فرضت قضايا انتشار الحرائق نفسها على الساحة حاليا بعد أن تضاعفت أعدادها خلال الأسابيع الماضية وطالت العديد من المنشآت الاقتصادية بدء من الحريق الرهيب بشركة النصر للبترول بالسويس ومروراً بحريق شركة صيدناوى بمحافظة الغربية، وأحد المصانع بمدينة السادس من أكتوبر ومصنع توشيبا العربى بقويسنا ونهاية بحريق عمر أفندى الذى شب بأحد فروعه اليوم. وكشفت دراسة أعدها الدكتور مهندس نادر رياض رئيس لجنة المواصفات والجودة باتحاد الصناعات المصرية ورئيس مجلس الأعمال المصرى الألمانى حول " منظومة الصناعة المصرية وإدارة المخاطر" أن خسائر الاقتصاد المصرى بسبب الحرائق تصل إلى نحو مليارى جنيه سنوياً. وأوضح أن الآونة الأخيرة شهدت انتشار حالات كثيرة من الحرائق الكبيرة فى المدن الصناعية، التى تستمر لأيام تبدو فيها أجهزة الدفاع المدنى والحريق عاجزة عن السيطرة عن هذه الحرائق، بينما يقف أصحاب المصانع يتابعون بقلوب دامية النار وهى تلتهم كفاح السنين فى لحظات أمام أعينهم، لذا بات من الضرورى استكمال ما ينقص الصناعة فى مصر فى مرحلتها الحالية لتصبح أكثر أمنا فى مواجهة أخطار الحرائق المحتملة والقائمة بالفعل. وأشار إلى أن التجمعات الصناعية وعددها أكثر من 74 تجمعاً صناعياً قد أصبحت مصدراً لأخطار الحريق، وقد يمتد فيه خطر الحريق فى لمحة البصر من مصنع لآخر. ويوضح أنه يجب ألا يغيب عنا أن أكثر من 40 عاما مضت منذ تطبيق كود الحريق فى معظم بلدان العالم مما جنبها الكثير من الكوارث التى تكلف أصحاب المشروعات والدولة ملايين الدولارات بينما عمر الكود المصرى لا يتعدى سنوات قليلة. ويرى أنه رغم اهتمام الدولة بعمليات الإطفاء ومواجهتها إلا أن نوعية الحرائق الكيماوية واستمرارها عدة أيام وشدة خطورتها على الأفراد والاستثمارات والخسائر الضخمة الناجمة عنها تحتم علينا أن نفكر بجدية فى أن الإلزام بتطبيق كود الحريق لا يعتبر من قبيل الرفاهية بل هو حجر الأساس فى اشتراطات السلامة والأمن مع الأخذ دوما بوسائل إطفاء تتلاءم مع حجم الأخطار الموجودة بها ونوعية تلك الحرائق وطبيعتها. ويؤكد أن الخروج من نفق هذه المشكلة ومواجهة خطر الحريق يتمثل فى تطبيق "الكود المصرى للحماية من أخطار الحريق" وهو عبارة عن مجموعة من الإجراءات التى يجب أن تتخذ والوعى بها منذ بداية إنشاء المؤسسة كالمصنع أو المنشأة أو الشركة أو حتى الورشة ويستمر التدريب والأخذ بها أثناء فترات الإنتاج والتوقف عن العمل. ويوصى بضرورة ربط الرخصة لإنشاء وتشغيل المصانع بإلزام تطبيق كود الحريق وتجديد الترخيص يرتبط بالمتابعة الإلزامية ومنح حوافز للمصانع والشركات التى تطبق نظام الكود من قبل شركات التأمين، إلى جانب إيجاد آلية فعالة تعمل جنياً إلى جنب مع كود الحريق المصرى تتعلق بسلوكيات القائمين على التنفيذ وكذلك الإلزام بتطبيق اشتراطات هذا الكود. وتؤكد الدراسة ضرورة توفير المعدات الخاصة بمكافحة الحريق بالموقع بغرض إحتواء الحريق فى أضيق نطاق خلال الخمس دقائق الأولى، وتوفير أجهزة إطفاء يدوية من نوعية مناسبة للحرائق حاصلة على اعتمادات محلية ودولية، فضلا عن تزويد المصانع بأنظمة إطفاء مناسبة طبقاً للأحمال الحرارية الموجودة فى كل موقع والمحسوبة على الحد الأقصى للمواد القابلة للاشتعال التى قد تكون موجودة بها. وعلى مستوى تأهيل الأفراد شددت الدراسة على ضرورة تدريب رئيس وأفراد فريق الإطفاء والأمن الصناعى والوصول بهم لمستوى التدريب الراقى، مع تدريب 50% من عمال الإنتاج والوصول بهم لمستوى المهارة فى استعمال الأجهزة اليدوية. وتوصى الدراسة بضرورة قيام اتحاد شركات التأمين بإصدار سجل بالمصانع التى ينطبق إنتاجها مع المواصفات القياسية المعتمدة، إلى جانب قيام إتحاد شركات التأمين بتصنيف وقيد الخبراء والمتخصصين فى مجال التأمين على المنشآت والمصانع والفنادق من أخطار الحريق كل فى مجاله للرجوع إليهم فى كل ما يتعلق بمناحى التأمين على أخطار الحرائق وبما يتناسب مع نوعية الخطر تطبيقاً للأكواد التى تحكمها. وفى مجال تنظيم آلية تغطية التأمين، توصى الدراسة بضرورة الإلزام بالتأمين على المنشآت الحكومية والتعليمية من مدارس ومعاهد وجامعات والمبانى والمنشآت الحكومية وكافة المبانى الصناعية والمنشآت العامة ومرافق النقل العام والخاص وكذلك على الشقق والعمارات السكنية بصورة إلزامية طبقا لما تحمله من الأخطار ومعدلات تصاعدها من أحمال حرارية ومصادر للوقود السائل والغازى من وصلات الغاز وأسطوانات البوتاجاز ويمكن فى هذا الشأن تطوير وثيقة حماية الأسرة ومسكنها لتستوفى الغرض الأمثل منها وهى متوفرة لدى شركات التأمين المصرية حيث أنها تغطى العديد من الأخطار المهمة والضرورية