب في نوفمبر المقبل، ضمن عدد من الأساقفة المزمع تنصيبهم في الأماكن الخالية، وقد يكتفى بوجود الأنبا موسى شرفياً أو بإشرافه على بيت المكرسات. ويعد بيت المكرسات في دير الملاك الذي يشرف عليه الأنبا موسى، هو كلمة السر في صدام البابا تواضروس والأنبا موسى، والذي أنشئ في عهد البابا الراحل شنودة الثالث، حيث أكدت مصادر أن خلاف البابا والأنبا تصاعد بسبب أن البابا يريد معرفة وضع المكرسات الموجودة بالبيت وتقنين أوضاعهن. وأوضح المصدر أن قرار البابا تواضروس بتعديل لائحة المجمع المقدس، الخاصة بفترة تولى مقرري لجان المجمع، على أن تكون لمدة عامين بحد أقصى دورتين، يقصد به إقصاء الأنبا موسى المحبوب عنه منصبه بطريقة دبلوماسية لامتصاص غضب أبنائه وأحبائه. وأشار المصدر إلي أن البابا تواضروس يستند في محاولة إقصاء الأنبا موسى، إلى تقدمه في السن بعدما وصل إلي 79 عاماً، لافتاً إلي أن البابا يفضل التعامل مع فئة الشباب، بدعوى أن الجيل القديم لا يجيد التعامل مع الوسائل التكنولوجيا المتطورة. واعتبر المصدر قرار البابا تواضروس بفصل أسقفية شباب الإسكندرية، برئاسة الأنبا بافلي، عن الأسقفية العامة للشباب، واختيار كاهن منسق لمكتب خدمة الشباب بأمريكا، وإعلانه العام الماضى في المجمع المقدس أنه سيعين 7 أساقفة للشباب بأنها محاولات تمهيدية لاستبعاد الأنبا موسي وتقليص نفوذه. خليفة موسي يعتبر الأنبا بافلي أبرز الأسماء المطروحة لخلافة الأنبا موسى، والذي حرص البابا تواضروس علي تصعيده خلال الفترة الأخيرة وتدرج في مناصب عدة داخل الكنيسة حيث عينه البابا أسقفًا على كنائس المنتزه بعد أن كان يخدم ككاهن فى إيبراشية جنوبسيناء، وذلك بعدما تم ترسيمه كاهنًا عام 1999، وتم تعيينه وكيلًا لإيبراشية جنوبسيناء عام 2009 فى عهد البابا شنودة. ولكن في عام 2011 حدث تغير كبير فى مسيرته الكنسية والتحق بدير الأنبا موسى بجنوبسيناء كأول راهب يدخل الدير، وأول أسقف له. وفى 1 يونيو سنة 2014 رسّم البابا تواضروس الأنبا بافلي مع سبعة أساقفة آخرين أسقفاً على عزبة النخل التى تم إضافتها لإيبراشيات القاهرة، ضمن أربعة مناطق جديدة، وتم ترسيمه يوم عيد دخول المسيح مصر. وفي شهر 7 عام 2015 أصدر البابا قرار بضم دير بنات مريم بمنطقة عزبة النخل ليكون تحت رعاية الأنبا باڤلي أسقف عام كنائس عزبة النخل. وفي نهاية العام نفسه عين البابا الأنبا بافلى أسقفاً مساعداً له، ومسئولاً عن رعاية كنائس قطاع المنتزه ومقره كنيسة مارمينا بالمندرة البحرية إضافة لخدمته فى قطاع الشباب بالإسكندرية، وتم إعلان ذلك أثناء رحلاته الرعوية في أمريكا، وقام البابا بتعريف الشعب هناك بمجموعة من الآباء الأساقفة المرافقين له في رحلاته الرعوية، وكان من بينهم الأنبا بافلي والذي وصف البابا خدمته بعزبة النخل ب"الناجحة والمثمرة" وهو شبابي لقربه من جيل الشباب لذا تم اختياره وتكليفه كأسقف للشباب بمدنية الإسكندرية ليعاون الأنبا موسى أسقف عام الشباب. وأثناء التحضير لقداس عيد الميلاد العام الحالي أناب "تواضروس" الأنبا بافلي، لرئاسة قداس عيد الميلاد بمقر كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس، ما دعا البعض لتلقيبه ب"فتى البابا المدلل" وذلك لقربه من البابا وإسناد الكثير من المهام له. جدير بالذكر أن البابا تواضروس قام خلال الفترة الأخيرة بحركة تنقلات واسعة داخل الكنيسة أبرزها تعيين الأنبا دانيال، أسقف المعادى والنائب الباباوى بالقاهرة سكرتيراً للمجمع بعد انتهاء ولاية الأنبا رافائيل السكرتير السابق، في حين أسندت رئاسة المجلس الاكليريكي إلى الأنبا ماركوس، أسقف عام كنائس حدائق القبة والوايلى، ومن المقرر أن تشهد المجالس الإقليمية للأحوال الشخصية تغييرات كبيرة بعد انتهاء المدة القانونية لها، ومن المنتظر أن يصدر البابا تواضروس قرارات باباوية تحدد 6 أساقفة لرئاسة المجالس الإكليريكية فى القاهرةوالإسكندرية والدلتا والصعيد والمهجر.