مزارعون قنا: أجرنا أرضنا لزراعة الموز بدلًا من الإفلاس المنيا: ما استلمناه من قيمة المحصول لا يغطي تكاليفه أصبح عجز الموازنة الرد الرسمي على مزارعي المحاصيل الاستراتيجية التي يتم توريدها للجهات التابعة للدولة، حيث لا تدفع مستحقات الفلاحين المالية كاملة، وتتفجر العديد من المشكلات التسويقية لدى الفلاحين في موسم توريد المحاصيل وتتعالى صرخاتهم، في محاولة منهم لتوصيل شكواهم للمسئولين لكن دون جدوى. امتنعت شركات السكر التابعة لوزارة التموين والتجارة الخارجية عن صرف باقي مستحقات مزارعي قصب السكر على مستوى محافظات الصعيد، غير عابئة بارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يؤثر سلبًا على موسم الزراعة الجديد؛ لعدم امتلاك الفلاحين تكاليف الزراعة. وعلى الرغم من وضع نائب أحد البنوك التجارية التابعة للدولة دراسة مستفيضة، تناول خلالها المشكلات التي تواجه المزارعين المتمثلة في ارتفاع أسعار الأيدي العاملة التي تعمل بزراعة القصب وحصاده وندرتها وعدم ملاءمة الزيادات السنوية في أسعار القصب، وعدم إدخال الميكنة الحديثة في الزراعة والمحصول، وانخفاض أسعار منتج العسل الأسود داخل العصارات، حيث لا يتعدى سعره 4 جنيهات، في حين يصل سعره عند التصدير إلى أكثر من 10 دولارات، أي ما يعادل 75 جنيهًا مصريًّا. وكشفت الدراسة أن هناك فاقدًا من محصول قصب السكر لنحو 50%، لاتباع الطرق البدائية في إنتاج العسل، وأوصت بعدة حلول لهذه المشكلات، كإنشاء شركة مساهمة مصرية تطرح أسهمها للاكتتاب العام، وتساهم فيها البنوك ورجال الأعمال وأفراد الشعب والجهات الحكومية، ويكون مقرها المنطقة الصناعية بنجع حمادي، ومهمتها استيراد المعدات الحديثة اللازمة لمحصول القصب وتصنيعها محليًّا، وبيع هذه المعدات وتأجيرها للمزارعين وشركات السكر وأصحاب العصارات، وتطوير عصارات العسل الأسود بإدخال نموذج مطور لعصارات تم تصنيعها محليًّا بالتعاون مع وزارة الصناعة والهيئة العامة للتنمية الصناعية، تعمل بالطاقة الشمسية والغاز الطبيعي، كما أوصت الدراسة بإنشاء مصنعين أحدهما لصناعة الورق والآخر لصناعة الخشب الحبيبي، قائمين على القش الناتج من القصب، بدلًا من حرقه والمصاصة الناتجة من العصارات وشركة السكر، وشراء القش من المزارعين والمصاصة من العصارات وشركة السكر، واستخدامها كمواد خام لهذين المصنعين، مما يؤدي إلى إنتاج دخل إضافي للفلاح وأصحاب العصارات وشركات السكر، ويوفر الآلاف من فرص العمل الثابتة لأبناء المنطقة، واستصلاح الأراضي الصحراوية المحيطة، وزرعها بمحصول القصب بالطرق الحديثة في الري، بالاعتماد على الآبار الجوفية المكتشفة حديثًا في الصحراء المصرية، وعلى الرغم من تقديم هذه الدراسة لعدة هيئات حكومية لمناقشتها وبحث آليات تنفيذها، إلَّا أنه لم يلتفت إليها أحد. من جانبه قال فهمي عمر، أحد كبار مزارعي القصب بمحافظة قنا: لم تكتفِ الدولة بتملصها تجاهنا من تقديم يد العون في زراعة القصب، وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة وبالكميات المناسبة لزراعاتنا، حيث إن القصب من المحاصيل التي ستهلك كميات كبيرة من الأسمدة، والتي لا تعطي ناتجًا جيدًا بدونها، بل بلغ الإهمال لدرجة أننا لا نحصل على مستحقاتنا المالية كافة عند توريد المحصول للشركات التي أصبحت تابعة لوزارة التموين والتجارة الخارجية، والمسؤولة عن السلع التموينية التي يعد السكر من إحداها، بل سددت الشركات 50% فقط من قيمة المحصول وأجلت الباقي إلى أجل غير مسمى. وأوضح عمر أن تكاليف زراعة قصب السكر وحصاده وصولًا لمرحلة نقله إلى المصانع مرتفعة جدًّا، في ظل ارتفاع سعر العمالة ومدى المعاناة التي نجدها في نقله إلى المصانع، خاصة أن القطارات الخاصة بنقله متهالكة وغير صالحه للاستخدام، كما أن هناك كباسات يمكن أن تشتريها الدولة وتوفرها للمزارعين لتسيل نقل القصب، لافتًا إلى أنه بعد كل هذه المعاناة كان لزامًا على الدولة أن توفر كامل مستحقاتنا بدلًا من أن نتسولها من الجهات المعنية كافة، فعندما توجهنا إلى مصانع السكر لمطالبتهم بباقي ثمن المحصول، أخبرنا المسؤولون بأنهم يتبعون وزارة التموين والتجارة الخارجية، وعندما توجهنا إليهم أكدوا أن المالية لم تورد لهم المستحقات، وعندما لجأنا لوزارة الزراعة تملصت هي الأخرى. تابع مزارع القصب: ما يحدث لنا بسبب استيراد التجار للسكر حال اكتفاء مخازن الشركات، حيث بلغت كمياته ما يزيد عن المليون طن دون تسويق، والغريب أن هناك شحنة تصل إلى ما يقرب 200 ألف طن من السكر الخام، وصلت إلى ميناء السويس، خلال الأيام القليلة الماضية، لذلك أطالب الدولة بوقف عملية الاستيراد إلى أن يتم التخلص من المخزون من الناتج المحلي، لافتًا إلى أنه أجر جزءًا كبيرًا من أراضيه لتجار الموز لزراعته بدلًا من القصب، وهو نادم على هذا الإجراء؛ لأنه يدرك تمامًا أنه من الممكن الاستغناء عن الموز، لكن لا نستطيع زراعة القصب، إلَّا أنه اضطر لذلك بسبب تعثره المالي الناتج عن عدم حصوله على مستحقاته كافة من مصنع السكر؛ لأنه يجب أن يبدأ في زراعة المحصول الجديد، بدلًا من ترك أرضه تبور، مضيفًا أنه ليس الوحيد الذي لجأ لهذا الحل، بل معظم مزارعي القصب في الصعيد بصفه عامة. وأضاف إبراهيم محمد ربيع جاد، رئيس اتحاد الفلاحين بمحافظة المنيا، أن شركات السكر تخضع لوزارة الاستثمار وللشركات القابضة إلَّا أننا فوجئنا هذا العام بتيعيتها لوزارة التموين، لافتًا إلى أنه إلى العام الماضي كنا نحصل على 95% من ثمن محصول القصب فور توريده إلى المصانع وال5% المتبقية، كنا نأخذها في نهاية السنة المالية، إلَّا أن هذا النظام تم تغييره هذا العام، حيث فوجئنا بأن كل ما حصلنا عليه من مستحقاتنا هو 50% فقط، وعندما طالبنا بباقي الثمن أو متى سنحصل عليه، لم نجد جوابًا قاطعًا، حيث كان الرد مقصورًا على أنه ليس لهم ذنب، فوزارة التموين لم تورد إليهم باقي المبالغ، التي بدورها لم تحصل عليه من وزارة المالية. وأكد جاد أن نصف قيمة محصول القصب لا تغطي تكاليف زراعته، حيث إن الدولة سعرت طن قصب السكر ب400 جنيه للطن، يتم خصم 120 قرشًا لصالح هيئة المحاصيل السكرية وجمعية منتجي قصب السكر التي عفا عليها الزمن، ولم يعد لها وجود على أرض الواقع سوى اسمها، في حين أن تكلفة الفدان تتعدى ال8 آلاف جنيه، وإنتاجيته تتراوح ما بين 45 50 طنًا، ولن تقف المشكلة عند هذا الحد، بل سنواجه نفس المشكلة في موسم زراعة البنجر، لذلك نناشد رئيس الوزراء بالنظر بعين الاعتبار لما نعانيه ونبذله من جهد دون مقابل. وجاء رد وزارة المالية عندما حاولنا العلم بموعد لتوريد باقي محصول القصب إلى زارعيه، أجاب المتحدث الرسمي بأنه ليس على علم بالموضوع من أساسه، وعلينا الانتظار حتى يستفسر عنه. وتملصت وزارة الزراعة أيضًا كعادتها من المشاركة في حل المشكلة، متعللة بأنها جهة إنتاج وغير مسؤولة عن عمليات التسويق ومشكلاتها، وأن وزارة التموين هي المسؤولة عن هذه الأمور.