نشرت صحيفة "نيويورك بوست" تقريراً عن موقف الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح في الإنتخابات الرئاسية المصرية المزمع عقدها في شهر مايو، جاء فيه: أن الاسلاميين الاكثر محافظة فى مصر أيدوا شخصية ليبرالية إسلامية للرئاسة فى مصر، ليلة السبت، فى قرار يقلب المشهد السياسي ويجعل التوقعات ملتبسة حول الديناميكيات الداخلية للحركة الاسلامية . المجموعات المحافظة الاسلامية السياسية الرئيسية ، والمعروفين باسم السلفيين ، أعلنوا دعمهم لعبد المنعم أبو الفتوح ، وهو زعيم منشق سابق فى جماعة الاخوان المسلمين والمعروف بوجهة نظره المتسامحة والشاملة للشريعة الإسلامية. هذا التأييد يقطع شوطا طويلا نحو جعل السيد أبو الفتوح الاوفر حظا في انتخابات الرئاسة التي يمكن أن تشكل النتيجة النهائية للثورة التي اطاحت بالديكتاتور السابق حسني مبارك. حيث أن الفهم الليبرالى للشريعة الاسلامية للسيد ابو الفتوح بشأن قضايا الحريات الفردية والمساواة الاقتصادية كان قد جعله بالفعل المرشح المفضل للكثير من الليبراليين المصريين. ولكن تأييد السلفيين له يوم السبت يجعل منه الان مرشح الاسلاميين الاكثر محافظة في مصر، المعروفين بتركيزهم الصارم على الشريعة الإسلامية، وقد تحدث السلفيون في كثير من الأحيان عن إحياء العصور الوسطى من خلال اقامة الحدود الإسلامية، ووفرض قيود على ملابس النساء وبيع المشروبات الكحولية والقضاء على كل ما هو بدعة . وقد تم إعلان هذا القرار من قبل مسؤولي جماعة الدعوة السلفية، وعلى موقع الحزب الحليف لها ، حزب النور. ووصف قادة السلفية قرارهم بانه جزئيا كرد فعل ضد المرشح الرئاسى لجماعة الاخوان المسلمين ، الجماعة الاسلامية القوية الراسخة التي تهيمن على البرلمان الآن، وعلى الرغم من انهم أكثر اعتدالا من السلفيين، الا أن الإخوان ايضا يؤيدون تشكيل ديمقراطية اسلامية بشكل صريح في مصر . وبشأن القضايا الاجتماعية والثقافية , الجماعة هى أقرب إلى السلفيين من السيد أبو الفتوح . لكن في مقابلات تلفزيونية ليلة السبت ، قال بعض السلفيين أنهم يعتقدون أن مرشح جماعة الإخوان الحالي ، محمد مرسي ، هو أضعف من السيد أبو الفتوح أو من مرشح جماعة الإخوان الأصلي ، خيرت الشاطر . وقال آخرون أن الجماعة السلفية كانت مترددة وحذرة في منح احتكار للسلطة السياسية لجماعة الاخوان المسلمين التي تخلت مؤخرا عن تعهدها بعدم السعي للسيطرة على الرئاسة ، فضلا عن البرلمان . أعترف عبد المنعم الشحات ، المتحدث باسم الجماعة السلفية ، بان هناك إختلافا كبيرا مع السيد أبو الفتوح حول فهمه للآية القرآنية التى تقول : " لا إكراه في الدين "، الذي يفسرها على أنها تعني أن الدولة لا ينبغى أن تجبر الناس على اتباع القواعد الدينية، لكن قال السيد الشحات أن اكراه من هذا القبيل "في الواقع أمر غير ممكن الآن" على أي حال . ألمح سلفيون بارزون في الايام الاخيرة بانهم لم يتوقعوا تحقيق سريع لأهدافهم من اجل أقامة دولة تحكمها الشريعة الإسلامية، بدلا من ذلك ، هم أرادوا رئيسا يستطيع أن يتعامل مع احتياجات مصر الملحة مع السماح لهم بحرية الوعظ والدعوة . هذا الاسبوع , قال الشيخ حسن عمر ، زعيم سلفي ونائب في مجلس الشورى في البرلمان عن محافظة البحيرة ، " اننا لا نريد شيخ الإسلام " . لكن التأييد السلفي ظهر أيضا ليقدم تصديق غير متوقع على رأى السيد أبو الفتوح فى أن خلط الوعظ الدينى والسياسة سيكون " كارثيا" بالنسبة لكلا من الإسلام ومصر ، حيث قال ذلك في مقابلة الاسبوع الماضي مع قناة الرحمة ، وهى قناة سلفية رئيسية . السيد أبو الفتوح ، وهو الطبيب الذى قاد الرابطة الطبية التي تهيمن عليها جماعة الاخوان المسلمين ، كان مؤسس الحركة الطلابية فى السبعينيات التى اعادت احياء السياسة الإسلامية فى مصر. تم طرده من جماعة الإخوان المسلمين في العام الماضي لتحديه قرار قادتها بمنع الأعضاء من الترشح للرئاسة أو الانخراط في العمل السياسي خارج الحزب السياسى للجماعة . على الرغم من أن السلفيين هم أكثر تحفظا بشأن قضايا ثقافية كثيرة ، هم أيضا عادة ما كانوا غير موافقين على تشديد جماعة الاخوان المسلمين على الطاعة الداخلية . وفي مقابلات أجريت مؤخرا مع قنوات فضائية سلفية ، أوضح السيد أبو الفتوح أن ترشيحه وطرده من جماعة الاخوان المسلمين هو جزء من نزاع أكبر حول عما اذا كان في مصر الديمقراطية هل ينبغى أن تسيطر جماعة الإخوان على حزب سياسي خاص بها ، أو العودة بدلا من ذلك الى جذورها في الدعوة الاسلامية والأعمال الخيرية في حين أعضائها يطبقون قيمهم الخاصة بهم في الحياة السياسية . في بعض المقابلات ، ألمح السيد ابو الفتوح إلى أن الانخراط فى الحياة السياسية يوم بعد يوم يهدد مصداقية الزعماء الدينيين ، بدءا من ظهور تنازلات لصالح السلطة إلى مواقف محرجة مثل القضية الأخيرة للنائب السلفي الذي تم أكتشاف انه افتعل حادثة ضربه من قبل مجهولين للتغطية على عملية تجميل فى الأنف . قال السيد أبو الفتوح عن جماعة الإخوان المسلمين في مقابلة مع قناة الرحمة , ان " التداخل بين ما هو متعلق بالسياسات الحزبية وما هو متعلق بالدعوة الاسلامية هو أمر كارثي لكلا من الدعوة الدينية وللحزب كذلك " ، وأضاف " هم سوف يروا في المستقبل نتيجة هذا التهديد ، الذي يشكل خطرا على الوطن وعلى الدين ". وإذا كانت استنتاجاته تبدو في كثير من الأحيان ليبرالية بشكل لافت للنظر ، السيد أبو الفتوح يتكلم ايضا بطلاقة بلغة السلفيين. وقد تحدث بشكل مطول ومفصل جدا حول مطالب الشريعة الإسلامية أكثر من غيره من المرشحين الإسلاميين الأخرى، بما في ذلك بعض هؤلاء الموجودين فى جماعة الاخوان المسلمين، الذين يخشون من المعتدلين . في تجمع لآلاف السلفيين في دلتا النيل هذا الاسبوع ، قال السيد ابو الفتوح أن المصريين المسلمين لم ينتظروا رئيسا ليعلمهم ممارسة شعائر دينهم. انهم يريدون رئيسا لتطوير الزراعة والصناعة ، وأضاف أن الشريعة الإسلامية تتطلب ذلك أيضا. وقال , مستشهدا بقول النبى محمد (ص) , أن " من نام شبعان بينما جاره جائع , فهو غير مؤمن " . ربما قد مست هذه المناشدات الاختلاف في الطبقة الاجتماعية بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين. فجماعة الإخوان انحرفت مناشداتها إلى الطبقات المتوسطة وطبقة رجال الأعمال ؛ قادتها يحملون في كثير من الأحيان درجات علمية متقدمة في مجالات الطب والقانون أو العلوم. برنامجهم السياسى يؤكد على اقتصاد السوق الحر المحبب لرجال الاعمال ، وقادة جماعة الاخوان المسلمين يبدوون أحيانا متعاليين تجاه السلفيين الاقل منهم خبرة سياسية . الساسة السلفيون ، من جهة أخرى ، غالبا هم دعاة محليين قريبين من دوائرهم الانتخابية فى بلدتهم. وبدلا من نشر الدعوة السلفية الدينية فقط ، هم يمارسون نوع من الشعبوية التي تلعب أكثر على مشاعر الاستياء والغضب لكثير من المصريين الفقراء نحو النخبة المنفتحة على العالم ، بما في ذلك قادة جماعة الاخوان المسلمين . وفي آخر ظهور لأبو الفتوح على قناة الرحمة ، ضحك بصوت عال عندما تم الطلب منه تقديم نفسه للمشاهدين السلفيين، وقال " بعض من هؤلاء الزعماء السلفيين أنا اعتز بهم جدا منذ أيام السبعينيات ، وأضاف " واحد منهم كان يمزح معي وقال لي: نحن لن ننسى أبدا أنك كنت أميرنا ، وذلك كان لفظ كنا نستخدمه في السبعينات . لذلك فمن المستحيل القول أن الحركة السلفية لا تعرف الدكتور عبد المنعم " . أبو الفتوح ليس غريباً عن التيار السلفي في مصر