كثير من الناس يطلقون اسم "اقتصاد الظلام" علي العديد من الأنشطة التجارية والاقتصادية في اقتصاد الدول النامية والمتخلفة وهو ما يسمي في علم الاقتصاد بالاقتصاد الخفي والذي يمثل 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي كما تؤكد الدراسات العلمية. وأن هذا النوع من الاقتصاد يمثل نحو 300 مليار جنيه إذا وصل حجم الناتج المصري إلي تريليون جنيه. العملُ بطريقة غير رسمية" مصطلح شائع يطلق على كل من المخرجات والقوى العاملة في المنشآت غير المسجلة لدى الحكومة، كما يطلق على النشاطات والقوى العاملة في المنشآت المسجلة لدى الحكومة ولكنها غير مبلَّغ عنها. وبناء على ذلك، فإن من الصعب تقدير حجم النشاط غير الرسمي استنادًا إلى هذا التعريف. إلا أن بعض التقديرات تشير إلى أن أكَثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية، و70% من عمالها موجودون خارج الاقتصاد الرسمي. ويفتقر العاملون في تلك المنشآت إلى الأمان والحماية الاجتماعية. وتستخدم المنشآت غير الرسمية الأكبر حجمًا -التي لها ارتباطات أفضل- ممارسات غير رسمية للتغلب على المنافسين الرسميين الأكثر إنتاجية، مما يؤدي إلى إبطاء عجلة النمو الاقتصادي لان الاقتصاد الخفي يضم المتهربين من دفع الضرائب والرسوم الحكومية وهذه الفئة في مصر تمثل نسبة تصل إلي 30% بالفعل، كما يضم أيضا صناعة بئر السلم والتي تمثل ما يزيد علي 70% من حجم صناعة الغذاء في مصر فعلي سبيل المثال يصل حجم تجارة بئر السلم إلي نحو 75 مليار جنيه من إجمالي قطاع التجارة الداخلية في مصر الذي يصل إلي 150 مليار جنيه سنويا. مما يترتب عليه ضياع مليارات الجنيهات من موارد الدولة سنويا بسبب التهرب الضريبي وعدم خضوع مصانع بئر السلم للضرائب التجارية أو الصناعية. كما أن هذه الصناعات لا تتبع الاشتراطات الصناعية والبيئية والصحية في التصنيع مما ينتج عن ذلك كوارث صحية للمصريين بسبب انتشار الأمراض الخطيرة مثل الفشل الكلوي وأمراض الكبد والسرطان وغيرها. لان تجارة الأرصفة أو من يطلق عليهم الباعة الجائلون والذين يصل عددهم إلي أكثر من 3 ملايين بائع جائل في مصر هؤلاء ينضمون إلي الاقتصاد الخفي لان حجم تعاملاتهم لا يقل عن 30 مليار جنيه. فقد الباعة الجائلون بقوة وبشكل مفزع في ميادين وشوارع وأزقة الجمهورية مما يؤكد حجم بيزنس أرصفة الشارع المصري والذي يعتمد اعتمادا رئيسيا علي الصناعة الصينية الرديئة الصنع ويضيع علي الدولة مليارات الجنيهات من المتحصلات الضريبية سنويا. وكذلك تجارة المخدرات في مصر والتي يصل حجمها إلي 17 مليار جنيه سنويا وكذلك الدروس الخصوصية والتي يصل حجم تعاملاتها إلي نحو 45 مليار جنيه يتكبدها المصريون وهي نفس قيمة المبلغ الذي تدعم به الدولة ميزانية التعليم في مصر. وأيضا هناك المعاملات التجارية الزراعية والحيوانية بالريف المصري والتي تتعدي المليارات من الجنيهات. إننا أمام منظومة متكاملة من الاقتصاد الخفي كالتهرب الضريبي وصناعة رديئة وتجارة الأرصفة ودروس خصوصية وتجارة مخدرات وخلافه. وهذا الأمر يمثل مشكلة اقتصادية كبيرة لابد من وضع حلول لها وأهمها دمج هذه الأنشطة التجارية والصناعية المختلفة بمنظومة الاقتصاد القومي وهو ما سيتم بالتعاون مع الغرف التجارية المصرية ووزارة الصناعة والتجارة وأيضا مع وزارتي التضامن الاجتماعي والداخلية فيما عدا تجارة المخدرات بالطبع والتي تحتاج إلي حلول من نوع خاص تتمثل في مواجهة شديدة وضربات حاسمة من القوات المسلحة وشرطة مكافحة المخدرات للقضاء علي هذه التجارة الرائجة بين الشباب المصري وتسبب خسائر كبيرة جدا للاقتصاد الوطني. كما تتضمن الحلول أيضا تنمية وتطوير ومراقبة مصانع بئر السلم ودمجها بالاقتصاد المصري ليس فقط لزيادة العائد لمصلحة الضرائب المصرية وإيرادات الدولة ولكن أيضا لتوفير الآلاف من فرص العمل بها ولتشديد الرقابة الصحية علي المنتجات الغذائية التي تصنعها هذه المصانع من أجل الحفاظ علي صحة المصريين التي تعد من أهم الثروات لهذا الوطن. قد يتبادر إلى الذهن أن الاقتصاد غير الرسمي هو الاقتصاد الأسود، ولكن الفارق بينهما كبير، لأن الاقتصاد غير الرسمي يمارس أنشطة مشروعة، ولكنه لا يلتزم باستخراج التراخيص اللازمة، ولا يمسك بدفاتر محاسبية تجعله تحت طائلة التحصيل الضريبي.والرقابة الفنية والصناعية والتجارية والبيئية وبالتالي فالاقتصاد غير الرسمي يقدم سلعا وخدمات غير مجرمة من حيث الناحية القانونية والشرعية، بينما يقوم الاقتصاد الأسود على الأنشطة المحظورة قانونًا وشرعًا، مثل تجارة المخدرات وتجارة السلع أو الاتجار بالبشر، أو تنظيم شبكات الدعارة، أو تجارة العملة في الدول التي تمنع هذا النشاط وتقصره على جهات بعينها مثل البنوك. وعادة ما ينتشر الاقتصاد غير الرسمي أو الذي يطلق عليه أحيانًا الاقتصاد الموازي في الدول النامية. وباعتبار مصر من هذه الدول، فمنذ سنوات والاقتصاد غير الرسمي محل اهتمام المجتمع الأكاديمي، فكانت هناك أطروحات عدة تتناول الوسائل والسبل لتحويل هذا القطاع إلى الاقتصاد الرسمي، لكي يضاف إلى قاعدة البيانات الخاصة بالحسابات القومية، وتوفير مناخ أفضل للعاملين فيه. وكانت هناك وجهة نظر أخرى تعتمد على ضم هذا القطاع إلى الاقتصاد الرسمي للاستفادة منه في تعظيم الحصيلة الضريبية، خاصة أن الموازنة المصرية تعاني من عجز مزمن، وزيادة الضرائب قد تساهم في تخفيف حدة هذا العجز. فحجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر، يقدر بنحو 395 مليار دولار، أي ما يعادل 2.6 تريليون جنيه مصري. "يلاحظ أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر تزايد بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادي في الأسواق عن عملها"غير أن تقديرا حديثا لاتحاد الصناعات المصرية يقدر حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر بنحو تريليون جنيه مصري. ويلاحظ أن حجم الاقتصاد غير الرسمي في مصر قد تزايد بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادي بالأسواق عن عملها، مثل الإدارات المحلية، وشرطة المرافق، وغيرها من الأجهزة الرقابية التي تعتني بمنع مزاولة أي نشاط بدون ترخيص. ويزيد على ذلك ضعف الحضور الأمني لرجال الشرطة، وانشغالهم بمواجهة الفعاليات السياسية وأعمال العنف والشغب التي لم تنقطع على مدار الأشهر الخمسة الماضية. وجود الاقتصاد غير الرسمي في مجال الصناعة بنحو 40 ألف مصنع غير قانوني، تمارس نشاطها في أماكن غير مرخص بها، أو أنها تعمل في إطار بعيد عن إجراءات الأمن الصناعي، فضلًا عن شروط السلامة والصحة. ويطلق على هذه الصناعات في مصر مصانع "بير السلم".ويمتد الاقتصاد غير الرسمي في مجال الخدمات، إذ عادة ما تكون أسعار السلع والخدمات المقدمة في إطار هذا الاقتصاد أقل من نظيرتها التي يقدمها الاقتصاد الرسمي، بسبب تهرب الاقتصاد غير الرسمي من الضرائب، سواء في مشترياته أو مبيعاته، فضلا عن وجود تجاوزات كثيرة في كافة مراحل ممارسته للنشاط الاقتصادي. تتنوع السلبيات التي تقع على عاتق الاقتصاد المصري من ممارسات الاقتصاد غير الرسمي، فمنها ما يعود على الدولة كمؤسسة، ومنها ما يعود على أداء الشركات العاملة في الاقتصاد الرسمي، ومنها ما يعود على الأفراد العاملين بالقطاع غير الرسمي، ومنها ما يعود على المجتمع ككل سواء كمستهلكين أو سكان محيطين ببعض الكيانات العاملة في الاقتصاد غير الرسمي، وخاصة تلك العاملة في قطاع الصناعة. ضياع جزء لا يستهان به من الإيرادات على الخزانة العامة للدولة، سواء المتعلقة بالتهرب الضريبي أو تلك المتعلقة برسوم التراخيص وتقديم الخدمات الحكومية. وتقدر المبالغ الخاصة بالتهرب الضريبي للاقتصاد غير الرسمي بنحو 150 مليار جنيه مصري. فالمؤسسات العاملة في الاقتصاد غير الرسمي لا تقدم فواتير لزبائنها، وهي بالضرورة لا تحصل على فواتير لمشترياتها، حتى لا يستدل عليها لدى مصلحة الضرائب. وتتبين أهمية هذه المبالغ إذا ما علمنا أن الحصيلة الضريبية في مصر لا تزيد عن 260 مليار جنيه سنويًا. مخالفة شروط السلامة والصحة في مؤسسات الاقتصاد غير الرسمي، فلا تتوفر الشروط الصحية لدى العاملين بهذا القطاع، ولا تخضع مستلزمات الإنتاج للشروط الصحية التي تشرف عليها جهات رسمية من قبل الحكومة بشكل منتظم أو فجائي، وفي الغالب يتم تجاوز الشروط الصحية بغية توفير التكاليف، ولكن في النهاية يتحمل المستهلك هذه المخاطرة، ويتكبد المجتمع تكاليف العلاج ومواجهة العديد من الأمراض. تُعد حقوق العاملين الضائعة أبرز السلبيات بمؤسسات الاقتصاد غير الرسمي، بدءا من اختيار العاملين من حيث العمر، إذ لا تمانع هذه المؤسسات في تشغيل الأطفال، كما لا تلتزم بالتواجد في المناطق الصناعية المعدة لذلك والتي تتوافر بها مواصفات الأمن الصناعي، فيخضع العاملون لظروف عمل غير مناسبة مما يعرضهم لكثير من الأمراض، كما لا يتمتعون بأية نوع من الحماية سواء كان على شكل تأمين صحي أو اجتماعي. كما يخضعون لساعات عمل أطول، وبأجور متدنية مقارنة لما عليه الوضع في الاقتصاد الرسمي. إضعاف منافسة الاقتصاد الرسمي، إذ عادة ما يعتمد الاقتصاد غير الرسمي على السلع المهربة من الداخل أو الخارج، فيتم عرض سلع الاقتصاد غير المنظم بأسعار تقل بفارق ملحوظ عن نظيرتها المنتجة في الاقتصاد الرسمي، فيضعف ذلك من قدرة منافسة الاقتصاد الرسمي، وهنا باب آخر للإضرار بحصيلة الإيرادات العامة للدولة، حيث تكون السلع المهربة غير خاضعة لرسوم الجمارك. قيام منشآت الاقتصاد غير الرسمي بممارسة نشاطها وسط التجمعات السكانية عادة ما يضر بالسكان والمرافق العامة، حيث تكون المرافق مصممة على خدمة مناطق سكانية وليس مناطق صناعية. فتختلف طبيعة المخلفات، كما أن بعض الصناعات يكون لها عوادم كربونية في الهواء فتؤدي إلى تلوث هواء المناطق السكانية. وقد لوحظ أن هذه المنشآت كانت أحد الأسباب الرئيسية في تلوث مياه نهر النيل، لأنها تقوم بأعمال صرف مباشرة على النهر دون إجراء أي معالجات لصرف مخلفاتها، مما ترتب عليه ارتفاع معدلات تلوث مياه النيل. ولذلك نقترح مجموعة من الإجراءات تساعد على استيعاب هذا النشاط وتحويل الجزء الأكبر منه إلى الاقتصاد الرسمي، وتتبلور في ما يلي: 1 يجب ألا ينظر إلى إصلاح الاقتصاد غير الرسمي من منطق الجباية وتحسين الحصيلة الضريبة للبلاد فقط، ولكن لابد من الأخذ في الاعتبار أن هذا القطاع يعد المشغل الأكبر في سوق العمل المصري. فحسب دراسات أجريت منذ سنتين، تبين أن الاقتصاد غير الرسمي يوظف نحو 73% من الداخلين الجدد إلى سوق العمل المصري، وبالتالي لا بد من إشراك العاملين في هذا القطاع والاستماع إليهم في الإجراءات التي يقترح أن يتم التعامل بها معهم لضمهم إلى الاقتصاد الرسمي. 2 تيسير إجراءات الترخيص، وخفض الرسوم الخاصة بمنشآت الاقتصاد غير الرسمي، حتى يتنسى لهذه المنشآت أن تنضم إلى الاقتصاد الرسمي، وتقديم بعض الحوافز من قبل الحكومة، مثل تخفيض التأمينات الاجتماعية للعاملين بنسبة 30 إلى 50%، على أن تتحمل الحكومة من موازنتها هذه التخفيضات، وعلى أن تكون لفترات محددة، حتى يتم تشجيع هذه المؤسسات على توفير حماية للعاملين لديها على الجانب الصحي والاجتماعي. 3 تفعيل دور الأجهزة الرقابية بشكل أكبر، وعودة الأجهزة الأمنية لممارسة دورها المنوط بها في مساعدة الأجهزة الرقابية في القيام بدورها لمنع الممارسات الخاطئة من قبل مؤسسات الاقتصاد غير الرسمي. ومن جهة أخرى لا بد من تفعيل دور المجتمع الأهلي، وتشجيع جمعيات حماية المستهلك، والجهاز الحكومي المعني بهذا الجانب بتوعية المجتمع بخطورة غياب اشتراطات الصحة والسلامة لمنتجات الاقتصاد غير الرسمي. 4 تخفيض هوامش الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل غالب نشاط الاقتصاد غير الرسمي، حتى يتمكن أصحاب هذه المنشآت من الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي، وأن تتوفر خدمات مصلحة الضرائب ومأموريها بالأسواق التي تنتشر فيها أنشطة الاقتصاد غير الرسمي، وتتبع أطراف التعامل فيها حتى يمكن ضمهم إلى المجتمع الضريبي. 5 ثمة عامل نفسي مهم هو إيصال رسالة إلى العاملين بالاقتصاد غير الرسمي، بأن الدولة ليست ضدهم وأنها لا تطاردهم، ولكنها تسعى لتقنين وضعهم وإدخالهم إلى منظومة الاقتصاد القومي، وأنها ستكون في خدمتهم عبر أجهزتها ومؤسساتها المتعددة. والحقيقة الرابعة هي أن حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تمتلك بعد أدوات جمع المعلومات المطلوبة لفهم وتغيير الوضع الراهن، ولا تمتلك أيضا القدرة على توفير أدوات للأعمال خارج السوق الرسمية من أجل زيادة رأس المال عن طريق إدخال شركاء جدد، أو زيادة التمويل عن طريق إصدار فواتير، أو توسيع الأسواق، أو حماية الأصول الشخصية أو المجتمعية عن طريق الحد من الديون، أو الاعتداد بالسمعة والممتلكات كمعلومات وضمانات للحصول على ائتمان. أن "قطاع الأعمال غير الرسمي" يساهم بنسبة 30% على الأقل في الناتج القومي، غير أن أغلب الدراسات والإحصائيات تشير إلى احتمال وصول هذه النسبة إلى نحو 50%. إذ يندرج العديد من الأعمال ضمن هذا القطاع، مثل التجارة بالمنازل في الريف والمدن. وتؤكد أحدث البيانات أن نسبة مساهمة قطاع الأعمال غير الرسمي في الناتج المحلي المصري خلال السنة المالية 2009/2010 بلغ نحو 400 مليار جنيه، وأن عدد العاملين تحت مظلة هذا القطاع يزيد على 3.5 مليون عامل، يحققون عوائد مرتفعة، في حين تُقدر قيمته في المتوسط ب 30% من قيمة الاقتصاديات العربية.بجب حصر الأسباب الرئيسية التي أدت إلى زيادة نسبة تواجد قطاع الأعمال غير الرسمي، أن أهم تلك الأسباب الإجراءات الورقية المطلوبة للبدء في تنفيذ أي مشروع جديد، وكذلك ارتفاع تكاليف ومصروفات استيفاء تلك الإجراءات، إضافة إلى تعدد المسئوليات القانونية الملقاة على مالك المشروع في ظل الصورة السلبية لدى المواطنين عن الحكومة وتصرفاتها وغيرها من الأسباب التي تصعب من التعامل مع هذا النوع من الاقتصاد. ضرورة إنشاء قاعدة بيانات متكاملة تحصر الحجم الفعلي للقطاع غير الرسمي، أن تلك القاعدة لابد أن تتضمن حصر القطاع وأماكن تواجده، خاصة وأن أحدث الإحصاءات والبيانات أوضحت أن القطاع غير الرسمي ساهم بأكثر من 40% في الناتج المحلى الإجمالي خلال العام 2009 بقيمة تصل إلى نحو 400 مليار جنيه.