قال الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، إن ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن حدثًا عاديًّا، بل كان نقطة تحول تاريخية للبشرية جمعاء، وأن التاريخ توقف طويلًا أمام ميلاده صلى الله عليه وسلم، لما كان لهذا الميلاد من أثر عظيم في إخراج الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى نور الإيمان بالله الواحد الحق، وقد أحدثت دعوته صلى الله عليه وسلم تحولًا عميقًا في العلاقات الإنسانية، حيث أسست لمجتمعات قائمة على الحب والسلام والعدل. وأوضح خلال كلمته في احتفالية نقابة السادة الأشراف بالمولد النبوي الشريف بمركز الأزهر للمؤتمرات، أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم رسالة عالمية، حققت التوازن والعدالة بين جميع البشر، وقد جاءت هذه الشريعة العادلة لترسيخ الكرامة الإنسانية في جميع مراحل الحياة، من ميلاد الإنسان وحتى وفاته. وأشار إلى أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان دائمًا ما يوجه أصحابه إلى مبدأ التيسير في الدعوة، مستشهدًا بحديثه صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثتم ميسِّرين ولم تبعثوا معسِّرين»، موضحًا أن هذه الكلمات كانت توجيهًا واضحًا لحملة الدعوة من بعده، بأنهم أصحاب رسالة هادفة قائمة على التيسير والهداية وليس التخويف أو الترهيب، وأن الدعوة إلى الله تتطلب الحكمة والموعظة الحسنة، كما أمره الله تعالى: {0دۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِ0لۡحِكۡمَةِ وَ0لۡمَوۡعِظَةِ 0لۡحَسَنَةِ}. وأكد وكيل الأزهر الشريف أن بناء الإنسان الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا باتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه، والالتزام بما جاء في الكتاب الحكيم الذي جاء به، والتمسك بسنته وأخلاقه الكريمة وصفاته النبيلة، فقد كان صلى الله عليه وسلم مثالًا للرحمة والعدل والوفاء، ولننظر إلى وفائه لأمه بعد أمه السيدة فاطمة بنت أسد التي كفلته ورعته قبل أن تنتقل كفالته إلى عمه أبي طالب، فحمل لها برها حتى أنها لما انتقلت إلى جوار ربه نزل صلى الله عليه وسلم إلى قبرها ونام فيه وتأكد من مساواته وترتيبه، ثم كفنها بقميصه رحمة ورأفة منه صلى الله عليه وسلم وكان دعاؤه لها بالرحمة والمغفرة والرضوان، وهنا نتعلم منه صلى الله عليه وسلم كيف يكون الوفاء. وختم وكيل الأزهر الشريف حديثه بالإشارة إلى أن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لم تقتصر على أهله فقط، بل شملت جميع من حوله، وضرب أمثلة لتعامله صلى الله عليه وسلم مع الناس من حوله، منها مع أصحابه ومنها مع أهله ومنها مع غير المسلمين، وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم حافلة بهذه المواقف التي يجب أن نتأسى بتعامل وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم فيها، لننعم بحياة آمنة وصحية مليئة بالخير والبركة.