في ظل ما تشهده المنطقة من حروب واقتتال وتمدد للإرهاب وأزمات وملفات كثيرة ملتهبة في سوريا وليبيا والعراق واليمن وفلسطين، تخوض القاهرة الخميس معركة انتخابية في مجلس الأمن للحصول على عضوية غير دائمة، تسعى من خلالها للعودة بقوة إلى المجال الدولي لتكون فاعلة فيه بشكل رسمي في ظل ما تعانيه المنطقة العربية والقارة الإفريقية من حروب وصراعات وأزمات. بدأت مساعي القاهرة للفوز بمقعد مجلس الأمن قبل عامين، حيث ركزت أغلب زيارات الرئيس ووزير الخارجية في مناسبات عدة على هذا الأمر فضلا عن تنسيق مصر مع دول كبرى كفرنسا وروسيا والصين، وانطلاق حملتها الانتخابية من القاعدة الأصيلة في الشرق الأوسط والوطن العربي وإفريقيا حيث من المتوقع أن تصوت الدول العربية كافة لصالح مصر، إلى جانب إصدار قرار الاتحاد الإفريقي قرارا بدعم دولتي مصر والسنغال على مقعدي إفريقيا في مجلس الأمن واللتان تقدمتا دون منافس آخر وهو ما يحسم مبدئيا المقعدين لكن الأمر يتوقف عند ضرورة الحصول على ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة البالغ 196 دولة. وكشف مصدر مطلع أن هناك تحركات عربية في الأممالمتحدة دعمت ومازالت تدعم وتعمل مع مصر في اتجاه واحد لإنهاء التصويت، وأن المجهود المبذول في هذه الانتخابات لم يكن فرديا أو عربيا فقط، بل شاركت فيه دول أوروبية لحشد الأصوات الدولية لصالح القاهرة في ظل دخول تركيا لعمل تحركات مناوئة لمصر في الأممالمتحدة لمنع حصول القاهرة على هذا المقعد. وأشار مصدر مطلع إلى أن تركيا دائمًا ما تثير في الكواليس المغلقة بالأممالمتحدة، قضايا الإعدام زاعمة أن مصر تعاني من قصور في مجال حقوق الإنسان لحشد المجتمع الدولي ضدها في التصويت لعضوية مجلس الأمن موضحًا أنه في المقابل هناك دول أوروبية حشدت أصوات دولية لمصر، هي اليونان، إسبانيا، إيطاليا، وفرنسا بالإضافة إلى روسيا في ظل العلاقات القوية بين مصر وتلك الدول. وتحتاج مصر إلى تسعة أصوات من الدول صاحبة العضوية الدائمة في المجلس، والبالغ عددها خمسة عشر عضوًا، ويشير بعض الخبراء إلى أن تنفيذ خارطة الطريق وقرب الانتهاء من انتخاب البرلمان في مصر يعزز فرصة مصر في الحصول على هذه العضوية، حيث أكد السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك تأييد من المجموعتين الإقليمين اللتين تنتمي إليهما مصر، وهما الاتحاد الإفريقي والمجموعة العربية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعد مهمة جدا في إطار عدم وجود دول منافسة في إقليمنا. وأضاف رخا في تصريحات خاصة للبديل أن هناك أمرًا آخر يعزز فرصة مصر في الحصول على هذه العضوية، وهو تأييد روسيا والصين وفرنسا، كما أن أمريكا وبريطانيا لم يبدوا أي اعتراض، وهناك صعوبة أيضًا في استخدامها حق النقض الفيتو؛ لعدم وجود بديل لمصر يمثل شمال إفريقيا، وأكد رخا أن وزير الخارجية ومجموعته الدبلوماسية تقوم بمجهودات كثيرة لحصول مصر على هذه العضوية. من جانبه أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد ، أن الجهود التي تبذل الآن في نيويورك لا تسعى فقط للحصول على الأصوات اللازمة لدعم مصر في مجلس الأمن، لكن لتوضيح ما ستفعله والخطط التي تأمل تحقيقها خلال فترة عضويتها، وخاصة فيما يتعلق بالأمن الإقليمي بوصفها أهم دولة عربية وشرق أوسطية في المنطقة، والتي تعد مفتاح الاستقرار. وتسعى القاهرة الدخول مجلس الأمن للمرة الخامسة، لتمثل إفريقيا حيث سبق وأن شغلت عضوية المجلس الدولي خلال الفترات 1949/ 1950، و1961/ 1962، و1984/ 1985، و1996/ 1997، عن طريق دعم دول كبرى روسيا والصين من تشكيل تحالف لإحداث نقلة نوعية من خلال طرح مساع لتعديل ميثاق الأممالمتحدة، وإفساح المجال لعضوية دائمة بمجلس الأمن بمقعد أو اثنين لقارة إفريقيا، وهو الأمر الذي يطرح تحديات كبرى أمام مصر في هذه الدورة حال توفيقها في نيل العضوية بمجلس الأمن. هناك تحد آخر أمام مصر حال فوزها بمقعد غير دائم بمجلس الأمن وهو محاولة استرجاع 84 قرارا مرة أخرى إلى طاولة الأممالمتحدة، بشأن القضية الفلسطينية، لم ينفذ منها أي قرار بسبب معارضة أمريكا المتمتعة بحق الفيتو، كما سيكون على عاتق الدبلوماسية المصرية شرح قضيتها من المياه، ومحاولة إقناع المجتمع الدولي بالتلاعب الإثيوبي الذي ظهر جليا خلال الفترة الماضية في مفاوضات لم تسفر عن أي شيء إيجابي، بل على العكس استمرت وأخذتها إثيوبيا ستارًا لاستكمال بناء السد دون النظر إلى مخاوف مصر من الأثار السلبية الناتجة عنه.