اشتد الضغط الدبلوماسي الإيطالي على مصر خلال اليومين الماضيين، على خلفية أزمة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر منذ أكثر من شهرين، الأمر الذي طالبت على أثره روماالقاهرة بالمزيد من التعاون والشفافية في التحقيقات الجارية، في حين أكدت إنها سترد بإجراءات مناسبة وفورية ضد مصر، إذ لم يكن هناك أي تغيير في أسلوب التعاون، هذه التصريحات صاحبها بعض التأكيدات البرلمانية التي تشير إلى أن قضية ريجيني يمكن اعتبارها اختبارا لمستقبل العلاقات التي تربط إيطاليا بمصر، الأمر الذي يطرح سؤالًا مهما ما هو شكل العلاقات في الفترة الأخيرة وحجم الاستثمارات المتبادلة والتعاون الوثيق بين البلدين قبل بروز قضية ريجيني على السطح، والتي قد تكون ثمنُا باهظًا ستخسره القاهرة. من جانبها؛ جاء رد الدبلوماسية المصرية باهتا علي تصريحات وزير الخارجية الإيطالي، فعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد أبوزيد أكدت أنه نظرًا للعلاقات التاريخية بين مصروإيطاليا فلن تعقب مصر على هذه التصريحات الإيطالية، والتي وصفها بإنها قد تزيد من تعقيد الموقف، ولن تكون موفقة في الوقت الراهن، لاسيما وأنها تأتي قبل زيارة وفد أمني من المحققين المصريين إلى إيطاليا لمناقشة آخر تطورات القضية. وكان وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني قد وصف التعاون الذي عرض من قبل المصريين في قضية ريجيني بأنه بدا غامضاً وغير كاف، كما اشتمل على ملفات شحيحة من حيث المحتوى، وأردف رئيس الدبلوماسية الإيطالية خلال الإحاطة، سنفهم من اجتماع المحققين المقرر يومي الخميس والجمعة من هذا الأسبوع، إن كان هناك تعاونا كاملا، مؤكدا ضرورة إمكانية الحصول على الوثائق المفقودة، وعدم قبول حقائق مشوهة ومريحة، وكذلك التأكد من هوية المسؤولين عن إخضاع جوليو ريجيني للمراقبة في الفترة التي سبقت وفاته. إيطاليا الأهم أوروبيا بالنسبة لمصر ويعد هذا التصعيد الدبلوماسي في العلاقات المصرية الإيطالية هو الأول من نوعه بعد ثورة 30 يونيو، حيث عولت القاهرة على إيطاليا في العديد من التحركات المصرية أوروبيا، وكان أهمها ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي من قبل في أكثر من خطاب له أن إيطاليا من ضمن أهم ثلاث دول كانوا الصوت المسموع لمصر في الاتحاد الأوروبي بعد ثورة 30 يونيو، مضيفًا أنها لعبت دورا كبيرا في إقناع العالم والاتحاد الأوروبي بحقيقة الوضع فى مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، هذه التصريحات تشير بوضوح إلى أهمية الجانب الإيطالي لمصر في الاتحاد الأوروبي وهو ما ستكون فاتورة تدفعها القاهرة إذا لم تنتهِ الأزمة في أسرع وقت. العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيطاليا وبعيدًا عن العلاقات السياسية والدبلوماسية، والتي أكد كثير من الخبراء أنها قد تكون ورقة ضغط إيطالية على مصر، هناك تبادل اقتصادي واسع ومتشعب بين البلدين يدفع إلى حفاظ مصر وإيطاليا على علاقات طيبة، حيث تعتبر روما شريك اقتصادي مهم لمصر، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 6 مليارات دولار حسب التصريحات الرسمية. وكانت وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فيدريكا جويدي قطعت زيارة إلى مصر في شهر فبراير الماضي بعد العثور على جثة الطالب الإيطالي، وهو ما فسره محللون بأنه رسالة إيطالية إلى القاهرة مفادها أنها قد توقف الاستثمارات والمساعدات التي تقدمها من خلال الاتحاد الأوروبي للبنية التحتية في مصر. وفي الفترة الأخيرة لوحت شركة «إيني» الإيطالية، إحدى أكبر شركات البترول في العالم، عزمها بيع أصولها في مصر، ولم تتضمن التصريحات التي نقلتها وسائل الإعلام العالمية عن الرئيس التنفيذي لإيني، حول أسباب اتجاه الشركة الجديدة، ولكن التوقيت أثار تخوفات كثيرة حول ارتباطه بالحادث الأخير. وتوقع دبلوماسيون وخبراء أن تتجه إيطاليا للضغط على مصر من خلال اللجوء لسحب الاستثمارات الاقتصادية ووقف السياحة مثلما فعلت موسكو، خاصة أن السياح الإيطاليين يفضلون قضاء إجازاتهم في المنتجعات السياحية في شرم الشيخ والغردقة، وأعلنت جمعية السياحة الإيطالية وقف جميع رحلاتها إلى مصر مؤخرًا. على الصعيد الإقليمي.. ملف ليبيا الأهم يعد الملف الليبي مهم جدًا بالنسبة لمصر وإيطاليا، حيث دائمًا ما يؤكد الجانبان توافقهمها في هذه المسألة ودعمها للبرلمان الشرعي والتأكيد على أهمية تمكين الحكومة الجديدة من القيام بمهامها وأهمها مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة. واستمر الاتصال بين مصر وإيطاليا بطريقة مكثفة منذ بداية الأزمة الليبية حيث توالت الاجتماعات واللقاءات، لا سيما وأن ليبيا تعتبر بالنسبة للقاهرة أمنًا قوميًا وهي ترى أن انعدام الأمن فيها سيعود بالسلب على مصر وترى إيطاليا أهمية قصوى في ليبيا المستعمرة القديمة والتي تمثل تهديدًا عليها من حيث تدفق اللاجئيين من إفريقيا أو خطر التنظيمات الإرهابية والتي هددت أكثر من مرة أنها ستصل إلى روما، لذلك هناك مصلحة مشتركة بين مصر وإيطاليا للتنسيق الدائم في هذا الملف، الأمر الذي يراه محللون بإنه قد يتوقف على خلفية الأزمة الأخيرة.