مع انتشار البطالة والإحباط من أي أمل في أن تحل الحكومة هذه الأزمة، ابتكر بعض الشباب بالسويس أفكارًا ناجحة، ولكن هذه الأفكار على لقيت ردودًا قاسية، انتهت بمعاملتهم كمجرمين. فقد قام المهندسون والفنيون من الشباب بعمل عربات متنقلة لبيع الأطعمة والمشروبات بطرق صحية وعلمية متطورة، تعتمد على الطاقة الشمسية، وتحافظ على البيئة من أي تلوث، كما لا تترك أي مخلفات، وفوجئوا بمطاردة شرطة المرافق لهم وإلقاء القبض عليهم ووضعهم بالسجن بتهمه إشغال الطريق والعمل بدون ترخيص. وقال أسامة محمود، مهندس، إنه تخرج منذ أكثر من 7 سنوات، ولم يجد أي فرصة عمل، حتى إنه وقف بأحد المطاعم لبيع السندوتشات بدلًا من انتظار الوظيفة. وأضاف: عندما تحدثت مع عدد من الشباب المصري المهاجرين بشكل غير شرعي لإيطاليا عن طريق الإنترنت، وجدت أن البعض منهم قام بتنفيذ مشروع كرفانات لبيع الأطعمة والمشروبات بشكل آمن وصحي وعصري، فتحدثت مع زملائي لتنفيذ التجربة بالداخل، مع لمسات مصرية عصرية، وبالفعل قمنا بتجميع مبالغ لتصنيع عربة لبيع السندوتشات تعمل بالطاقة الشمسية، ووضعناها على الكورنيش على الرصيف، والتزم الجميع بزي موحد وقبعات الشيف، وأحضرنا عددًا من سلات القمامة حولنا، وجميعنا يرتدى قفازات، ونحفظ الطعام بشكل جيد لحمايته. وتابع: منذ يومنا الأول تفاعل معنا المواطنون والجمهور، وبدأت الحياة تختلف، وأحببنا عملنا، إلا أن أصحاب المحلات المقابلة عنما وجدوا إقبالًا شديدًا علينا، أبلغوا شرطة المرافق وعددًا من الجهات التي هدمت حلمنا، وقاموا بتحطيم عربتنا التي جمعنا فيها كل ما نملك من أموال، وألقوا القبض علينا، ووضعونا بالسجن، وطالبونا بدفع غرامة مالية كبرى واستخراج عشرات التراخيص من جهات مختلفة بالصحة والمحافظة والحي، وتكلفتها مرتفعة جدًّا؛ حيث إنها نفس إجراءات افتتاح كافيتريا. وتساءل عن مصيرهم ومصير حلمهم ومعاملتهم كالخارجين على القانون ومعتادي الإجرام، مطالبًا المسؤولين بالتدخل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وقال شادي محمد، حاصل على بكالوريوس علوم، إنه قرر خوض تجربة البيع في الشارع بعد فشله 5 سنوات في الحصول على وظيفة، وقام بتصنيع عربة محملة على "تروسكل"، وراعى فيها الحداثة والشكل الجمالي لبيع العصائر والآيس كريم بخامات طبيعية يقوم بتصنيعها أمام المشتري، وأضاف: ساعدني اثنان من زملائي، وأصبح لنا زبائن، وبدأت عمليات البيع تزداد، حتى فوجئنا بحملة من رجال الشرطة يسألوننا عن بطاقاتنا، ثم قاموا بتحطيم عربتنا. وعندما حاول أحدنا استيضاح الأمر وفهم الموقف، قاموا بالاعتداء علينا بالسب والقذف والضرب، ولم يقف الأمر على ذلك، بل ألقوا القبض علينا، ووضعونا بقسم السويس، وهناك كانت تنتظرنا وصلة أخرى من الاعتداءات بكل الأساليب، ثم قاموا بإيداعنا الحبس، واعتدى علينا المساجين؛ بناء على أوامر رجال الشرطة. وتابع: ثم قاموا بجلب السكاكين والكتر التي نستخدمها في عملنا، وحرروا لنا محضرًا على أنها أسلحة بيضاء اعتدينا عليهم بها، مؤكدًا أن الحملة كانت مدبرة؛ لوجود كافيتريا قريبة منهم يمتلكها شقيق ضابط شرطة بالسويس، وأنه حاول الوصول إلى أي مسؤول دون جدوى. ومن جانبه قال اللواء أحمد حامد، محافظ السويس، إن هؤلاء الشباب كانوا ضمن حملة إزالة الاشغالات ولا فرق بين عربة كارو أو عربة أخرى بشكل جمالي، فكلها إشغالات، ويجب أن ينفذ القانون، وأكد أن هؤلاء الشباب عليهم استخراج التراخيص اللازمة لمزاولة عملهم، مشددًا على ضرورة امتثالهم للقانون واللوائح، والحفاظ على المستهلك وعدم إشغال الطريق. ووعد بأن يساعدهم في استخراج التراخيص العاجلة؛ لحل تلك الأزمة؛ لأنهم بمثابة تجارب ناجحة، اعتمدوا فيها على أنفسهم، ولا يقومون بسرقة التيار الكهربائي أو إشغال الطريق تمامًا أو إلقاء مخلفاتهم هم وزبائنهم في الشارع، ولكن مع التنسيق والتنظيم؛ حتى لا تتحول المناطق التي يقفون بها إلى عشوائية.