20 جامعة حكومية و21 جامعة خاصة تضم نحو مليوني طالب وطالبة, في بر مصر, تمثل الآن نموذجا حقيقيا للعنف والبلطجة في أبشع صورهما, في مرحلة كان من المفترض أن يقدم فيها طلاب مصر النموذج والرسالة إلي العالم الخارجي; بأن مصر واحة سلام وأمن واستقرار. علنا نستعيد جزءا من ثقة العالم فينا سياحيا واستثماريا, ناهيك عما يمثله الاستقرار التعليمي من جذب لطلاب العلم من بقاع عديدة, هربت الآن إلي مواطن أخري, وجدت فيها الأمن, حتي لو كان التعليم هناك تشوبه شائبة, فما بالنا إذا كنا في وطننا وفي مؤسساتنا التعليمية نفتقد هذه وتلك؟! هذه هي الحقيقة, التي أعتقد أننا نعيها جيدا, وهي أن التعليم أصبح مجرد ذر للرماد في العيون, ويبدو أننا قد ارتضينا ذلك, أما أن يذهب الطالب إلي الجامعة, وقد لا يعود, إما للإصابة أو الوفاة, لا قدر الله, وإما لاعتقاله أو احتجازه, أو القبض عليه نتيجة' جرم' ارتكبه داخل الحرم الجامعي- فنحن أمام كارثة, لابد من تداركها, علي وجه السرعة, وأنا أعتقد أننا سوف نتداركها, إلا أننا, كالعادة, لا نتدارك الأشياء إلا بعد أن تقع الكارثة بالفعل, وهو ما نتوقعه الآن! ولذلك.. يجب عدم الصمت علي هذه المأساة, التي تشهدها جامعاتنا, بصفة يومية, إلي أن تقع الكارثة, والكارثة هنا قتلي, ومصابون, ومعتقلون, لقد أصبحنا جميعا نشم رائحة الدماء كل يوم, ونتابع أخبار العنف, والعنف المضاد داخل معظم الجامعات, كل صباح ومساء, وكأنها أحداث طبيعية, وذلك بعد أن اعتادها المجتمع, بل لم نجد بين جامعاتنا, سواء الحكومية أو الخاصة, من اتخذت موقفا حاسما تجاه ذلك الذي يحدث, وكيف ستتخذ موقفا وهي تجد بين القوي السياسية خارج الجامعة من يدافع عن هؤلاء الطلاب وما يرتكبونه من جرم بحق وطنهم؟!.. بل هناك أيضا من يزكي روح العداء والانفلات هذه! نحن هنا.. لا نتحدث عن المخدرات داخل الجامعات, فقد أصبحت أمرا طبيعيا دقت وسائل الإعلام جرس الإنذار تجاهه علي مدي سنوات طويلة مضت دون جدوي, ولا نتحدث هنا عن الزواج العرفي داخل الجامعات, فقد نال ما نال من الرصد والإحصاءات والأبحاث, دون جدوي أيضا, ولا نتحدث هنا عن العلاقة المهترئة بين الطالب والأستاذ, إما لنقص في تربية الطالب, أو لنفس ضعيفة لدي بعض الأساتذة, فقد أصبحت ظاهرة مرتبطة بخلل في المجتمع, وإنما نتحدث هنا عن سلاح أبيض وآلات حادة داخل الحرم الجامعي ومدرجاته, سوف ينقلب بين لحظة وأخري إلي سلاح ناري, سنستيقظ يوما علي أصواته وضحاياه. يجب أن نقر أولا بأن هناك نحو90% من أبنائنا وبناتنا الطلاب يتوجهون إلي الجامعات بصفة يومية بدافع التعليم, والتعليم فقط, بمعني أن هؤلاء ضحايا لنسبة ال10% الأخري, التي اعتادت الهرج والمرج والانفلات, كما أن نسبة ال90% هذه ترفض, وبشكل قاطع, ممارسة أي نشاط داخل الجامعة لا يتعلق بالعام الدراسي المتمثل في التعليم, وهذه الأغلبية الكاسحة تفقد الكثير من التركيز والاستيعاب في ظل ما يسمي بالمظاهرات والاحتجاجات داخل الحرم الجامعي, وبذلك فإننا أمام ضرر مباشر يقع علي الطالب الملتزم, يؤثر تأثيرا مباشرا وحتميا علي نتيجة وتقديرات نهاية العام لديه, ناهيك عن مستوي علمي متدن, أعتقد أن نتائجه واضحة في سوق العمل الآن, وبذلك فإنها نظرة قاصرة تلك التي تري هذه الأوضاع بعيون أمنية فقط, أو التي تتابعها من خلال زاوية السيطرة ليس أكثر, أو حسابات المكسب والخسارة علي الصعيد السياسي, دون النظر إلي ما تمثله هذه الأوضاع من خسائر فادحة للمجتمع علي المدي القريب والبعيد علي السواء. أعتقد أن الأمر الآن داخل الجامعات في حاجة إلي إعادة نظر شاملة, بدءا من الكتابة علي الجدران, وعلي أرضيات الحرم الجامعي, فما بالنا إذا كانت تحمل شعارات خارجة عن المألوف, أو تحريضا وتجاوزا في حق القائمين علي الجامعة, بل علي أمر البلاد بصفة عامة, كما أن الاعتداء علي أساتذة الجامعة, أو العاملين بها, سواء بالقول أو الفعل, يجب ألا يمر هكذا دون رد فعل يتناسب مع مستوي الحدث, وذلك لأننا أمام صبية في مرحلة التقويم والتهذيب, وإلا فكيف سيتم التعامل معهم بعد التخرج وهم بهذه الأخلاقيات؟!.. أضف إلي ذلك, أنه بدا واضحا أننا قد ارتضينا المشاحنة والبغضاء والانقسامات, كحالة طبيعية بين طلابنا, وهو ما يعزز من هذه السلبيات والسلوكيات في حياتهم السياسية والعملية فيما بعد, بمعني أننا أصبحنا أمام مجتمع يؤصل لهذه المأساة, بل يربي النشء علي البلطجة كوسيلة تخاطب, يصعب فيما بعد تقويمها أو علاجها. وسوف تستوجب إعادة النظر الشاملة, في هذه القضية, فتح ملف العمل السياسي داخل الجامعات, وهو الملف الذي يراه البعض, للأسف, أحد مظاهر الحرية والديمقراطية, وإعداد الأجيال, وتربية الكوادر... إلي غير ذلك من المصطلحات الرنانة, إلا أنها في حقيقة الأمر لا تعدو كونها مزايدات, لا تسمن ولا تغني من جوع, وإلا لما كانت هذه حال حياتنا السياسية, والحزبية, التي فشلت فشلا ذريعا, علي مدي أكثر من نصف قرن, في الاستقرار علي دستور, أو طريقة انتخابات, أو حتي صلاحيات رئيس, أو واجبات مرءوس, وهو الأمر الذي يجعل هذه القوي السياسية, الآن, مطالبة بالابتعاد عن الطلاب, وجامعاتهم, وأن تنأي بنفسها عن الخوض في العملية التعليمية من أي اتجاه, علي اعتبار أنها مهمة إدارة الجامعة أولا وأخيرا, ويجب ألا ينازعها في هذا الاختصاص أي طرف آخر, أو أي سلطة أخري, وخاصة في مثل هذا المنعطف الخطير من حياتنا. فقد تصبح إدارة الجامعة مطالبة بفصل نسبة ال10% من الطلاب المنفلتين لديها, وقد تصبح مطالبة بمنعهم من دخول الحرم الجامعي لمدة عام أو أكثر, وقد يصبح المجلس الأعلي للجامعات أمام موقف يفرض عليه حرمانهم من القيد بأي من الجامعات الأخري, وهنا يجب ألا يكون هناك رأي آخر لأي من السلطات القائمة بالبلاد, تنفيذية كانت, أو تشريعية, أو قضائية, وذلك لأن الأمر لا يتعلق الآن بمجرد تربية وتعليم, وإنما تجاوز ذلك إلي التهذيب والإصلاح, لمن حمل أدوات قتل, وسفك دماء, واعتدي علي زملاء الدراسة, والأساتذة, وخرب ممتلكات عامة, وجميعها أمور ترقي عقوبتها إلي السجن والتغريم, وبذلك فقد أصبح الطالب في عداد معتادي الإجرام, وليس في عداد طلاب العلم أبدا, وهو ما يجعل من العقوبات الجامعية أمرا بديهيا, لا يجب تخفيفها, أو إعادة النظر فيها لعوامل سياسية, هي في الحقيقة عوامل فشل الدولة القائمة, والسلطة الحاكمة. نحن بالفعل.. علي أبواب كارثة يجب تداركها سريعا بقرارات استثنائية تضمن استقرار العام الدراسي, مهما تكن مرارة هذه القرارات, التي أراها تتمثل فيما يلي: وقف كل مظاهر العمل السياسي بالجامعات, وأي أنشطة أخري تحمل في طياتها هذا الطابع حتي لو كان سلميا. وقف المظاهرات والاحتجاجات داخل الحرم الجامعي, لأي سبب كان, وذلك لإيجاد الجو المناسب للطلاب المجتهدين في تحصيل دروسهم, وللأساتذة في القيام بعملهم. تصبح إدارة الجامعة مطالبة بالتعامل مع كل حالة خروج عن اللياقة بصفة يومية, وبقرارت فورية, دون تباطؤ أو تخاذل. علي أساتذة الجامعات استبعاد أهوائهم السياسية, واتجاهاتهم الحزبية, داخل الحرم الجامعي, حتي لا يكونوا بمثابة وقود يشعل الفتنة بين الطلاب. نشر روح التسامح في صفوف الطلاب, وعدم التعصب لمذهب فكري, أو اتجاه سياسي, من خلال ندوات متخصصة, وذلك في محاولة لامتصاص ما يتم تناوله علي امتداد الليل بالفضائيات من شحن وترويع. وإذا كان هناك من يطالب بفصل الدين عن السياسة, فأولي بهم أن يطالبوا بإبعاد النشاطين الديني والسياسي عن الجامعات, وخاصة في هذه المرحلة, بعد أن نخرت الفتنة هذه وتلك معا, وللأسف فإن من يطالبون بالأولي, هم الذين يستنكرون الثانية, فلم تعد الفتنة في المجتمع دينية فقط, بعد أن امتدت إلي الجانب السياسي في صور وأشكال عديدة, من بينها التمويل, والتدريب, والطابور الخامس, وحرب الجيل الرابع... وغيرها من المسميات, بعد أن فتحت البلاد أبوابها علي مصراعيها أمام عمليات الارتزاق والتربح والثراء, تحت عناوين ومسميات عديدة, ما بين منظمات أجنبية, وجمعيات أهلية, وما أخشاه هو أن تصبح الجامعات هدفا لهؤلاء وأولئك, إن لم تكن قد أصبحت بالفعل, وهو ما يجعلنا ندق جرس الإنذار الأخير, ما دام العام الدراسي قد وضحت معالمه إلي هذا الحد, الذي أصبح عنوانا رئيسيا يوميا في الصحف, وخبرا مهما يتصدر نشرات التليفزيون, ووكالات الأنباء. وأذكر هنا.. أن إحدي الجامعات الخاصة, وهي جامعة مصر الدولية, قد تعطلت بها الدراسة العام الماضي نحو شهر كامل, بفعل حفنة من الطلاب تعد علي أصابع اليد, وقد تدخل وزير الشباب في ذلك الحين تدخلا صارخا, من أجل وقف عقاب هذه الحفنة, أملا في استمالتهم سياسيا وأيديولوجيا, دون النظر إلي عواقب مثل هذا التدخل, الذي جعل الجامعة تقف مكتوفة الأيدي تجاه من أضروا بزملائهم ضررا بالغا, بعد أن تغيبوا عن الدراسة كل هذه الفترة, وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أننا أمام جامعة خاصة, وكان ما تخشاه الجامعة في ذلك الوقت, هو أن يسعي الطلاب المتضررون إلي الاصطدام بزملائهم المنفلتين هؤلاء, كما عاش طلاب جامعة المنصورة في هذا الوقت أيضا أسابيع عصيبة, إثر صراع أيديولوجي بين الطلاب أسفر عن جرحي, وخسائر كبيرة في الممتلكات العامة للجامعة, والسيارات الخاصة للأساتذة, وهي أمور كانت كفيلة باتخاذ قرارات حاسمة في وقتها, إلا أن نظام الحكم, في ذلك الوقت, لم يكن يسعي إلي وأد مثل هذه الفتن, ولكن ما هو مبرر التخاذل الآن؟! أعتقد أن.. الظروف التي تمر بها البلاد الآن, وخاصة ما يتعلق منها بالحرب علي الإرهاب, تستوجب من الحكومة مواجهة الانفلات الجامعي بحسم ودون مواربة, أو علي الأقل تفويض إدارة كل جامعة في التعامل مع الموقف لديها بما تراه دون تدخل, ودون الاعتماد علي الحلول الأمنية وحدها في هذا الشأن, وذلك لأن الحلول الأمنية لن تحقق الغرض هنا من تقويم وإصلاح, بل إنها في مثل هذه الحالات يمكن أن تزيد الأمر سوءا, وفي هذا الصدد سوف نظل نناشد أولياء الأمور أن يكونوا علي مستوي المسئولية في رعاية أبنائهم, حتي داخل الحرم الجامعي, بمعني متابعة أنشطتهم, وسلوكياتهم, وتوجيههم إلي ما فيه مصلحة الأسرة, ومصلحة الوطن, وذلك لأن هذه المرحلة العمرية عرضة للتأثر بالإغراء تارة, والترغيب والترهيب تارة أخري, وهو الأمر الذي يتطلب متابعة دقيقة, قد تكون إدارة الجامعة قاصرة عن القيام بها, إلا أن رب الأسرة يجب ألا يكون بمعزل عنها. علي أي حال.. قد أكون متشائما إذا اعتبرت أن استمرار ذلك التوتر الحاصل بالجامعات يمكن أن يمثل في المستقبل شرارة لزعزعة استقرار المجتمع ككل, إلا أن ما لا يمكن قبوله هو أن تستمر هذه الأوضاع دون أن نعيرها الاهتمام الذي يتوافق مع حجم ما تمثله من أزمة يومية تلقي بظلالها علي أمن المجتمع وأمانه, بل اقتصاده ومستقبله, وقد أكون متشائما إذا توقعت قرارا بوقف الدراسة بالجامعات هذا العام, حال استمرار مثل هذه المصادمات اليومية بداخلها, إلا أن ما لا يمكن قبوله, في هذه الحالة, هو أن تسدد نسبة ال90% الراغبة في التعليم, والحريصة عليه, فاتورة انفلات نسبة ال10%, التي ربما لن يزعجها مثل ذلك القرار, بل ربما كانت تسعي إليه لتحقيق هدف ما, ولكن في كل الأحوال, فإن المؤشرات تؤكد أن جامعاتنا في خطر, وطلابنا في خطر, ومستقبل التعليم لدينا في خطر.. فماذا نحن فاعلون؟! عفوا.. أيتها الحكومة! لا أدري, أهو الأمن, الذي أشار لدواع أمنية إلي ضرورة نقل اجتماعات الحكومة من مقرها الرسمي في وسط القاهرة إلي وزارة الاستثمار, ثم إلي وزارة الطيران, ثم إلي أكاديمية الشرطة, كما هو مقترح الآن, أم هي مخاوف الحكومة ذاتها؟ وأيا كان صاحب القرار, أو أيا كانت الجهة المرتعدة من استهداف الوزراء من قبل مجموعات إرهابية, فإننا أمام رسالة خاطئة في توقيت يحتاج إلي الكثير من الرسائل الصحيحة, أو رسائل الطمأنة, ليس إلي الداخل فقط, وإنما إلي الخارج بنسبة أكبر. ففي الوقت الذي نطالب فيه السائحين والمستثمرين الأجانب بالتوجه إلي مصر, باعتبارها بلدا آمنا, نفاجأ بأن القائمين علي أمر البلاد يشهدون رسميا بانفلاتها وخطورتها, وفي الوقت الذي نسمع فيه تصريحات الحكومة بعودة الأمن والاستقرار, تخرج علينا هي نفسها بتصرف غريب, يوحي بأن كل هذا مجرد تصريحات لا أساس لها. مطلوب من الحكومة أن تجتمع في الشارع, في حماية المواطنين, ومطلوب من الأمن الموافقة علي حضور الجماهير مباريات الكرة, ومطلوب من القائمين علي المهرجانات الفنية والثقافية تكثيف الحملات الإعلانية بالخارج لهذه المهرجانات, ومطلوب من الفضائيات نقل حركة الشارع لحظة بلحظة, ونقل حركة المواني والمطارات, ونقل الركاب والبضائع, ومطلوب من الصحف رصد حركة الأسواق, والبيع والشراء, والحركة التجارية في البلاد, بصفة عامة, ومطلوب من الشرطة الموافقة فورا علي طلبات إقامة السرادقات, والأفراح, والموالد, والأمسيات. بهذا وذاك.. يمكن أن نرسل رسائل الطمأنة إلي العالم, بأن الحياة تدب في كل ركن من أركان مصر: في الشواطئ, والمنتجعات, والمناطق الأثرية, والمزارات, ودور السينما, ودور العبادة, والمقاهي, والمطاعم, وهي الرسائل التي يتم تتويجها بحكومة مستقرة في مقرها, ووزراء آمنين في مكاتبهم, وإلا فلا جدوي من وراء كل ذلك. تأمين الحكومة, إذن, مسئولية جهاز الأمن, أيا كان المكان الذي يستضيف اجتماعاتها, ومخاوف الوزراء, إلي هذا الحد, أعتقد أنها في غير محلها, وذلك لأن الإرهاب لن يضل طريقه إلي وزارة الاستثمار, أو وزارة الطيران, أو أي مكان آخر, بل إن الواقع يؤكد أن مقر مجلس الوزراء هو الأكثر أمنا, باعتبار أنه يقع في منطقة متخمة بالمؤسسات الرسمية للدولة, هي الأكثر تأمينا علي الإطلاق. وإذا كان من حق الوزراء الهروب من مواقعهم, فسيكون من حق موظفي الوزارات هم الآخرون أن يحذو حذوهم, وهكذا يمكن أن تعيش حكومتنا بموظفيها في حالة من القلق والرعب, وتصدير هذه الحالة للدرجات الأدني في المحافظات والمواقع الأخري, وحين ذلك قد لا تصبح هناك حكومة, أو جهاز إداري في الدولة بصفة عامة, بسبب خطأ في التفكير, أو في الحسابات الأمنية. ما يجب أن نعيه هو أن النهوض من هذه العثرة, التي نحن بصددها الآن, يحتاج منا الكثير من الجهد, والصمود, والإيثار, كما أن حياة الخوف والقلق لن تؤدي إلا إلي مزيد من التوتر, وعدم القدرة علي اتخاذ القرار, في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلي رجال أشداء, يقودون هذه المرحلة بهمة عالية, وروح وطنية منقطعة النظير, أما إذا استمرت هذه الحالة علي هذه الوتيرة المرتعشة, والمترددة, فلن يكون هناك أمل في الخروج من هذا النفق, مهما تكن التصريحات وردية, ومهما تكن الخطب رنانة. هي إذن.. دعوة إلي مجلس الوزراء بالتراجع فورا عن قرار الهروب, ومواجهة الموقف بشجاعة, بل إن الأمر يحتاج إلي قرارات أخري مماثلة في هذا الشأن, تعيد للدولة هيبتها, وتثبت للمواطن أنه في أيد أمينة, وللزائر أنه في بلد آمن, وهذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها, إلا أن الأمر يحتاج فقط إلي إعادة نظر سريعة لتداركه, قبل انتشار عدوي الهروب! نقلا عن الاهرام