برغم ما تتسبب فيه جماعة الإخوان من كوارث وأزمات تهدد أمن الشعوب، من خلال مختلف أنواع الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة، والذي أصبح الآن ممتدا إلى الكثير من الدول الغربية والأوروبية، إلا أن أوروبا وأمريكا لا يزالان مصران على الاحتفاظ بأفراد وقيادات تنتمي لجماعة الإخوان، وهو ما يطرح تساؤلا هاما في ذات التوقيت، وهو الإصرار من قبل تلك الدول بالاحتفاظ بقيادات الجماعة التي لا تزال متواجدة في عدد من الدول إلى ذات اللحظة. ترامب يتراجع في تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية كانت من الأشياء الملفتة خلال اليومين الماضيين، حيث أعلنت إدارة ترامب رجوعها في قرار تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، كجماعة إرهابية، حيث كشفت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية عن أن الرئيس دونالد ترامب أرجأ مبدئيا مرسوما أصدره سابقا بحق جماعة الإخوان المسلمين يصنفها كإرهابية. وأوضحت الصحيفة أن البيت الأبيض رفض التعليق على الأمر، فيما أفصح مسؤولون، إن الإرجاء حدث، بعدما تم إصدار مذكرة داخلية من وزارة الخارجية الأمريكية تنصح بالتراجع، على اعتبار أن هيئة الجماعة مشتتة، فضلا عن أن علاقتها السياسية في الدول الشرق الأوسطية متباينة. بريطانيا المحتضنة للإخوان كما تحتضن بريطانيا عددا كبيرا من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، برغم ما يحدث لها من تخريب وتدمير على يدها، حيث يتواجد على أرض بريطانيا الكثير من قيادات الجماعة الهاربين من أحكام قضائية، من بينها هؤلاء سُندس عاصم المحكوم عليها بالإعدام في مصر والتي اختيرت أوائل عام 2013 ضمن الفريق الرئاسى للرئيس المصري الأسبق محمد مُرسى منسقةً للإعلام الأجنبي، بجانب أمين التنظيم الدولي للإخوان إبراهيم مُنير، والقيادي بجماعة الإخوان محمد سوادن. التواجد "الإخواني" في أوروبا وتتواجد جماعة الإخوان في العديد من الدول الأوروبية، وليس بريطانيا أو أمريكا فحسب، حيث تأتي فيما يقرب من 13 دولة أوروبية، ومنها بريطانيا، حيث يتواجد الإخوان بشكل فكري كبير، ولهم مكتب إعلامي مشهور بلندن، ولهم تأثيرات في العديد من المؤسسات هناك، وكذلك ألمانيا، حيث تكون الجماعة العديد من الجمعيات، من بينها الجمعية الإسلامية، التي تأسست عام 1958، فضلا عن التواجد الفكري الكبير. وتتواجد ألجماعة أيضا، في أستراليا، عبر العديد من المؤسسات، وكذلك روسيا، إلا أنه يتواجد فيها كتيار فكري دعوي ليس تنظيمي، والبوسنة والهرسك، حيث لا تزال تتواجد بدور دعوي وتربوي وخيري، فيما تتواجد أيضا حسبما أكد مصدر مسؤول بالإخوان، إن الجماعة متواجدة في دول أوروبية أخرى وهي، إيطاليا، وفرنسا، وأسبانيا، وسويسرا، والدنمارك، والسويد، وفنلندا، بجانب أمريكا الشمالية وببعض دول أمريكا الجنوبية. تساؤلات وفي خضم هذا التأرجح في اتخاذ موقف حاسم أوروبي ضد جماعة الإخوان المسلمين، تأتي الكثير من التساؤلات لا سيما مع تزايد الهجمات الشرسة الإرهابية، وتقوية جماعات الإسلام السياسي، وهي ما يتعلق بسر تمسك بعض دول أوروبا بجماعة الإخوان ولماذا لم تقم بالتعامل المطلوب؟. موقف متأرجح لمصالح وأهداف وفي سياق التساؤلات، أكد اللواء "عبد المنعم كاطو"، الخبير الاستراتيجي، إن الدول الأوروبية لا تزال غير واضحة في موقفها ضد جماعة الإخوان المسلمين، برغم الهجمات الإرهابية التي تضربها بين الحين والآخر، مشيرا إلى أنها لا تزال تنظر إليهم على أنهم جماعات سياسية معتدلة. وأضاف كاطو، في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أنه برغم اتخاذ موقف جدي أمام الإخوان في تلك الدول، إلا أن مخابراتها وأجهزتها الأمنية، تمارس دورا كبيرا في مراقبتهم. ولفت إلى أن الإخوان يمارسون دورا استعماريا جديدا لصالح تلك الدول، من بينها تنفيذ مخططاتهم الاستعمارية، والتي تأتي عن طريق تنفيذ طرق الجيل الرابع من الحروب، الذي يقوم على تفتيت الدول ومن ثم تخريبها، موضحا أن الإخوان يمثلون خطرا كبيرا على تلك الدول، وسيكون كارثي في الأيام المقبلة. إستفادة كبرى في تفتيت الشعوب ويؤكد اللواء "رضا يعقوب" المتخصص في الإرهاب الدولي، إن جماعة الإخوان المسلمين، لديها نفوذا قويا في تلك الدول، لا سيما الفاعلة في الأحداث، مشيرا إلى أن هذا الأمر سبب عبر السنوات الماضية، تعاونا كبيرا بين الجماعة وبين تلك الدول، بهدف استعمال الضغط على دولها الأم مثل مصر. وأضاف في تصريحات خاصة ل "الفجر"، أن الغرب أيضا لا يريد محاربة جماعة الإخوان المسلمين، نظرا لأن الجماعة تخدم أهدافهم في تفتيت الوطن العربي، وجعلها لقمة مستساغة في أيدي هؤلاء الذين يعملون جميعا من أجل تفتيت الدول العربية لصالح إسرائيل. وأوضح أن الإخوان يمثلون خطرا كبيرا على تلك الدول، لا سيما أنها تمثل الجماعة الأم لجميع أنواع وحركات وجماعات التطرف الحالية، وهو ما ستكتوي به أوروبا بعد ذلك. تعقيدات ومشكلات كما أكد الكاتب "أشرف أبو الهول" المخصص في الشأن الدولي، أن أوروبا متمثلة في بريطانيا، لديها مشكلة كبيرة في مواجهة الإخوان المسلمين، ولذا هناك تفكير كبير وعميق تجاه اتخاذ أي موقف تجاه الجماعة. وأضاف أبو الهول في تصريحات خاصة ل"الفجر" أن كثرة الأعداد والقيادات لدى بريطانيا، وكذلك رؤية بريطانيا للإخوان من ناحية أنها لا ترتبط بعمليات تنظيم داعش، وهو ما يجعلها تتخذ موقفا سلميا إلى ذات اللحظة تجاه جماعة الإخوان. وعن تراجع الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، أوضح أبو الهول أنه لم تتراجع عن موقفها وإنما هناك دراسات هامة في هذا الشأن، بجانب أن البعض من أعضاء الكونجرس يهتمون لفرض هذا القانون.