* 33 عاما من الانفصال عن الاتحاد الإفريقى بسبب "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" * المغرب يحصل على تأييد غير مشروط من 42 دولة للعودة إلى الاتحاد لنيل العضوية * محمد السادس فى خطاب للقمة السابقة: * من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربى الاعتراف بدولة وهمية * المغرب اتخذ قرارا مؤلما تمثل فى الانسحاب من أسرته المؤسسية * موقف الاتحاد الإفريقى يتعارض مع تطور قضية الصحراء على مستوى الأممالمتحدة حصل المغرب على "تأييد غير مشروط" من 42 دولة ب"الاتحاد الإفريقى"، لنيل عضوية الاتحاد مجددا، خلال مشاركته بالقمة التي افتتحت أولى جلساتها، اليوم الاثنين. وقال دبلوماسي مغربي رفيع المستوى، في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام فرنسية، من العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا: "حصلنا على تأييد غانا، وهذا يرفع عدد الدول التى تؤيد المغرب بشكل غير مشروط إلى 42". ومن المتوقع، أن تدرس الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي مساعي المغرب للانضمام إليه مجددا، في القمة التي تعقد على مدى يومين في أديس أبابا على أن تنتخب رئيسا جديدا للاتحاد. وكانت مصر قد أكدت أنها ترحب بمشاركة المغرب في القمة الإفريقية الحالية تمهيدا لاستعادته عضويته بالاتحاد الإفريقي بعد 33 عاما من تعليق العضوية، وفق ظروف سياسية خاصة. وكان المغرب خرج من الاتحاد قبل 33 عاما احتجاجا على قراره قبول "الصحراء" عضوا فيه، إلا أنه يرغب في العودة، وزار الملك محمد السادس العديد من دول القارة للحصول على تأييد عودة بلاده. وتشكل عودة المغرب دعما ماليا للاتحاد الذي يعتمد على التبرعات الخارجية لتمويل نحو 70 % من ميزانيته، بحسب معهد الدراسات الأمنية. ويستعرض صدى البلد الأساب التى دعت المغرب للانسحاب وكذلك أسباب الصراع فوفقا لكلمة وجهها الملك المغربى محمد السادس العام الماضى إلى الاتحاد الأفريقي فى قمته ال27 بالعاصمة الرواندية كيجالى، وتحديد يوم 17 يوليو 2016 قال: "من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربي الاعتراف بدولة وهمية ممثلة لإقليم الصحراء، كما أنه من الصعب أيضا القبول بمقارنة المملكة بكيان يفتقد لأبسط مقومات السيادة، وهذا دفع المغرب؛ تفاديًا للتجزئة والانقسام، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية". وكانت الكلمة بشأن طلب المملكة رسميا العودة إلى الاتحاد، بعد انسحابها منه سابقا -عندما كان يسمى منظمة الوحدة الأفريقية – عام 1984 رفضا لاعتراف المنظمة آنذاك ب"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، والتي تقودها الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو"، والتي أعلنت استقلالها من جانب واحد منتصف السبعينيات وحظيت باعتراف بعض الدول آنذاك. وأوضح الملك محمد السادس في رسالته التي وجهها لقمة الاتحاد الأفريقي ال27 أسباب خروج بلاده من منظمة الوحدة الأفريقية سابقا ولماذا تريد العودة. وقال السادس: من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربي الاعتراف بدولة وهمية، كما أنه من الصعب القبول بمقارنة المملكة بكيان يفتقد لأبسط مقومات السيادة، ولا يتوفر على أي تمثيلية أو وجود حقيقي، وهذا دفع المملكة، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية. وأضاف فى كلمته "هذا الكيان ليس عضوا لا في منظمة الأممالمتحدة، ولا في منظمة التعاون الإسلامي، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في أي هيئة أخرى". وأكد السادس أن موقف الاتحاد الإفريقي يتعارض مع تطور قضية الصحراء على مستوى الأممالمتحدة، فهناك مسار للتسوية برعاية مجلس الأمن يسعى للتوصل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع الإقليمي. وتابع "لا يمكن للمغرب أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولا بد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي، بحيث يمكنه، بفضل تحركه من الداخل، أن يساهم في جعله منظمة أكثر قوة، تعتز بمصداقيتها، بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد". كانت هذه هي أسباب الخروج والعودة من الاتحاد وفقا لرسالة الملك المغربي، والتي لم تشترط خروج الجمهورية الصحراوية لعودتها للاتحاد كما كان في السابق. لكن يتضح أن تنامي نشاط البوليساريو الدبلوماسي في الاتحاد الإفريقي ساهم في ضعف الموقف المغربي في العديد من المحافل الدولية، لذا آثر المغرب العودة للاتحاد لاستمالة أعضائه؛ الأمر الذي بدأت بوادره في طلب 28 عضوًا بالاتحاد وقف مشاركة الجمهورية الصحراوية في أنشطة الاتحاد. تفاعلًا مع الموقف المغربي بطلب العودة للاتحاد الإفريقي، رحب أعضاء المنظمة بهذا القرار، بل وجهت 28 دولة عضوا يوم 18 يوليو من العام الماضى التماسا للرئيس التشادى "إدريس ديبي"، رئيس الدورة الماضية للاتحاد الإفريقي، لتعليق مشاركة الجمهورية الصحراوية مستقبلًا في أنشطة الاتحاد وجميع أجهزته وذلك "لتمكين الاتحاد من الاضطلاع بدور بناء والإسهام إيجابًا في جهود الأممالمتحدة من أجل حلّ نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء"، ومن هذه الدول الجابون وليبيا والسودان بينما لم تكن منهم تونس أو مصر. وباعتبار أن الجزائر الداعم الرئيسي للبوليساريو، وفي إطار سعي دول المنطقة والقوى الدولية لحل الأزمة، اتفقت الجزائر مع المغرب على تكثيف تعاونهما الأمني بخصوص مواجهة تهديدات الإرهاب، وتبادل المعلومات حول المتطرفين من البلدين، وذلك خلال زيارة وفد مغربي للجزائر يوم 16 يوليو2016، حيث طغت التهديدات المشتركة جراء وجود "داعش" في ليبيا، وتنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى" على محادثات البلدين؛ الأمر الذي دفعهما لمناقشة سبل مواجهة هذه التهديدات المشتركة، تاركين وراء ظهورهم تاريخًا طويلًا من التوتر في العلاقات. كانت مسألة الصحراء الغربية من أهم أسبابه؛ بل إن المباحثات شملت مناقشة عودة المغرب للاتحاد الأفريقي، وهذا ما اتضح في اليوم التالي من رسالة الملك المغربي للاتحاد الأفريقي. من الملاحظ أيضًا أن هذا التعاون الأمني جاء بسبب ضغوط غربية، خاصة من قبل الولاياتالمتحدةوفرنسا، على البلدين من أجل تعزيز تعاونهما في مكافحة الإرهاب والتنسيق في كشف الشبكات الإرهابية التي تستغل الثغرات في كلا البلدين للقيام بعملياتها، وكانت فرنسا من أول الدول المرحّبة باعتزام المغرب العودة للاتحاد الأفريقى. وتعود وقائع الصراع عندما دعا الملك المغربي الراحل "الحسن الثاني" فى 6 نوفمبر 1975، إلى تنظيم حشد شعبي عرف باسم "المسيرة الخضراء" للضغط على إسبانيا لمغادرة منطقة الصحراء الغربية التي كانت تحتلها، حيث كانت المنطقة خاضعة للاستعمار الإسباني، وأدت المسيرة إلى الضغط على إسبانيا وبدء التفاوض في 14 من ذات الشهر، انتهى بتوقيع "اتفاقية مدريد" التى تخلت بموجبها إسبانيا عن إقليم الصحراء وقسم بين المغرب وموريتانيا. رفضت الجزائر وجبهة البوليساريو الاتفاق مطالبة بإقرار الحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي، واستمرت المواجهات العسكرية منذ ذلك الوقت. كانت الصحراء الغربية حينها حافلة بالحركات السياسية المناهضة للاستعمار الإسباني، بعضها كان تابعا أو مقربًا للمغرب وبعضها لموريتانيا، لكن التيار الأهم كان ذلك الذي يتبنى الاستقلال مطالبا بقيام دولة صحراوية مستقلة، وعلى رأسه البوليساريو والتي تأسست عام 1973، إذ رفعت الجبهة رايات الاستقلال والكفاح المسلح. وأعلنت الحركة قيام الجمهورية الصحراوية في إبريل 1976؛ ردا على اتفاق المغرب وموريتانيا على تقسيم الصحراء لتبدأ المواجهات العسكرية والصراعات الدبلوماسية في مقار المنظمات الدولية والإقليمية وخاصة الاتحاد الأفريقي الذي اعترف بالجمهورية الصحراوية؛ مما أدى لانسحاب المغرب من المنظمة احتجاجًا على ذلك، وأيدت الانفصال حينها 26 دولة.