قالت دار الإفتاء، إن المسبوق: هو من سبقه الإمام ببعض ركعات الصلاة أو بجميعها، أو هو الذي أدرك الإمام بعد ركعة أو أكثر من الصلاة، والحالة المسؤول عنها صورتها: أن يسلم الإمام، ويكون خلفه أكثر من مسبوق يصلي ويكمل صلاته، فأراد أحد المسبوقين أن يكمل صلاته مقتديا بمسبوق آخر. وأوضحت الإفتاء، أن هذه الصورة قد اختلف في جوازها الفقهاء، فذهب الحنفية إلى عدم جواز اقتداء المسبوق بمسبوق مثله، ففي "البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق" (1/ 400): [فلو اقتدى مسبوق بمسبوق فسدت صلاة المقتدي قرأ أو لم يقرأ دون الإمام، واستثنى منلا خسرو في الدرر والغرر من قولهم: لا يصح الاقتداء بالمسبوق أن إمامه لو أحدث فاستخلفه صح استخلافه، وصار إماما]. وذهب المالكية أيضا إلى عدم الجواز، واستثنوا من أدرك دون الركعة فيصح الاقتداء به، قال الإمام الدردير في " الشرح الكبير" (1/ 327): [(أو) بان (مأموما) بأن يظهر أنه مسبوق أدرك ركعة كاملة وقام يقضي، أو اقتدى بمن يظن أنه الإمام فإذا هو مأموم، وليس منه من أدرك دون ركعة فتصح إمامته، وينوي الإمامة بعد أن كان نوى المأمومية؛ لأن شرطه أن لا يكون مأموما]. وأضافت: أن الشافعية ذهبوا إلى جواز اقتداء المسبوق بالمسبوق على المعتمد مع الكراهة، ففي "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (2/ 283): [لو انقطعت القدوة كأن سلم الإمام فقام مسبوق فاقتدى به آخر أو مسبوقون فاقتدى بعضهم ببعض فتصح في غير الجمعة في الثانية على المعتمد؛ لكن مع الكراهة]. وتابعت: قال المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (2/ 36): [قوله (وإن سبق اثنان ببعض الصلاة فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما، فعلى وجهين) وحكى بعضهم الخلاف روايتين، منهم ابن تميم، وأطلقهما في المستوعب، والمذهب، والكافي، والمحرر، والفروع، والفائق، وابن منجى في شرحه، أحدهما: يجوز ذلك، وهو المذهب واستطردت: قال المصنف والشارح وصاحب الفروع وغيرهم لما حكوا الخلاف هنا: بناء على الاستخلاف، وتقدم جواز الاستخلاف على الصحيح من المذهب، وجزم بالجواز هنا في الوجيز، والإفادات، والمنور، وغيرهم، وصححه في التصحيح، والنظم، وتصحيح المحرر، وقدمه في الهداية، والتلخيص، والرعاية، وابن تميم، قال المجد في شرحه: هذا ظاهر رواية مهنا، والوجه الثاني: لا يجوز، قال المجد في شرحه: هذا منصوص أحمد في رواية صالح، وعنه: لا يجوز هنا وإن جوزنا الاستخلاف، اختاره المجد في شرحه، وفرق بينها وبين مسألة الاستخلاف من وجهين]. وأفادت بأن المفتى به جواز اقتداء المسبوق بالمسبوق مع الكراهة، وذلك على ما ذهب إليه الشافعية في المعتمد والحنابلة على الخلاف عندهم، والأحوط هو الأخذ برأي الجمهور في عدم اقتداء المسبوق بمسبوق مثله، والخروج من الخلاف مستحب.