يبدو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية مضطرة للتعاون مع مصر حتى وإن كانت غير راضية عن وصول المشير عبد الفتاح السيسي للحكم ،لأن هذه العلاقة تعد ركيزة من ركائز الدبلوماسية الولاياتالمتحدة وتحقق لها مصالح كبيرة هذا ما شدد عليه السفير الأسبق لواشنطنبالقاهرة فرانك ويزنر- الذى كان يرتبط بصداقة وطيدة مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك- من خلال مقال له بصحيفة ديلي بيست الأمريكية. لافتا إلى أن ذهاب المصريين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رجل قوي مثل عبد الفتاح السيسي كان أمرا مفروغ منه ،ولكن على الولاياتالمتحدة أن تفكر بشكل أكثر واقعية حول علاقاتها الممتدة مع مصر وأوضح أن خلال عمله سفيرا بمصر في الفترة التي سبقت حرب الخليج مباشرة أتيحت له فرصة مشاهدة كيف كانت الشراكة مع مصر عاملا مهما لتحقيق مصالح وأمن الولاياتالمتحدة إلى جانب الحفاظ على الاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أنه خلال الصراع من أجل تحرير الكويت كانت القوات المصرية تحتل المستوى الرابع من ناحية العدد بين قوات التحالف الدولي التي شاركت في هذه الحرب ،كما سمحت مصر بتدفق عدد كبير من الطائرات والسفن الأمريكية من خلال مجالها الجوي وقناة السويس ، وتعاونت الحكومة المصرية بشكل كامل في هذه الفترة مع واشنطن ،وأيضا استطاعت حشد العالم العربي من أجل الدفاع عن الكويت وشكل ذلك إسهاما حيويا للدبلوماسية الأمريكية. وأوضح ويزنر أن التعاون المصري الأمريكي خلال أزمة الكويت كان نتيجة لعلاقة وثيقة بدأت في عام 1973 في أعقاب حرب أكتوبر بين إسرائيل وجيرانها العرب ،مما أدى إلى عقد اتفاقية السلام بين القاهرة وتل أبيب والتي استمرت لأكثر من 30 عاما وما زالت مستمرة حتى الآن. وأضاف أن تعاون مصر مع الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة أثر على المنطقة كلها. وأوضح أن تعاون مصر مع أمريكا استمر بعد حرب الخليج ولا يمكن تصور كيف تمكنت الولاياتالمتحدة من التدخل في العراق وأفغانستان دون تعاون مصر؟ وأشار إلى أن العلاقات الاستراتيجية بين البلدين اليوم في نقطة انعطاف يمكن أن تكون لها تداعيات خطيرة لعقود قادمة إذا فشلت واشنطن في الالتزام بمسئولياتها كشريك خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها القاهرة وفي نفس الوقت تعمل على قمع العنف السياسي. وقال ويزنر إن متابعته لما يحدث في مصر يعطيه الأمل ويثير في قلبه القلق في آن واحد ،ولكنه مقتنع أن مصر ستعمل على مواجهة تحدياتها الحالية للخروج إلى الاستقرار ويحتمل أن تصبح بعد ذلك أمة ديمقراطية ،ومع ذلك فهو غير متفاءل حول مستقبل العلاقات الثنائية بين مصر والولاياتالمتحدة. ورأي ويزنر أن مصر دخلت مرحلة جديدة في تاريخها سوف تجعلها أكثر استقلالية ،وستكون هناك غيرة من أجل تأكيد سيادتها كما ستسعى إلى توسيع قائمة شركائها الدوليين الذين ستتعاون معهم وسوف تؤثر مواقف الدول على سياسة حكوماتها العامة وهذا لم يكن الحال خلال السنوات التي حكم فيها حسنى مبارك ،وللأسف الولاياتالمتحدة حتى الآن لم تقدر أن التاريخ لن يعود إلى الوراء ،ومصر لن تكون كما كانت عليه في عهد مبارك أو الإخوان لأن المصريين سوف يكتبون مستقبلهم بأنفسهم بعد ان عانوا خلال ثلاث سنوات من الفوضى ،فهم يريدون فقط الاستقرار ويسعون لفهم أصدقائهم ولاسيما واشنطن. وأكد أن أمريكا لم تتح الفرصة لمصر للاستماع لها جيدا،وقال إنه لا يعتقد أنه تم استيعاب القاهرة التي تولي استراتيجيتها الإقليمية لتحقق المصالح الأمريكية الأساسية ،مضيفا أن إدارة العلاقات المصرية في السنوات المقبل أمر ضروري لمستقبل المنطقة والسلام في الشرق الأوسط ،ويجب ان يتم ذلك من خلال أمهر الدبلوماسيين الأمريكيين. وشدد "ويزنر" على أن العلاقات بين البلدين ذات أهمية استراتيجية كبيرة فلا يمكن حل أي من المشكلات الإقليمية الحيوية التي تشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي من دون القاهرة ومن هذه الأزمات الأوضاع في سوريا وليبيا والسودان وإدارة موارد نهر النيل وطمأنة العالم العربي السني ولاسيما دول الخليج وأنهم ليسوا وحدهم يقفون في مواجهة إيران ،وإضافة إلى ذلك قضية الصراع العربي الإسرائيلي. ولفت ويزنر إلى أن هذه الأزمات قد تحل اليوم ولكن لن تظل العلاقات المصرية الأمريكية كما هي في المستقبل والحفاظ عليها أمر ضروري فالعلاقات مع القاهرة مهمة لواشنطن وهذا يعني انه يجب التعاون مع السلطة الجديدة أيا ما كانت. وقال : إن هناك انتقادات أمريكية لما يحدث في مصر على اعتبار أن واشنطن تعمل على حماية حقوق الإنسان ولكن القاهرة الآن تسعى لمواجهة العنف والإرهاب ،ولذلك فإن هناك غضب شديد من قبل المصريين على الولاياتالمتحدة ويجب أن يكون ذلك محل تقدير ،لافتا إلى أن مسألة العلاقات العسكرية والاقتصادية أصبحت أكثر حساسية وسوف يتم تأخير المساعدات على نحو غير ودي للغاية لاسيما مع وجود الإرهاب في سيناء. ودعا ويزنر مسئولي الإدارة وأعضاء الكونجرس الأمريكي للنظر بعناية في المستقبل لتقديم المساعدة لمصر ،وضرورة قيام أوباما بإبلاغ مصر أنه ينوي الإفراج عن بعض المساعدات لها من أجل الحفاظ على العلاقات مع مصر على المدى الطويل وهذا أمر مهم للغاية.