3 يوليو 2013 بيان الإنقاذ، فى التاسعة مساء وبعد انتهاء المهلة التى منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، توقف الزمن انتظاراً لخطاب وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى، وساد الصمت الرهيب. وأعلن السيسى إنهاء حكم مرسى، ويتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد، لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ووقف العمل بالدستور المشبوه. وفى نفس التوقيت بعد 11 سنة الإعلان عن حكومة التحديات الصعبة بعد طول انتظار، وسط تفاؤل شديد أن يكون القادم أحسن، وأن تنفرج الأزمات تباعا. ما مستقبل مصر «لو» استمر الإخوان فى الحكم؟. كانت الشواهد تؤكد أن مصر لن تكون مصر التى نعرفها، لا الناس ولا الشوارع ولا البيوت ولا الثقافة والفنون، ولا شىء من مصر إلا بقايا مصر، بسياسات إخوانية متطرفة، فلم يجيئوا للحكم وتداول السلطة، وإنما للاستعمار والبقاء نصف قرن. كانت خطة الإخوان هى تغيير نظام الحكم فى البلاد، وتحويل مرجعية الحكم الرئاسى من الاتحادية إلى المقطم، وترشيح الرئيس من مكتب الإرشاد، وأدائه اليمين أمام المرشد، وبدأت البروفة بتعيين العناصر الإخوانية الإرهابية فى القصر الرئاسى، وأصبحوا المستشارين وكبار رجال الدولة، وتعاملوا مع أخطر الأسرار وأدقها بعقلية الجواسيس. هكذا كانت مصر منذ 11 سنة، والآن دولة ناهضة تعانى أزمات بدأت فى الانفراج، ولكن الطريق لا يزال طويلاً، ليس هناك بديل عن أن تتحمل الحكومة الجديدة المسئولية، والاستمرار فى الإنجازات وتعظيم الإيجابيات والتخلص من السلبيات، لتصل البلاد إلى بر الأمان. كان الأساس هو المشروعات الكبرى لإعادة إحياء المرافق والخدمات، ووصلنا – تقريباً – إلى حد الإشباع، وكان ضروريا صيانة ما تم، وأن تتجه الاستثمارات إلى المشروعات الإنتاجية وإحياء الصناعة، وهى المهمة العاجلة للحكومة الجديدة. والتحدى الأكبر هو الاستمرار فى إجراءات تعظيم الثقة بين الحكومة ومجتمع رجال الأعمال والصناع والمستثمرين «على أرض الواقع»، والتخلص من حالة التردد والانتظار، تحقيقا لرغبة الدولة فى التخارج من كثير من المجالات، والأجواء مهيأة لتحقيق أقصى استفادة من التدفقات الدولارية الحالية، فمصر كانت تجهز نفسها لتكون أكبر جاذب للمشروعات فى المنطقة، لولا الظروف الإقليمية والدولية المفاجئة التى عرقلت كل شيء. ولن يفعل ذلك إلا مسئولون يمتلكون القدرة على اتخاذ القرارات الصعبة، دون تردد أو تعقيدات روتينية والدولة اختارت الوزراء الجدد بمعايير موضوعية من أهل الخبرة والتجربة والدماء الجديدة. وإذا كان الاقتصاد والسياسة وجهين لعملة واحدة، فالحوار الوطنى كان محطة على الطريق ينبغى البناء عليها، وأهم ثماره توسيع أطر الممارسة، واحتواء كل ألوان الطيف السياسى تحت مظلة واحدة، أساسها الحوار وفتح مجالات العمل السياسى، وترسيخ البديل الديمقراطى كأساس للحكم والاختيار، دون اللجوء إلى سيناريو يناير وما تابعه من تداعيات، أنهكت البلاد واستنزفت مواردها.