* أسوشيتد برس: انسحاب البرادعي وجه ضربة جديدة لليبراليين واليساريين بعد نتائج الانتخابات والحملة العسكرية ضدهم * الإخوان ابتعدوا عن المظاهرات المناهضة للمجلس العسكري معتبرين أن الوقت حان لإجراء انتخابات وليس مظاهرات * استعداد الإخوان لاستيعاب العسكريين ينبع في جزء كبير منه من إدراك صلاحيات الجنرالات الواسعة وقدرتهم على عرقلة الانتخابات * العسكر قد يرغبون في تأمين الدعم للإخوان مقابل حصانة من الملاحقة القضائية لدورهم في قتل أكثر من 100 متظاهر منذ توليهم السلطة ترجمة- شيماء محمد: اعتبرت وكالة أنباء اسوشيتد برس أن الانسحاب المفاجئ للزعيم الإصلاحي محمد البرادعي من السباق الرئاسي أوضح الفوضى التى تمر بها الفترة الانتقالية لمصر نحو الديمقراطية، مع بقاء أقل من ستة أشهر على قيام الجنرالات الحاكمين بتسليم السلطة. وذكرت أنه بعد أقل من أسبوعين، سيحتفل المصريون بمناسبة مرور عام على بدء الانتفاضة الشعبية التي أجبرت حسني مبارك على التنحي عن منصبه، لكن لم يعد هناك الكثير من النقاش حول أهداف الثورة فى تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية . وبدلا من ذلك، تسود ضجة حول التحالفات الجديدة التي يمكن أن تسمح للعسكر الحاكمين بالحفاظ على هيمنتهم فترة طويلة على الحكومة، وضجة حول استعراض الإسلاميين عضلاتهم بعد فوزهم الكبير في الانتخابات البرلمانية . واعتبر تقرير الوكالة العالمية أن إعلان البرادعي حمل “ضربة قاسية” للمجموعات الليبرالية واليسارية التى كانت وراء سقوط مبارك بعد “ضربة” هزيمتهم في تصويت الانتخابات وبعد الحملة العسكرية المتصاعدة ضدهم. ونقلت الوكالة عن شادي الغزالى حرب، في تعليق عن الانتخابات الرئاسية: “نشعر أن الانتخابات الآن ليست أفضل إطار نحو حكم ديمقراطي”. وأوضحت أنه تم تقسيم الشباب الثوريين، الذين دفعوا نحو الإطاحة بمبارك يوم 11 فبراير، كما تم توريطهم في نزاع مرير ومتزايد مع الجنرالات الحاكمين حول أسلوب تعاملهم مع المرحلة الانتقالية، حيث تم قتل العشرات من المحتجين من قبل قوات الأمن كما انتهكت حقوقهم الإنسانية وحوكم الآلاف من المدنيين أمام المحاكم العسكرية . ومع ذلك، يرى شادي، بعض الأمل في انسحاب البرادعي . وقال: “إنه لم ينسحب ويترك فراغا كبيرا في الساحة، بل سيعود للقيام بعمل على المستوى الشعبي وهذا قد يساعد في توحيد الشباب لإحداث التغيير “. ووفق الجدول الزمني الذي حدده المجلس العسكري، ذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع في الانتخابات البرلمانية على عدة مراحل. ومن الآن وحتى نهاية يونيو، موعد تسليم الجنرالات للسلطة، من المقرر إجراء انتخابات الشورى وصياغة دستور جديد، وإجراء استفتاء حول الدستور ثم الانتخابات الرئاسية. ومساء الأحد، أعلن الجيش أن فتح باب الترشح لمنصب الرئيس سيكون في منتصف أبريل، والانتخابات ستجري في منتصف يونيو . وأعرب ناشطون أن هذا الجدول الزمني المزدحم يخلق مناخا يسمح فقط للإسلاميين الأفضل تنظيما والأكثر شهرة، بالهيمنة على حساب الجماعات الليبرالية واليسارية. العديد من تلك الجماعات ولدت من رحم الانتفاضة وليس لديها الكثير من الوقت أو الخبرة لتنظيم نفسها من أجل المنافسة مع الإسلاميين. فجماعة الإخوان، على سبيل المثال، تم تأسيسها منذ أكثر من80 عاما وكانت بالفعل قوة سياسية معروفة قبل الانتفاضة. واعتبر التقرير أن قرار البرادعي قد يكون خطوة محسوبة، بعدما أدرك أنه سيكون من المستحيل الفوز في الانتخابات دون دعم من الإسلاميين الذين ظلوا على مسافه بعيده منه، ولذلك اختار الانسحاب والتشكيك علنا فى العملية السياسية برمتها باعتبارها فوضوية وغير منظمة. ونقل عن نجاد البرعي قوله أن البرادعي ما كان ليصبح رئيسا، ولكن لديه الآن فرصة أن يكون “غاندي المصريين”. وأشارت الوكالة الإخبارية إلى أنه من بين جميع القوى السياسية، عمل الإخوان بشكل وثيق مع الجيش . فبدافع أنهم قمعوا على مدى 60 عاما كجماعة محظورة، تظهر رغبة الإخوان فى السلطة مما دفع المنافسين لاتهامهم بالانتهازية السياسية. حيث بقي مؤيديها بعيدين عن الانتفاضة، ولم ينضموا اليها إلا عندما أصبح واضحا أن حركة الاحتجاج اكتسبت زخما لا رجعة فيه. وفي الآونة الأخيرة، بقت الجماعة بعيدة عن الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري، معتبرة أن الوقت حان لإجراء انتخابات لا مظاهرات في الشوارع. واستنتج التقرير أن استعداد الإخوان لاستيعاب العسكريين نابع في جزء كبير منه من إدراكها أن الجنرالات يسيطرون على صلاحيات واسعة النطاق ويمكن أن يعرقلوا العملية الانتخابية التي استفادت منها الجماعة أكثر من غيرها. ويمكن لهذا الفوز الانتخابى الكبير أن يمكن الإخوان من الوعد بتقديم شيئا ما للعسكريين في المقابل. وقد يرغب الجنرالات في تأمين الدعم للإخوان لكسب الحصانة من الملاحقة القضائية لدورهم في وفاة ما لا يقل عن 100 متظاهر منذ أن تولوا السلطة . فمن المفترض للبرلمان الجديد أن يلعب دورا رئيسيا في صياغة دستور جديد. والجيش يريد بنودا في الدستور تجنبه أي رقابة مدنية على ميزانيته، وصفقاته فى السلاح، والمصالح التجارية واسعة النطاق لكبار قادته. وفيما يصر الجنرالات على أنهم لن يتقدموا بمرشح للرئاسة من داخل صفوفهم، يعتقد كثيرون أنهم سيعطون إشارتهم لأحد المرشحين الذي سيكون إما صديقا للعسكر أو مدنيا من خلفية عسكرية .