جاءت التوسعات الأخيرة لقناة السويس دون دراسة دقيقة لتنذر بكارثة بيئية، بدأت تظهر ملامحها اليوم؛ بعد هجرة عدد من قناديل البحر وسمك القراض السام إلى منطقة الخليج، الأمر الذي يهدد الملاحة والثروة السمكية في المنطقة. يقول أحمد عبد الحميد، صياد بمنطقة الخليج، إنهم فوجئوا بغزو أسماك القراض السامة وقناديل البحر واختفاء الأسماك من المنطقة، الأمر الذي يهدد أرزاق حوالي 1500 صياد، مؤكدا أنهم تقدموا بعدد من الشكاوى لنقابتهم وهيئة الثروة السمكية. وفي السياق، أوضح الدكتور مصطفى محمد، أستاذ العلوم بجامعة قناة السويس، أن القناة الجديدة استقطبت المزيد من الكائنات البحرية الضارة من البحر الأحمر إلى المتوسط، ومنها إلى منطقة الخليج، مضيفا أن الأعداد المتزايدة للكائنات البحرية الهاربة من برودة البحر الأحمر ل«المتوسط» تهدد التوازن البيئي؛ خاصة أن حفر قناة السويس زاد من المساحة المائية التي ستشجع هذه الكائنات على النزوح لمناطق البحر المتوسط، وستسبب اضطرابًا فى التوازن البيئي وعمليات الصيد. وأضاف محمد ل«البديل» أن أحياء البحر الأحمر تعيش في واحدة من أكثر البيئات البحرية إجهادًا؛ نظرًا لملوحة المياه التي تصل إلى 39 جزءًا من ألف، مقارنة ب30 جزءًا من ألف في البحر المتوسط، وترتفع حرارة الماء بشكل أسرع من أي مكان على هذا الكوكب، وفقًا لدراسة أُجريت في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية عام 2011، متابعا: «هذه الظروف شديدة القسوة، والمنافسة الشرسة بين الأحياء على الموارد الغذائية أدت إلى تطور قدرات تكيُّفية غير اعتيادية لدى أنواع البحر الأحمر، ما يجعلها منافِسة شرسة لنظيراتها في البحر المتوسط». وقالت الدكتورة منال محمد، أستاذة علوم البحار، إن التوسع الجديد في قناة السويس سبب نزوح نوعين من سمك الأرنب "القراض" هما Siganus luridus وSiganus rivulatus إلى البحر المتوسط ومنطقة الخليج قادمين من البحر الأحمر، ليلتهموا كل الطحالب، وبالتالي تشريد الأسماك المتوطنة العاشبة «البريم، والببغاء»، بالإضافة إلى قنافذ البحر، التي تتغذى على النباتات. وطالبت بخطة عمل للحدّ من الغزوات، خاصة أن البحيرات المرّة لم تعد تجمع ما يكفي من ملح الأرض لكي توقف مرور الكائنات البحرية إلى «المتوسط»، ولفتت إلى ضرورة إنشاء "ستارة فقاعات"، لضخّ الهواء في أنابيب تمتد تحت الماء، وتتخللها ثقوب دقيقة لخلق دوّامات تردع الأسماك. وطالب بكرى أبو الحسن، شيخ الصيادين، بضرورة البحث عن حلول لإيقاف غزو الكائنات البحرية التي تسببت في اختفاء الأسماك وتهدد بتشريد الآلاف الصيادين، خاصة بعد تضييق الخناق عليهم ومنع اقترابهم من قناة السويس أو جزيرتي تيران وصنافير، وحصرهم في منطقة خليج السويس.