مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين حمدين وأبو الفتوح "مِحْتارة والله؟"
نشر في صدى البلد يوم 02 - 05 - 2012

هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.
هذا المقال غير موجه لمن يدعمون شفيق أو عمرو موسى، ببساطة لأنهم مع الثورة المضادة، وأمامهم بعض الوقت حتى يستيقظ وعيهم ويفيقوا من سباتهم. أما بقية المرشحين فمنهم الثوريون العظام ومنهم من يتاجرون بالإسلام تجارة كريهة، ولكن يجمعهم جميعا أن فرصهم في الرئاسة تكاد تكون معدومة.
صباحي وأبو الفتوح، هذا هو الاختيار الصعب، ودَعْكُم من نتائج الاستطلاعات التي أعتقد أنها مضللة بل ومشاركة مع قوى النظام القديم في تزييف عقول الشعب، والدليل على ذلك عينة هذه الاستطلاعات التي تبلغ 2425 فردا من أصحاب من يجيب من مالكي الموبايل أو التليفون الأرضي، في الوقت الذي قامت فيه "العربية نت" باستطلاع تفوق فيه صباحي محتلا المركز الأول بنسبة 34% ثم أبو الفتوح المركز الثاني بنسبة 32%، في حين أن صباحي يحتل المركز الرابع في استطلاعات النظام القديم، هذا مع العلم بأن عينة "العربية نت" بلغت 65 ألفا وليس ألفين ونصف فقط. عموما لا نأخذ بكليهما لأسباب كثيرة أهمها أن غالبية الناس لم يقرروا بعد اختيارهم لمرشح الرئاسة.
في البداية أقول طالما أنك مستقر على أحد هذين الثوريين، فنحن ومصر بخير والثورة الحبيبة مستمرة، ومصر الكريمة القوية قادمة بإذن الله. ولكن نظرا لأنك لا تستطيع أن تُبْطِل صوتك بالتصويت لصباحي وأبو الفتوح في نفس الوقت فلابد من المفاضلة والاختيار. ولننظر موضوعيا بقدر الإمكان إلى المقارنات التالية:
1. لا ينكر أحد أن أبو الفتوح مرشح يتبَع فلسفة "الإسلام السياسي"، فقد تربى وترعرع وشابَ عليها، والدلائل كثيرة آخرها تأييد السلفيين بنزعتهم التطرفية له. والسؤال : هل يصح أن يسيطر على السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس فلسفة "الإسلام السياسي" بجانب السيطرة الحالية عل السلطة التشريعية؟ هنا تفقد مصر توازنها ووسطيتها وربما تتحول إلى "مصرستان"، والويل لنا حينئذ.
2. يقول البعض أن أبو الفتوح منشق عن الإخوان ومتحرر. من يضمن ذلك؟ هل يعتقد أحد أن أبو الفتوح = راشد الغنوشي أو = كمال الهلباوي؟ لو كان كذلك لانهال عليه الإخوان والسلفيون بالسهام والحراب والمولوتوف. إن انشقاقه المهذب، والمشتبه فيه والله أعلم بالضمائر، هو أقوى سلاح له الآن لكسب أصوات من أدركوا فشل الإخوان والسلفيين سواء من تابعيهم أو من غير تابعيهم أو من أمثالي المناوئين لفلسفة "الإسلام السياسي" والرافضين لخلط الدين الحنيف بالسياسة الانتهازية.
3. إذا نجح أبو الفتوح، وسيكون ذلك أساسا بسبب نزعة المصريين الفطرية للتدين ودعم الإخوانيين والسلفيين وغيرهم من المقتنعين بصحة فكرة "الإسلام السياسي" وخلط الدين بالسياسة، وهم نسبة هائلة بالمجتمع المصري، فحينئذ سيكون أبو الفتوح مدينا لهؤلاء جميعا، وسوف تنحاز استراتيجيته واختياراته لفكرة "الإسلام السياسي" التي لا تبني دولة، وإنما تروج لشكليات تافهة أحيانا، وغير جوهرية أحيانا أخرى مثل زواج القصر أو ختان البنات أو قهر المرأة والانتقاص من إنسانيتها أو تطبيق الحدود بلا حصانة فقه الفاروق أو فقه علي رضي الله عنهما. جماعة الإخوان المسلمين، سواء برغبة أبو الفتوح أو عدم رغبته، ستنفصل عن الحزب السياسي التابع لها (الحرية والعدالة) وستصبح جمعية أهلية بحكم القانون إذا أرادت أن تبقى في مصر المعاصرة عاجلا أم آجلا، ومن ثم فلا يجب أن يتوقع البعض أنه بمجرد تنصيب أبو الفتوح رئيسا سيقوم بالانتقام من خيرت الشاطر والإخوان فهو إنسان يعلم ما ستؤول إليه الجماعة، كما أنه إنسان نقي فعلا ومتسامح، وهو الذي قال "أخويا بديع سينتخبني عندما يخلو لضميره عند صندوق الانتخابات".
4. بحكم تخصصي وممارستي الطويلة أكاديميا وعمليا لمجال التنمية وعلم اجتماع التنمية وبناء المجتمعات وتطويرها أقول بكل تواضع أن برنامج حمدين صباحي للنهضة يتفوق على برنامج أبو الفتوح. ودون تعقيد وإرهاق لذهن القارئ أذكر مؤشرا واحدا فقط. يدعو الحبيبان النوران صباحي وأبو الفتوح للعدالة الاجتماعية، وهذا هو جوهر الثورة ونجاحها، ولكن انظر: أبو الفتوح لا يوافق على الضريبة التصاعدية، مع أنها تحمل في طياتها ومضمونها وغاياتها مضمون وغايات الزكاة، ركن الإسلام الثالث، "الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ." هذا بالرغم من تطبيق هذه الضريبة في الدول معاقل الرأسمالية العالمية اليوم في أمريكا وأوروبا، ويوضح هذا نزعة عدم الخوف من الرأسمالية المتوحشة في فكر أبو الفتوح المشحون بما يعلمه عن مشروعات الإخوان الريعية والاستهلاكية والخدمية والبعيدة تماما عن بناء الدولة الصلبة والباحثة عن إعفاءات ومزايا الرأسماليين المتوحشين كما رأيناهم بين كهنة مبارك ولصوصه وحاشيته.
5. لو كان اختيار رئيس الجمهورية يتحدد بالعاطفة والشعور والإحساس الشخصي تجاه المرشح لاخترت أبو الفتوح، مع حبي أيضا لحمدين والذي يقل قليلا جدا عن حبي وميلي الشخصي لأبو الفتوح وذلك لسبب هو أدعى لتفضيلي لحمدين كرئيس جمهورية وهو أنه رجل سياسي بدرجة تفوق كثيرا أبو الفتوح. هذا المركز يحتاج رجلا سياسيا، أو بمعنى أدق رجل دولة، يستطيع أن يحقق التوازن بين القوى السياسية الداخلية والخارجية وبين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهي قدرات يعتقد البعض أنها تتواجد بصورة كبيرة لدي عمرو موسى، وقد يكون الأمر كذلك بالفعل ولكن إذا زاد الشيء عن حده انقلب إلى ضده، وهذا هو الحال مع موسى.
6. يخاف الناس من أبو الفتوح بسبب توجهه الإسلامي السياسي، كما يخاف البعض أيضا من صباحي بسبب توجهه القومي أو الناصري. الإسلاميون سيضغطون على أبو الفتوح لو أصبح رئيسا وهم قوة هائلة، فأين الناصريون أو القوميون الذين سيضغطون على صباحي؟ الخطر من الإسلام السياسي أخطر بكثير جدا من الخطر من الفكر "الاشتراكي". الأول مشروع سياسي أيديولوجي أما الثاني فهو مشروع اجتماعي اقتصادي يرتكز على العدالة جوهر الحكم والأمن والكرامة. لماذا نلصق صباحي بعبد الناصر؟ إذا كان الأمر حتما وفرضا على العقول الجامدة، فعبد الناصر بالرغم من أخطائه يتفوق بفراسخ وأميال على السادات صاحب مشروع الانبطاح والتدهور الخلقي والسلوكي ومبارك صاحب مشروع النهب والفساد. أما مشروع "الإسلام السياسي" فهو مشروع استمرار الانحطاط المعاصر لما آل إليه حال المسلمين في منطقة هبوط الوحي والأديان والذي تموله القوى الحامية والمستفيدة من هذا الانحطاط المهين.
الخلاصة: هذه بعض الخواطر لإثارة الفكر واتخاذ القرار الحر، ولكن في النهاية كما قلت مقدما لو انحصر اختيارك بين النورين صباحي وأبو الفتوح، فلنحمد الله سبحانه وتعالى، ولنطمئن على مصر الجديدة، ويقينا الله شر الاختيارات الأخرى ممن لهم فرص حقيقية. والأهم من ذلك أن نحدد قرارنا قبل أن نقف في الصفوف ونخضع لابتزاز المستقبلين لسيادتك من أنصار "الإسلام السياسي" يدعونك للإسلام والبعد عن الفسق والزندقة، ويزيفون إرادتك مرة أخرى، كما ننتظر، كما سأنتظر أنا شخصيا، التطورات والأحداث التي ستتم في الأسابيع القليلة الباقية سواء من جانب المرشحين أو من جانب المجلس العسكري والطرف الثالث، ويكفينا الله شر لقاء آن باترسون سفيرة أمريكا مع الشاطر ومن بعده جون ماكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.