الجمل: الاقتصاد غير الرسمي يبلغ نحو 600 إلى 800 مليار جنيه عامر: 70% من الجدد بسوق سوق العمل يشتغلون بالاقتصاد الخفي الاقتصاد الموازي هو الأنشطة كافة المولدة للدخل، التي لا تسجل ضمن حسابات ناتج الداخلي الخام؛ إما لتعمد إخفائه تهربًا من الالتزامات القانونية المرتبطة بالكشف عن هذه الأنشطة، وإما أن هذه الأنشطة مخالفة للنظام القانوني السائد. ويشمل الاقتصاد الموازي أشكال الدخل غير المصرح بها والمحصلة من إنتاج السلع والخدمات المشروعة؛ لعدم خضوعه للرقابة الحكومية، ولا تَرد مدخلاته ومخرجاته في الحسابات الوطنية، وتتنوع مجالات العمل به، فيسمي الاقتصاد الأسود حين يأتي عن طريق التعامل مع "الأسلحة، مخدرات، سرقة، آثار"، أما عندما ينتج سلعة من خلال معامل غير مرخصة "ورش، ودكاكين غير مرخصة" فيسمى حينئذ بالاقتصاد غير الرسمي. وينتشر الاقتصاد غير الرسمي لوجود أنظمة ضريبية غير عادلة، تدفع الأفراد والمنشآت إلى البحث عن الحيل والطرق الملتوية؛ للتهرب من الضرائب وتزوير الحسابات، مع ارتفاع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان والتأمينات الاجتماعية، وتدني مستويات الأجور المادية والمعنوية، التي لا تتناسب مع مستوى المعيشة، وظهور الفساد الإداري والمالي الذي يؤدي إلى ازدياد وتفاقم مشكلات الاقتصاد الخفي بأشكاله كافة. وتظهر الآثار السلبية للاقتصاد الموازي في تخفيض حصيلة الضرائب، مما يؤثر على سياسات الاستقرار الاقتصادي، وتشوه المعلومات، وارتفاع معدلات التضخم. قال الدكتور حمدي الجمل، الخبير الاقتصادي: التقديرات تشير إلى أن حجم الاقتصاد السري غير الرسمي يتراوح ما بين 600 إلى 800 مليار جنيه، وهذا رقم كبير جدًّا، ويفقد الموازنة العامة الكثير من الضرائب لتحسين حالة الاقتصاد وسداد عجز الموازنة الذي يهدد الاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الاقتصاد غير الرسمي يعتبر ثقافة مصرية، والأهم هو تحديد حجمه؛ لوجود خدمات في الشارع المصري يقدمها المواطنون بعضهم لبعض ومن الصعب إدخالها في الاقتصاد الرسمي للدولة. وأضاف الجمل أنه لابد من تطبيق بعض النقاط لإدخال الاقتصاد الرسمي في غير الرسمي؛ ويجب وضع آليات معينة تمكن الدولة من تحقيق العدالة الضريبية وتغيير ثقافة المجتمع المصري بأن التهرب من الضرائب جريمة تساوي الهروب من ميدان المعركة أو السرقة أو القتل أو الجرائم المخلة بالشرف وحرمان المتهرب من ممارسة حقوقه السياسية. وتابع: مشكلة ارتفاع الاقتصاد غير الرسمي هي أن الفقراء من يدفعون الضرائب مع الشركات التابعة للدولة، وهذه كارثة للموازنة العامة؛ لأن الضريبة تمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي، لذلك يجب أن يدفع أصحاب الملايين المتهربين الضرائب لضم الاقتصاد غير الرسمي للدولة. وأوضح الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، أن العاملين بالقطاع غير الرسمي لا يحصلون على تأمينات اجتماعية ولا على حقوقهم، مع عدم توافر شروط السلامة الصحية في المؤسسات أو وجود مظلة من التأمين الصحي، كذلك المستهلك يحصل على سلع وخدمات غير مطابقة للمواصفات غير الصحية، غالبًا ما تكون المصانع أو ورش العمل للاقتصاد غير الرسمي في المجتمعات العمرانية، مما يضر بصحة السكان. وأشار عامر إلى تعدد السلبيات التي تقع على عاتق الاقتصاد المصري من ممارسات الاقتصاد غير الرسمي، فمنها ما يعود على الدولة كمؤسسة، والشركات العاملة بالاقتصاد الرسمي، والأفراد العاملين بالقطاع غير الرسمي، والمجتمع ككل، سواء كمستهلكين أو سكان محيطين ببعض الكيانات العاملة بالاقتصاد غير الرسمي، خاصة تلك العاملة بقطاع الصناعة. وأكد أن سلبيات الاقتصاد الموازي تضيع جزءًا لا يستهان به من الإيرادات على الخزانة العامة للدولة، سواء المتعلقة بالتهرب الضريبي أو تلك المتعلقة برسوم التراخيص وتقديم الخدمات الحكومية. وقال: المبالغ الخاصة بالتهرب الضريبي للاقتصاد غير الرسمي تقدر بنحو 150 مليار جنيه، فالمؤسسات العاملة بالاقتصاد غير الرسمي لا تقدم فواتير، وهي بالضرورة لا تحصل على فواتير لمشترياتها، حتى لا يستدل عليها لدى مصلحة الضرائب، وتتبين أهمية هذه المبالغ إذا ما علمنا أن الحصيلة الضريبية في مصر لا تزيد عن 260 مليار جنيه سنويًّا، وأن حجم الحصيلة التي يمكن تحصيلها من الاقتصاد غير الرسمي تقدّر بضعف الحصيلة الضريبية السنوية الحالية ب200 مليار جنيه. وأضاف عامر: إصلاح الاقتصاد غير الرسمي ليس فقط بتحسين الحصيلة الضريبية، لكن يجب أن ينظر إليه على أنه المشغل الأكبر في سوق العمل المصري، فنحو 70% من الداخلين في سوق العمل الجدد يشتغلون بالاقتصاد غير الرسمي، وعلينا الاستفادة من إمكانيات هذا القطاع، أما ضم الاقتصاد غير الرسمي بالرسمي يتطلب تخفيض الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة 10% ومشاركة الدولة في تحمل التأمينات الاجتماعية، وتخفيض نسبة صاحب العمل، وإنفاق هذه الحصيلة على تطوير العشوائيات والمناطق المأهولة بالمشروعات غير الرسمية، مع تيسير إجراءات التراخيص وخفض الرسوم الخاصة بتراخيص تأسيس المشروعات الصغيرة، وتشجيع جمعيات حماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدني بالتوعية، وخطورة غياب اشتراطات الصحة والسلامة لمنتجات الاقتصاد غير الرسمي، مع تفعيل دور الدولة في الرقابة والتفتيش وتسجيل المشروعات غير الرسمية، ودور مأموريات الضرائب شعبة الحصر وتفعيل إقامة المجلس الأعلى للضرائب أحد المهام المنوط بها حصر المجتمع الضريبي. من جانبه أوضح الدكتور شريف فياض، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد الموازي يظهر بكثرة في التعليم والصحة والسلع التموينية، ففي التعليم نجد الدروس الخصوصية تحدد راتب المعلم دون أن يكون للدولة دخل فيها لفرض ضرائب عليها، أما الصحة فنجد العيادات الخاصة، ومن هنا لا يمكن تحديد الدخل الأساسي للطبيب، بالإضافة لعدم الرقابة على الأسواق التي تعطي الفرصة لظهور الاقتصاد الأسود في السلع التموينية. وأكد أن رفع كفاءة الخدمات وتطويرها يساعد الدولة على التخلص من الاقتصاد الموازي وضمه للدولة، بالرقابة على الأسواق ورفع كفاءة المنظومة التعليمية والصحية، التي تهدر الكثير من الأموال في الاقتصاد غير الرسمي للدولة.