لقبه السلطان "الظاهر بيبرس البندقداري"، لقب ب"ركن الدنيا والدين"، وإليه ينسب حي الظاهر بالقاهرة. كان مملوكاً للسلطان الأيوبي "الصالح نجم الدين أيوب" الذي حكم مصر عشر سنوات من 1240 إلي 1250 م. كان الظاهر "بيبرس" فارسًا متميزًا يتمتع بالذكاء والشجاعة والإقدام، ومن ثم ترقي في المناصب في قصر سيده السلطان "الصالح نجم الدين أيوب"، حتي بلغ مكانة عالية. برز في معركة المنصورة "648 ه / 1250 م" ضد الحملة الصليبية السابعة، عندما تولي قيادة المماليك بعد مقتل قائدهم" فخر الدين بن الشيخ"، وشن هجوماً مضاداً علي الفرنجة بقيادة "لويس التاسع"، وهزمهم هزيمة منكرة وأُسر ملكهم لويس. كما تشارك مع" سيف الدين قطز " في هزيمة المغول في عين جالوت" 658 ه/ 1260م".. وكان " هولاكو " قد أرسل رسلاً إلي قطز يحملون كتاباً فيه تهديد و وعيد إن لم يخضعوا له, فعقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها وتم الإتفاق على التوجه لقتال المغول إذ لا مجال لمداهنتهم. وقد اختلى قطز ببيرس البندقداري الذي كان أمير الأمراء واستشاره في الأمر فأشار عليه بأن يقتل الرسل وأن يذهبوا إلى الملك "كتبغا" متضامنين فإن انتصرنا أوهزمنا فسوف نكون في كلتا الحالتين معذورين فاستصوب قطز هذا الكلام وقام بقتل رسل المغول. وقد زاد من عزيمة المسلمين وصول رسالة من "صارم الدين الأشرفي"، وقد وقع أسيراً في يد المغول أثناء غزوهم الشام ثم قبل الخدمة في صفوفهم، أوضح لهم في الرسالة قلة عددهم وشجعهم على قتالهم وألا يخافوا منهم، وقد استفاد قطز من رحيل هولاكو إلى فارس على رأس معظم جيشه بعد سماعه بوفاة أخيه الخان الأعظم وتبقى بالشام من عساكر المغول تحت قيادة الملك "كتبغا" عدد يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف رجل. وقام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس وبقية الجيش يختبيء بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أولتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس، فقامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم انسحبت متظاهرة بالانهزام لسحب خيالة المغول إلى الكمين.. وانطلت الحيلة على "كتبغا" فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين، وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا، فعندئذ استحر القتل ولم يمض كثيراً من الوقت حتى هزم الجيش المغولي وقتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغا. بعد الانتصار في موقعة عين جالوت، انتهز بيبرس فرصة تحول الحكم للمماليك و انجازاته في هزيمة المغول في عين جالوت" 1260م/ 658 ه"، فقام بالتآمر مع قواد الجيش لاغتيال سيف الدين قطز لخلاف بينهم، وتولي هو حكم مصر، وظل يحكم لمدة 17 عاماً. يعتبر الظاهر بيبرس هو المؤسس الحقيقي لدولة المماليك في مصر، فهو الذي ركز دعائمها، وشن حملات علي المغول والصليبيين فهزمهم في الشام وكسر شوكتهم. كما أنه أحيا الخلافة العباسية عندما أحضر أحد أولاد الخلفاء العباسيين الذين نجوا من مذابح المغول في بغداد، ونادي به خليفة للمسلمين. ووسع مملكته فشملت مصر والشام وكل المدن المحررة من الاحتلال الصليبي، كما يرجع إليه الفضل في إصلاح نظام القضاء بأن عين قضاة من المذاهب الأربعة للفصل في الخصومات. يعد "بيبرس" هو واحد من أربع سلاطين بنائين عمٌروا القاهرة بالعمارة المملوكية الجميلة، فأقام المساجد والمدارس، والقناطر في مدن مصر والشام. و من منشآت الظاهر بيبرس التي ما زالت موجودة حتي الآن جامع الظاهر بحي الظاهر. وفاته توفي الظاهر بيبرس في يوليو" 1277م – 675 ه" بالحمي أثناء حملة له في الشام، وكان في الستين من عمره، ودفن في دمشق، ومرقده فيها معروف أقيمت حوله المكتبة الظاهرية.