في أول قرار بعد أسبوعين من تولية وزارة قطاع الأعمال العام، اتخذ الدكتور خالد بدوى، قرارا بإيقاف عمل الشركة القومية للأسمنت وعرض أرضها للبيع، مبررا القرار بضرورة وقف نزيف الخسائر واتخاذ إجراءات حاسمة ووضع حلول جذرية للتعامل مع المشكلات والتحديات الكبيرة التي تواجه الشركة ومن بينها المديونيات المتراكمة وعدم توفر بيئة صحية للعاملين داخل المصانع، الأمر الذي يعرضهم للإصابة بأمراض خطيرة، إلى جانب الانبعاثات الصادرة عن المصانع التي تتواجد في منطقة ذات كثافة سكانية عالية مما يفرض ضرورة مراعاة المعايير البيئية في هذا الشأن والحفاظ على سلامة البيئة. وفي اجتماعه، أمس، مع الجمعية العامة بالشركة، استعرض الوزير دراسة تفصيلية من الشركة القابضة الكيماوية لجدوى نقل مصانع الشركة القومية للأسمنت خارج الكتلة السكنية إلى أرض يتم تخصيصها من الدولة، مع النظر في استغلال أرض الشركة على النحو الأمثل بالتعاون مع الجهات الإدارية المسؤولة، والاستمرار في إيقاف أنشطة الشركة فيما عدا طحن الكلنكر لحين الانتهاء من المخزون والدراسة. وأكدت مصادر بالشركة أن المنطقة المقترح بناء مصنع جديد للشركة بها ستكون المنطقة الصناعية في بني سويف، لسهولة استخدام الفحم، لافتة إلى أنه من المتوقع فتح باب المعاش المبكر أمام 2300 عامل لصعوبة الانتقال يوميا من حلوان إلى بني سويف حوالي 100 كيلو. يقول شعبان خليفة، القيادي العمالي ورئيس النقابة المستقلة للعاملين بالقطاع الخاص، في تصريحات خاصة ل" البديل" إن القرار يعكس استمرار سياسة تصفية الشركات العريقة التي تعتبر إحدى أعمدة الصناعة المصرية، وترك المواطن للسوق الحر والمستثمرين الذين يمتلكون معظم شركات الأسمنت، متسائلا:" كيف نترك سلعة استراتيجية كصناعة الأسمنت في أيدي المستثمرين؟ أضاف أن هناك ازدواجية بين تصريحات المسؤولين وخطط التنمية التي تتبناها الدولة وحرصها على إعادة تشغيل المصانع المغلقة، وبين تصفيتها على أرض الواقع لشركات ومصانع تحمل من التاريخ والخبرة سنوات طويلة وتشرد عمالها! وتساءل خليفة: أي تنمية ودعم في حين كان أول قرار لوزير القطاع الأعمال العام بعد أسبوعين من تعيينه هو تشريد 2300 عامل، وغلق شركة تنتج سلعة استراتيجية تغذي الصناعات الأخرى، وتحقق نوعا من التوازن بين جشع التجار ومصلحة المستهلك، وهو عكس ما يحدث في كل دول العالم التي تحرص على إنتاج السلع الاستراتيجية لكي لا تخضع لسيطرة المستثمرين. وأشار إلى أن قرار بيع الشركة القومية للأسمنت مؤشر خطير على سياسات الوزير الجديدة الذي جاء لينفذ أجندة صندوق النقد الدولي، بتصفية ما تبقى من شركات قطاع الأعمال العام وعددها 120 شركة، ويهدد حياة 3 ملايين عامل بهذه الشركات. خليفة طالب بضرورة التحرك القضائي والنقابي ضد سياسات الوزير الجديد للحفاظ على أصول ومصانع وشركات الوطن، وقال إن على الدولة محاسبة المسؤولين الذين تولوا إدارة هذه الشركات، ومحاكمتهم بتهمة إهدار المال العام وإهدار ملايين من الجنيهات، "فكيف تخسر الشركة القومية للأسمنت وبجوارها شركات خاصة للأسمنت تحقق أرباحا طائلة؟، كيف تدعي الحكومة أنها ستنقل المصانع من الحيز السكاني لتلويثه للبيئة في الوقت الذي تترك فيه مصانع وشركات القطاع الخاص؟ إذا تمت الإجابة على هذه التناقضات سنعلم جيدا لصالح مَن يتم تعمد خسارة شركات قطاع الأعمال العام؟. يذكر أن الشركة القومية للأسمنت شركة تابعة لشركة الصناعات الكيماوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، ويقع مقرها الرئيسي ومصنعها في حلوان، وتأسست عام 1956 بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 7969 الصادر في 14 مارس 1956. ويتكون مصنع الشركة القومية للأسمنت من 6 أفران، منها 4 تعمل بالطريقة الرطبة، تبلغ طاقتها التصميمية نحو 0.8 مليون طن كلنكر سنويا، وفرنان بالطريقة الجافة طاقتهما التصميمية 2,7 مليون طن كلنكر سنويا، وتبلغ الطاقة التصميمية للشركة ككل 3,5 ملايين طن أسمنت سنويا وأنفق على تطويرها مليارا جنيه. كما تمتلك الشركة أراضي بمنطقة التبيين جنوب حلوان على مساحة تبلغ حوالي 876 فدانا، منها 549 فدانا مسجلة، والباقي أراضي فضاء.