معركة "عين جالوت" التي وقعت أحداثها في يوم الجمعة الثالث من سبتمبر عام 1260م الخامس والعشرين من رمضان عام 658 للهجرة ضد المغول واحدة من المعارك التي كتب الله فيها النصر للمسملين على يد أبناء مصر بعد أن عاث المغول فسادا في الأرض وقتلوا ونهبوا الكثير دون مراعاة لأي حرمة، حتى التأم شمل المسلمين في مصر والشام والحجاز تحت قيادة الدولة المملوكية، وهزموهم فلم تقم لهم قائمة بعدها، وكان ذلك في شهر رمضان. الاستيلاء على بغداد كانت جحافل التتار كالسيل الذي يجتاح كل ما في طريقه، فقد انطلقت من أواسط آسيا حتى وصلت إلى عاصمة الدولة العباسية في صفر من سنة 656ه، 1285م، بقيادة هولاكو بن طولوي بن جنكيز خان، وسجّل التاريخ أنهم ارتكبوا فيها أفظع المجازر وقضوا على الخلافة العباسية، وعلى معالم الحضارة الإسلامية، ثم قتلوا الخليفة المستعصم بالله وأفراد أسرته وأكابر دولته، وبعد سقوط عاصمة الخلافة استولى التتار على حران والرُّها وديار بكر وحلب، ثم دمشق وكانوا في طريقهم إلى مصر. الاستعداد للمعركة كانت مصر وقتها تحت حكم السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي، الذي تولى حكم مصر بعد أن خلع الملك المنصور علي ابن الملك المعز أيبك وشجرة الدر، خصوصا عقب تفاقم خطر التتار الذي هدد مصر بشكل مباشر، وقتها أرسل هولاكو خان قائد التتار رسالة تهديد مع أربعين رسولًا إلى الملك قطز، فما كان منه إلا أن اتفق مع الأمراء على قتل رُسُل هولاكو كل مجموعة منهم أمام باب من أبواب القاهرة، وعُلقت رؤوسهم على باب "زويلة"، فكانت الرسالة واضحة لهولاكو الحرب لا الاستسلام، ثم بدأ قطز في الاستعداد للقتال بمساعدة كبار رجال الدين وكان منهم عز الدين بن عبد السلام رحمه الله الذي أفتى للنساء بيع حليهن لتجهيز الجيش لمحاربة المغول. عين جالوت وفي يوم الجمعة الثالث من سبتمبر عام 1260م الخامس عشر من رمضان عام 658 للهجرة، التقى الجيشان عند عين جالوت في فلسطين، وبلغ تعداد جيش المسلمين 20 ألفا بقيادة قطز وقائده ركن الدين بيبرس، وبلغ عدد جنود التتار حوالي 20 ألف أيضا بقيادة كتيغا الذي خلف هولاكو بعد عودته إلى قراقورم، ودارت رحى المعركة، واستخدم قطز خطة شديدة الذكاء في الحرب فقسم الجيش إلى قسمين الأول الطلائع بقيادة بيبرس، والثاني جعله احتياطيا جعله يختبئ بين الوديان والتلال المجاورة لصد الهجوم أو قوات الدعم. قام بيبرس بهجوم سحب على إثره جنود المغول إلى الكمين الذي أعده لهم قطز فاعتقد كتبغا أن قواته انتصرت فتقدم، واضطرب الجيش الإسلامي قليلا، فصاح فيهم قطز بأعلى صوته "وااإسلاماه" فعاد المسلمون إلى قوتهم وقتل كتبغا قائد التتار وعدد من الأمراء الذين كانوا معه، وانهزم الجيش التتري. طارد جيش المسلمين التتار حتى فروا إلى بيسان، وهناك التحمت باقي فلول المغول بجيش لهم، ومن جديد اشتد القتال مرة أخرى، فاستبسل المسلمون واستماتوا حتى كتب الله لهم النصر المبين.