لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية تمكن عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية من الوصول إلى شواطئ مدينتي تل أبيب ويافا للاستجمام بعد أن منحتهم إسرائيل تصاريح "زيارة" خلال عطلة عيد الفطر، وأمتلأت الشواطئ بالمستجمين من كل الأعمار ونزل العديد من النساء إلى البحر بأغطية الرأس، في مشهد لم تعهده تلك الشواطئ منذ زمن بعيد، بينما وقف الكثيرون لالتقاط الصور أمام معالم مدينة حيفا وفنادق تل أبيب الشاهقة. بينما أعترض السكان الإسرائيليونعلى تلك الزيارة قائلين "لماذا لا يتم ارسال الفلسطينيين الى الشواطئ في غزة، بدلا من تل ابيب؟". ورد التلفزيون الإسرائيلى على تصريحات السكان الاسرائيليين في تل ابيب، ان الشواطئ مفتوحة لجميع المقيمين والزوار بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس. ويقول طلال التميمي وهو صاحب مكتب سياحي فى الخليل للتليفزيون الفلسطينى أن عدد الذين وصلوا خلال ايام العيد الى تل ابيب وحيفا وعكا يقدروا بنحو 150 الف فلسطيني. واوضح "هذه أول مرة يحصل الناس على هذا العدد الكبير من التصاريح، كان الامر مفاجئا ولا نعرف السبب، ربما لتحسين الوضع الاقتصادي الاسرائيلي". وافادت وكالة (معاً) الفلسطينية أن مدير الأرتباط المدنى لمنطقة الخليل قال "ربما أعطت إسرائيل هذة التصاريح بسبب الوضع الامنى المستقر أو لانعاش الأقتصاد الإسرائيلى لأن أى فلسطينى سيصل الى تل ابيب لن يصرف اقل من 50 دولار فى اليوم وهذه الاموال ستذهب لأنعاش الأقتصاد الإسرائيلى بالطبع". وقدر احمد (45 عاما) القادم من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، عدد الذين حصلوا على تصاريح من المدينة بنحو 25 الفا واضاف "على الارجح هم يريدون ان ينفسوا عن الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يعيشون في ضغط نفسي واقتصادي حتى لا ينفجروا بانتفاضة ضد اسرائيل. انهم يريدوننا ان ننتفض بالماء، يريدون انتفاضة بحر. بعد أن اوقفت إسرائيل منح تصاريح لفلسطينيي الضفة الغربية للدخول الى اراضيها بعد انطلاقة الانتفاضة الثانية في العام 2000، ولم تكن تصاريح الزيارة تعطى الا لعدد محدود من الافراد وللضرورة او في مناسبات خاصة." وبالرغم من أن وصول الفلسطينين الى الشواطئ أسعدهم كثيراً الا انه أغضب أخرين من مؤيدى حملات مقاطعة البضائع والمؤسسات الإسرائيلية. فقد ساد غضب شديد في أوساط الكثير من الفلسطينين من تجار واقتصاديين وسياسيين بضرورة عدم التعاطي مع ما يعرف باسم التسهيلات الاسرائيلية للفلسطينيين إذ قال أحد التجار في مدينة بيت لحم: "ننتظر شهر رمضان والعيد بفارغ الصبر "لنسترزق" فنحن نبيع في المواسم فقط وفي الأعياد لكننا تفاجأنا بهذه التسهيلات التي قسمت ظهورنا وقطعت أرزاقنا، إذ اشترى المعظم حاجياتهم من إسرائيل ونحن جالسين في محالنا ننتظر الفرج وهذا ليس عدلا". بدوره قال محمد لطفي منسق حملة "من بيت لبيت" و"من محل لمحل" التي نظمتها وزارة الاقتصاد قبل أعوام، ان الحملات المقاطعه التي قامت بها الوزارة أدت إلى نجاح كبير، لكن عدم المتابعة مع المواطن ادى الى عدم استمرارية هذا النجاح مما جعل "مول المالحة" تزيد مبيعاته للفلسطينيين عن 9 مليون شيكل في ليلة واحدة فقط، مشيراً إلى أن المول الإسرائيلي قد تحول إلى تجمع تجاري فلسطيني عن جدارة. ومن جانبه قال مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية، ان أحد الاسباب التي جعلت اسرائيل تمنح التصاريح بكثرة اثناء رمضان والعيد، هي تأثرها بنتائج حملات المقاطعه التي حققت نجاحا كبيرا، إذ قال: "شهدنا انخفاض لبيع التبوزينا بنسبة تصل الى 70% خلال اشهر ماضية، وفي الحملات الاخيرة شهدنا مقاطعه واضحة لمنتجات تنوفا وشتراوس، مشيراً إلى أن الحملة ما زالت مستمرة ونسعى الى تخفيض استهلاك المنتجات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة بنسبة كبيرة جداً.وأضاف البرغوثي ان أحد أهداف منح التصاريح هو جذب الفلسطينيين للتسوق من المنتجات الاسرائيلية، فيما يشكل ضررا للفلسطينيين لأن ارباح هذه الاموال تذهب لدعم الاستيطان، مشيراً الى حاجة المجتمع الى حملة توعية كبيرة جداً لعدم السماح بدعم الاقتصاد الإسرائيلي. وقال انه خلال فترة العيد لا تتوفر لدى الحملة احصائيات ومؤشرات وأرقام حول التسوق الفلسطيني في الأسواق الإسرائيلية". كما أشار المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم إلى أن المتتبع للأمور لا يمكنه الحكم على المقاطعة من هذا السلوك الذي ظهر خلال شهر رمضان وأثناء عيد الفطر السعيد إذ إن هذا السلوك يمكن تضمينه تحت مظلة رغبة المواطنين الجامحة للدخول للقدس ورؤية كل شيء فيها ودخول كل متاجرها وهذا نابع من حرمان طويل وحصار تفرضه إسرائيل في علاقة الفلسطينيين بالقدس وبفلسطينيي ال48 ، ويعتبر عبد الكريم أن هذا السلوك طبيعي جداً، فحين يتدفق الآلاف بشكل مفاجىء للقدس وفلسطين ال48 سيقوموا بالابتياع لا محالة إلا أن السلوك غير المقبول هو وصول قيمة المشتريات من مول المالحة فقط في ليلة القدر حوالي 10 مليون شيقل إذ إن ذلك غير مبرر أما من جانب آخر فإن كل زيارة للقدس العربية والأقصى -بحسب عبد الكريم- كانت تضخ ما متوسطه 100 شيكل لكل مواطن وهذا بدوره ينعش الاقتصاد الفلسطيني إلا أن ضخ الأموال في الأسواق والمحال التجارية الإسرائيلية هو غير مبرر مشيراً إلى أن هذا السلوك ليس القاعدة وليس بالضرورة أن ينم عن فشل حملات المقاطعة. وأكد عبد الكريم أن هذا السلوك غير متعمد وإنما ينبع من قلة تفكير من قبل المواطنين وعدم وعيهم بأنهم يشترون من محال إسرائيلية من المتوجب مقاطعتها داعياً حملات المقاطعة إلى تكثيف جهودها من أجل تعزيز هذا الوعي في أذهان المواطنين حتى لا يتكرر هذا السلوك في المرات القادمة. ومن جهة أخرى قالت صحيفة ها ارتس أن الحكومة تخشى أنتفاضة فلسطينية جديدة لذا فتحت الشواطئ للفلسطينين، مضيفة أن عشرات الآلاف من سكان الضفة الغربية الفلسطينين أستطاعوا الدخول الى شواطئ تل ابيب وترك سجنهم العملاق واستطاعوا السباحة فى البحر على الرغم من احتجاج المستوطنين المتشديين واحكام إسرائيل غلق المعابر امام الفلسطينين. وبالرغم من أن إسرائيل حاولت إخفاء ذلك على الجمهور الإسرائيلى لما يشكل من خطر أمنى ألا أن منسق أعمال الحكومة والمسؤول الأمنى الإسائيلى أمر بأزالة العشرات من نقاط التفتيش وفتح الطرق امام السيارات الفلسطينية طوال ايام العيد وبعد منع التنقل لسنوات بين الضفة وإسرائيل أستطاعت هذة الخطوة من تقليل من مشاعر اليأس خاصة أن مبدأ التعايش بين الطرفين لازال مفقود تماماً. Comment *