بنك أوف نيويورك يشيد بالتنسيق الإيجابي واللغة المشتركة للمجموعة الاقتصادية الجديدة في مصر    الإسعاف الإسرائيلى يرفع حالة الاستنفار والتأهب لأعلى مستوى فى جميع الأنحاء    مدحت شلبي معلقا على مباراة الأهلي وجور ماهيا الكيني    مصر للطيران تصدر بياناً توضيحياً حول رحلة رقم MS 987 المتجهة إلى نيو جيرسى    دراسة: الشاي والقهوة يقيان من مرض خطير مسبب للسكري والقلب    انهيار مبنيين سكنيين بالمنطقة التي استهدفت بالغارة في الضاحية الجنوبية لبيروت    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    غدًا.. انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس| حضور الطلاب تباعا لعدم التكدس.. و25 مليون طالب ينتظمون الأسبوعين المقبلين.. وزير التعليم يستعد لجولات ميدانية تبدأ من سوهاج وقنا    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    صدور العدد الجديد من جريدة مسرحنا الإلكترونية وملف خاص عن الفنانة عايدة علام    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة وسكرتير عام محافظة البحيرة يشهدان احتفال المحافظة بالعيد القومي    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    الكشف على 794 مريضا فى قافلة وتدريب 44 طبيبا بشمال سيناء ضمن مبادرة بداية    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    وزير العمل: حريصون على سرعة إصدار الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    «المتحدة» تستجيب للفنان أحمد عزمي وتتعاقد معه على مسلسل في رمضان 2025    إطلاق الإعلان التشويقي الرسمي لفيلم بنسيون دلال    القومي للمرأة بدمياط ينفذ دورات تدريبية للسيدات بمجالات ريادة الأعمال    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    مصدر لبناني: البطاريات التي يستخدمها حزب الله مزجت بمادة شديدة الانفجار    كوجك: حققنا 6.1% فائضا أوليا متضمنًا عوائد "رأس الحكمة"    جامعة عين شمس تعلن إنشاء وحدة لحقوق الإنسان لتحقيق التنمية المستدامة    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    نشوب حريق هائل في مخزن للبلاستيك بالمنوفية    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    الأزهر للفتوى الإلكترونية: القدوة أهم شيء لغرس الأخلاق والتربية الصالحة بالأولاد    موعد مباراة أوجسبورج وماينز في الدوري الالماني والقنوات الناقلة    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    معرض «الناس ومكتبة الإسكندرية».. احتفاء بالتأثير الثقافي والاجتماعي لمكتبة الإسكندرية في أوسلو عاصمة النرويج    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    القوات المسلحة تُنظم جنازة عسكرية لأحد شهداء 1967 بعد العثور على رفاته (صور)    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا.. ازدواجية دعم الإخوان ومكافحة الإرهاب
نشر في صوت البلد يوم 04 - 06 - 2014

على طريقة " السياسة لا تعرف عداوة دائمة ولا صداقة دائمة وإنما مصالح دائمة" بدأت الأمريكية المصرية في العودة إلى مسارها الطبيعي، ويأتي ذلك بعد أن أعلن البيت الأبيض موافقته على تسليم صفقة طائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي الأمريكية الجديدة إلى الجيش المصري كانت قد أوقفت إجراءات تسليمها في يوليو2013، وتعرضت العلاقات بين البلدين إلى حالة قطيعة أشبه بالعزلة فرضتها واشنطن بقطع برنامج المعونة الأمريكية عن القاهرة، في أعقاب سقوط الرئيس السابق محمد مرسي وعزله بواسطة وزير الدفاع السابق ومرشح الرئاسة المحتمل المشير عبد الفتاح السيسي، وهو ما عدته واشنطن "انقلاباً" على رئيس منتخب وتدخل من المؤسسة العسكرية، ورفضت مصر تدخل الإدارة الأمريكية ومساندة جماعة الإخوان المسلمين، وظلت مصر تعيب على الولايات المتحدة صمتها حيال ما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين من عمليات إرهابية هددت الأمن والاستقرار في البلاد.
عوامل كثيرة دفعت الولايات المتحدة لاتخاذ هذا القرار لكن أولها وأهمها طبيعة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وربما حماية واشنطن لمصالحها في الشرق الأوسط ومخاوفها من تصاعد انتشار الإرهاب الذي يهدد أمن المنطقة خاصة بعد إعلان الجيش المصري الحر من ليبيا.
خبراء سياسيون مصريون أرجعوا الأسباب إلى أن واشنطن لديها مخاوف من انتشار الإرهاب في مصر، خاصةً وأن حدود مصر أصبحت مستباحة للميليشيات المسلحة عبر حدودها الغربية والشرقية، ويعتقد البعض أن الصفقة تأتي في إطار التزام واشنطن بمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، باعتبارها السبب وراء استئناف شحنات المساعدات العسكرية.وربما تشعر واشنطن بضغوط سياسية أثقلت كاهلها بعد انتشار الجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، هذا ما يؤكده اللواء سامح سيف اليزل مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية، ويقول: أن هذا الأمر يضع القوى الإقليمية والأنظمة الحاكمة في اختبار حقيقي أمام مواجهة هذه التيارات الإرهابية، ورأت الإدارة الأمريكية أن مسئوليتها السياسية والعسكرية تتطلب مساندة دول الربيع العربي، وخاصةً مصر في حربها ضد الإرهاب باعتبارها قلب الشرق الأوسط، وأوضح أن التهديدات التي تحيط بالقاهرة عبر حدودها الغربية والشرقية، كانت سبباً رئيسياً وراء إفراج واشنطن عن صفقة الطائرات الهجومية من طراز "أباتشي"، لمواجهة مخاطر الميليشيات المسلحة، خاصةً وأن هناك ما يسمى جيش مصر الحر، الذي يتدرب في معسكرات ليبيا، وأعلن عزمه غزو مصر لتطبيق الخلافة الإسلامية، وهو الأمر الذي يتطلب طائرات الأباتشي باعتبارها قادرة على مواجهة الإرهاب، ويرى اللواء سيف اليزل أن الإدارة الأمريكية راجعت موقفها مجدداً، بعد أن عطلت صفقة الأباتشي المصرية بعد صيانتها، بجانب تجميد عقود صفقة جديدة والتي أفرجت عنها مؤخراً، وهو ما يعني أن واشنطن بدأت تدرك ولكن في وقت متأخر مخاطر انتشار الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط.
بينما يؤكد د.محمد قدري سعيد رئيس وحدة الشئون العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما إرسال مروحيات مقاتلة من طراز أباتشي إلى الجيش المصري، يأتي رداً على المشككين من جماعة الإخوان المسلمين الذين ظنوا أن واشنطن سوف تقطع علاقتها بالقاهرة بعد عزل مرسي، لافتاً إلى أن موقف واشنطن العسكري يختلف عن موقفها السياسي تجاه ما يحدث حالياً، لأن العلاقات العسكرية بين مصر وأمريكا تحكمها ثوابت إقليمية وتوازن قوى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى وجود معاهدة سلام بين تل أبيب والقاهرة برعاية أمريكية، وبالتالي فإن مسئوليتها العسكرية تجعلها غير قادرة على تجميد أي صفقات عسكرية مع الجانب المصري، حفاظاً على تأمين قناة السويس، وضمان المصالح الأمريكية في المنطقة، غير أن سعيد يستبعد أن تنفرج العلاقات على الجانب السياسي قائلاً : إفراج الإدارة الأمريكية عن صفقة طائرات الأباتشي لن يتبعه انفراجة على مستوى العلاقات السياسية المتوترة بين البلدين، خاصةً وأن واشنطن ستظل منزعجة من إقدام القوات المسلحة على عزل مرسي والإطاحة بالإخوان من الحكم، لأن أمريكا كانت ترغب في إعادة هيكلة الشرق الأوسط وفق مفاهيم جديدة، ورأت أن الإخوان أنسب الجماعات الإسلامية لتنفيذ مخططها في المنطقة، إلا في حال تصالح النظام المؤقت أو القادم مع جماعة الإخوان المسلمين، لكن المقصود من المروحيات تعزيز عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء، وهي خطوة لمواصلة دعم كل من مصر وإسرائيل لمواجهة المسلحين في المنطقة.
إلا أن د.عماد شاهين أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، لا يرى في الأصل سبباً واضحاً لحالة التباعد السياسي بين واشنطن والقاهرة، والبلدان يحاولان تجديد العلاقات الاستراتيجية وفق مجموعة منقحة من المصالح المتبادلة، ويقول: أنه منذ الاضطرابات الشعبية التي وقعت عام 2011 والإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك تظهر حقيقة أن ثلاث على الأقل من الركائز الأربع التي بنيت العلاقة منذ عقود بين البلدين لا تزال في مكانها، أبرزها الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، الأمن في سيناء، القضية الفلسطينية، ولذلك فإن الحفاظ على معاهدة السلام وتعزيز العلاقات المصرية الإسرائيلية لا تزال مهمة للولايات المتحدة، خصوصاً أن واشنطن تسعى بنشاط لحدوث انفراجة في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية بمعاونة القاهرة، ويؤكد أن التعاون العسكري والاستخباراتي بين أمريكا ومصر، لا يقل أهمية عن العلاقات السياسية، نظراً لأن القاهرة تواجه عدداً من التحديات الأمنية والإقليمية، والتي تتطلب مساعدة أمريكا لتسويتها، بما في ذلك تسوية المنازعات بالوسائل السلمية على مياه النيل، وإدارة الفوضى في ليبيا، والتركيز على مكافحة تمرد الإرهابيين في سيناء، وبالتالي كما يضيف شاهين فإن مصر بحاجة إلى أدوات لمكافحة الإرهاب، وتابع : من هنا أفرجت واشنطن عن صفقة طائرات الأباتشي المقاتلة، وعلاوة على ذلك، فإن المصالح السياسية والأمنية في مصر تمتد إلى أبعد من ذلك، على سبيل المثال منطقة الخليج تعتبر أن أمن مصر عنصر أساسي لأمن المنطقة.
وفي سياق متصل يشير د.حازم حسني أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن عدم الثقة وسوء الفهم بين الجانبين المصري والأمريكي منذ عزل مرسي، يقف عائقاً أمام تسوية الخلافات المشتركة بين البلدين، فواشنطن ترى أن مصر لا تزال دولة سلطوية يهيمن عليها الجيش، ويوضح قائلاً: أن الإدارة الأمريكية تتجاهل احترام الحقوق والحريات الأساسية للمدنيين، والمصريين يعتقدون أنها المسئولة عن جميع العلل التي حلت ببلادهم منذ قيام الثورة، حتى أنهم يعتقدون أن واشنطن وراء صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة من أجل الهيمنة على البلاد، ويؤكد أن واشنطن تعتقد أن السياسة الداخلية المصرية لا تصلح للتفاؤل أو التهاون فيما يتعلق بآفاق الديمقراطية، خاصةً في ظل القمع الوحشي ضد الإخوان وبعض المعارضين الليبراليين للحكومة المؤقتة، وتابع: بالإضافة إلى أن واشنطن ترفض ترشح وزير الدفاع السابق عبد الفتاح السيسي للرئاسة، وهو الأمر الذي قد يؤزم العلاقات السياسية بين البلدين ويجعلها فاترة مستقبلاً في حال فوز السيسي بالرئاسة، خاصةً وأن الرجل يمتلك طموح العودة إلى الحقبة السوفيتية، وهو ما قد يجعل واشنطن تظهر بعض المرونة حتى لا تضع روسيا مكاناً داخل الدولة المصرية.
حتى أن العلاقة بين واشنطن ومصر أصبحت معلّقة بخيط رفيع، يجذبه غضب متبادل بشأن الخلافات السياسية الحقيقية والمتصورة بين البلدين، على حد تعبير د.مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذي يؤكد أن صفقة الأباتشي التي أفرجت عنها الإدارة الأمريكية، تعكس رغبتها في استمرار المصالح الأمنية المتبادلة، وتحديداً في شبه جزيرة سيناء، ومنعها من أن تصبح ملاذاً ينعدم فيها القانون، وينتشر فيها النشاط الإجرامي والإرهابي؛ ويشير إلى أن مصر تحتاج ضغوط أمريكا لحل نزاعات مياه النيل مع إثيوبيا ودياً، وأيضاً استمرار عدم الاستقرار في جنوب السودان واحتمال تصاعد الخلافات الداخلية ينعش قتالاً عبر الحدود مع السودان، يضر بحدود مصر الجنوبية، ولذلك فإن عودة العلاقات تمثل أمراً حيوياً لمصالح البلدين في المنطقة، وينبه إلى أن أمريكا عليها أن تدرك أنه ليس من الحكمة شطب ثورة مصر ضد الإخوان المسلمين، أو أنها قضية خاسرة وأن مصر عادت بشكل دائم إلى القمع الأمني مثل الماضي، ولكن من الضروري أن تستوعب أن القاهرة تعيش زمن الأزمات والفوضى، ولم يتم كتابة نهاية القصة، وعلى البيت الأبيض أن يتعامل بحذر مع النظام القادم، المتوقع أن يكون على رأسه المرشح المحتمل للرئاسة عبد الفتاح السيسي، بدلاً من أن تسعى إلى تدمير أي نظام سياسي يخالف السياسة الأمريكية، ويرى أستاذ العلوم السياسية أن مصر في حاجة إلى المعدات والتدريب لمكافحة الإرهاب، على التوازي مع مسار الإصلاح والتعددية والانفتاح، وإقرار وتيرة ونطاق التغيير الحقيقي لإعادة بناء الثقة المفقودة مع الإدارة الأمريكية. لكن الفشل في اتخاذ هذه الخطوات بالتأكيد سوف يسمح باستمرار تآكل الثقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.