قال وزير الداخلية السوري، إن مفجرًا انتحاريًا قتل 26 شخصًَا وأصاب 63 آخرين في دمشق يوم الجمعة وتعهد بأن ترد سوريا "بيد من حديد" على المجزرة التي وقعت في قلب العاصمة السورية بعد هجمات مشابهة وقعت قبل أسبوعين. وقع التفجير قبل يومين من مناقشة لجنة تابعة للجامعة العربية لتقرير بعثة المراقبين العرب المكلفة بالتحقق من مدى التزام سوريا بالخطة العربية الرامية لوقف حملة الرئيس بشار الاسد ضد معارضيه المستمرة منذ نحو عشرة أشهر. ومن شأن هذا الاجتماع أن يحسم استمرار المهمة أو إحالة سوريا إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مما قد يمهد الطريق أمام تحرك دولي تحرص دول عربية عديدة على تجنبه. وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إنه أرسل رسالة الى سوريا مع خالد مشعل زعيم حركة حماس التي تتخذ من دمشق مقرا لها يطلب فيها من الحكومة السورية العمل على وقف العنف. ونقل التلفزيون السوري عن وزير الداخلية ابراهيم الشعار قوله ان عدد قتلى التفجير الذي وقع في حي الميدان بدمشق بلغ 26 ولم يتم التعرف على هوية 15 جثة بعد أن تحولت الى أشلاء في الانفجار. وقال الشعار ان سوريا سترد بيد من حديد على أي أحد يحاول العبث بأمن البلاد أو بأمن المواطنين. واوضح ان 63 شخصا اخرين أصيبوا في الهجوم. وقال ناشطون في المعارضة ان الحكومة هي التي نفذت الهجوم لكي تظهر انها تحارب عنفا أعمى وليس حركة مطالبة بالديمقراطية. وأظهرت لقطات عرضها التلفزيون أشلاء وبقع دماء وحطام زجاج متناثر بفعل الانفجار في حي الميدان بوسط دمشق. وظهرت دروع أفراد قوة مكافحة الشغب في الحافلة المتضررة التي كانت ضمن عدة عربات تضررت في الانفجار. وقتل 44 شخصا على الاقل في 23 ديسمبر كانون الاول في تفجيرين قالت السلطات السورية انهما انتحاريان واستهدفا مبنيين أمنيين في دمشق. ووقع التفجيران الانتحاريان قبل يوم من وصول بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية الى سوريا. واظهر التصوير الذي بثه التليفزيون السوري لانفجار يوم الجمعة شريطا اصفر احاط بالحافلة المدمرة والسيارات التي اصابها الانفجار وقد تهشم زجاج نوافذها. وجمع اشخاص الاشلاء المتناثرة في اكياس بلاستيكية زرقاء وسط برك من الدماء والاحذية التناثرة. ووقف مراقبون من الجامعة العربية وهم يرتدون القبعات البيضاء والقمصان البرتقالية يتفحصون المنطقة ويلتقطون الصور ويكتبون الملاحظات. وظهر مركز للشرطة في التصوير ويبدو انه لم يتأثر بالانفجار. وعرض التلفزيون تجمعا للاهالي الغاضبين في المنطقة وهم يهتفون قائلين "الله وسوريا وبشار وبس" و"بالروح بالدم نفديك يا بشار" الى جانب هتافات مؤيدة للجيش السوري. واكد المراقبون العرب زيارة موقع التفجير. وقال واحد منهم "نحن هنا فقط كي نراقب ونوثق." وتحظر سوريا دخول معظم الصحفيين المستقلين مما يجعل تغطية الاخبار بصورة مستقلة امرا مستحيلا. وقالت هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) ان مراسلا للخدمة العربية للهيئة كان ملازما لثلاثة من المراقبين التابعين للجامعة العربية في زيارة استمرت خمس ساعات الى بلدة عربين على اطراف دمشق. وهذه هي المرة الاولى التي يعرف فيها ان الصحافة الاجنبية تمكنت من تغطية انشطة المراقبين بشكل مباشر رغم ان السماح للصحافة المستقلة بحرية التغطية الاعلامية كان احد شروط الخطة العربية. وقالت هيئة الاذاعة البريطانية انها تمكنت من تصوير احتجاج في عربين لم تتعرض له قوات الامن. واضافت ان المحتجين تحدثوا للمراقبين -وكلهم من الدبلوماسيين الجزائريين- عن المعاملة القاسية لقوات الامن. وتابعت ان المراقبين شاهدوا بعد ذلك مظاهرة كان المشاركون فيها يرددون هتافات تطالب باعدام الاسد. ومن المقرر ان تجتمع لجنة المتابعة الخاصة بسوريا في مقر الجامعة العربية يوم الاحد لمناقشة النتائج الاولية لبعثة المراقبين التي تعرضت لانتقادات من جانب النشطاء السوريين الذين شككوا في قدرتها على تقييم حجم العنف على الارض. وتشعر الدول العربية بالقلق ازاء عدم الاستقرار في سوريا التي علقت الجامعة العربية عضويتها بسبب عدم وفائها بخطتها الاولى للسلام. وسوريا لاعب اقليمي مهم تتحالف مع ايران وحزب الله في لبنان. وانحى حزب الله وهو جماعة سياسية ومقاتلة خاضت حربا ضد اسرائيل في عام 2006 باللائمة على الولاياتالمتحدة في التفجير. وقال الحزب في موقعه على الانترنت ان هذه هي الخطوة الثانية في اطار خطة للولايات المتحدة واعوانها بالمنطقة لمعاقبة سوريا على دعمها الثابت "لقوى المقاومة ضد العدو الصهيوني" والغرب. وقالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية الامريكية ان سوريا على غرار ما حدث في هجمات سابقة انحت باللائمة "على الجميع تقريبا.. المعارضة.. القاعدة.. الولاياتالمتحدة.. في حين ان المعارضة بما فيها الجيش السوري الحر تنفي الوقوف وراء الهجموم وتتهم السلطات." واضافت "في الوقت الراهن لا يمكننا بأي حال ان نقول كيف حدث هذا لكن ما يمكننا قوله بوضوح هو أننا نندد بالهجوم." وتقول الاممالمتحدة ان 5000 شخص على الاقل قتلوا في الانتفاضة ضد الاسد. وتقول الحكومة ان جماعات "ارهابية" مسلحة قتلت 2000 من قوات الامن خلال التمرد. وبدأ المراقبون العمل في سوريا في 26 ديسمبر كانون الاول في محاولة للتحقق مما اذا كانت الحكومة تفي بوعدها بسحب الجنود والدبابات من المدن وتطلق سراح الاف المحتجزين. واستنكر الجيش السوري الحر - وهو قوة معارضة مسلحة يتكون معظمها من منشقين عن الجيش - تفجير الميدان والقى باللائمة على السلطات السورية. وقال الرائد ماهر النعيمي المتحدث باسم الجيش السوري الحر ان ما جرى هو "ارهاب دولة" دبرته قوات امن الاسد. وقال ناشط معارض طلب عدم الكشف عن هويته ان متشددين اسلاميين ربما كانوا وراء التفجير. واضاف "اعتقد ان هناك مئات المتطرفين الذين يرغبون في محاربة النظام وتفجير انفسهم باسم الجهاد." وقالت واحدة من سكان دمشق تدعى ديما ان التوتر كان يخيم على المدينة حتى قبل التفجير وأضافت قائلة "بعض الاصدقاء الذين يعملون في اجهزة الامن كانوا يحذرون عائلتي منذ امس وينصحونهم بالبقاء في المنزل... كانت الشوارع خالية." واستمرت اعمال العنف في سوريا منذ وصول المراقبين العرب حيث وردت تقارير عن مقتل العشرات. وقال نشطاء ان قوات الامن قتلت اربعة محتجين في حماة يوم الجمعة عندما اطلقت النار على اشخاص يرددون هتافات مناهضة للاسد بعد صلاة الجمعة. وقال شاهد عيان ان قوات الاسد اصابت ايضا ثلاثة محتجين عندما اطلقت النار على تجمع قرب مسجد في دمشق في منطقة يقع بها مقر رئيسي للامن. واضاف الشاهد ان الميلشيات الموالية للاسد وعملاء الشرطة السرية اطلقوا خراطيم المياه على المحتجين ثم اطلقوا النار في حي كفر سوسه عندما رفضوا التفرق. وقال الشاهد الذي يسكن في المنطقة "شاهدت ثلاثة اشخاص على الارض ولا اعرف ان كانوا احياء او موتى." وقالت مصادر حكومية عربية يوم الخميس ان مراقبي الجامعة سيواصلون مهمتهم في سوريا رغم الانتقادات التي وجهها رئيس الوزراء القطري الذي قال انهم ارتكبوا اخطاء. ويقول نشطاء سوريون ان المراقبين العرب لا يمكنهم الوصول الى المناطق المضطربة وهو ما نفته دمشق.