الاستخلاف عند الفقهاء هو ستنابة الإنسان غيره لإتمام عمله. ويكون في الصلاة باستنابة الإمام - في صلاة الجمعة أو الجماعة - غيره من المأمومين لتكميل الصلاة بهم لعذر قام به. ويشترط في النائب المستخلف أن يكون أحد المأمومين الصالحين للإمامة. وقد اختلف الفقهاء في حكم هذا الاستخلاف علي ثلاثة مذاهب في الجملة: المذهب الأول: يري استحباب استخلاف الإمام في الصلاة غيره من المأمومين إن حدث له عذر» لاستقرار الجماعة ومنع الفتنة فيهم. وأن هذا الاستخلاف واجب علي المأمومين في الجمعة إن لم يستخلف الإمام» لأنه ليس لهم أن يصلوا الجمعة فرادي بخلاف غيرها. وهو مذهب المالكية. وحجتهم في استحباب استخلاف الإمام: ما أخرجه البخاري عن عمرو بن ميمون. أن عمر بن الخطاب لما طعن وهو في الصلاة أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بالمأمومين الصلاة. وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر علي ذلك أحد. فكان إجماعاً. المذهب الثاني: يري جواز الاستخلاف في الصلاة إذا حدث للإمام عذر في صلاة الجمعة أو الجماعة علي السواء. وهو مذهب الحنفية والأظهر من الجديد عند الشافعية وهو القديم عندهم. وإحدي الروايتين عند الحنابلة. وحجتهم: أن ما روي عن عمر بن الخطاب في استخلافه لعبد الرحمن بن عوف يدل علي الجواز لإمكان إتمام الصلاة فرادي. وذهب الحنفية إلي أنه لو أحدث الإمام. أي بطل وضوءه. وكان الماء في المسجد فإنه يتوضأ ويبني. ولا حاجة للاستخلاف. واستدلوا علي صحة هذا البناء بما أخرجه ابن ماجة بسند فيه مقال عن عائشة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: ¢من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف. فليتوضأ ثم ليبن علي صلاته وهو في ذلك لا يتكلم¢. وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والصحيح عند الحنابلة إلي بطلان صلاة من أحدث ويلزمه استئنافها» لما أخرجه أبو داود بسند فيه مقال وضعفه الألباني عن علي بن طلق. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ¢إذا فسا أحدكم في الصلاة فليتوضأ وليعد الصلاة¢. ويري هؤلاء الجمهور أن استخلاف الإمام الذي حدث له طارئ يبطل صلاته يحمي صلاة المأمومين من البطلان. فإذا تمادي الإمام في صلاته مع هذا الفساد بطلت صلاة المأمومين إن علموا بفساد صلاة الإمام أثناء الصلاة. وذهب بعضهم إلي تعميم هذا الحكم لو علموا بفساد صلاة الإمام بعد الصلاة. المذهب الثالث: يري أن الاستخلاف في الصلاة غير جائز. فلا يجوز للإمام أن يستنيب أحد المأمومين لإتمام الصلاة إن حدث له عذر في الجمعة وغيرها من الجماعات. وهو القول الثاني عند الشافعية والرواية الثانية عند الحنابلة. وحجتهم: أنها صلاة واحدة فلا تصح بإمامين معاً. واختلفوا فيما يجب أن يكون إن خرج الإمام من الصلاة لعذر ألم به علي قولين: القول الأول: أن المأمومين يكملون صلاتهم فرادي» سواء كان ذلك في الجمعة أو غيرها» لأنهم في حكم الجماعة. ولأن الاستخلاف لم ينقل عن النبي. صلي الله عليه وسلم. القول الثاني: أن خروج الإمام من الصلاة يبطل صلاة المأمومين» لأن بطلان صلاة الإمام بطلان لصلاة المأمومين. وعليهم أن يعيدوا صلاتهم سواء في الجمعة أو غيرها.