الملاحات واحدة من المهن التى طالما اشتهرت بها محافظة دمياط منذ القدم، وتحديدًا قبل الفتح الإسلامي، وانتشرت بقرى دمياط الواقعة على بحيرة المنزلة بمساحة تبلغ 4000 متر في قرى شط "الملح وجريبة وشطا ومحب والسيالة وغيط النصارى"، حتى بلغ عدد العاملين بها نحو 4000 عامل حينذاك. واشتهرت دمياط بإنتاج الملح الخشن الذي يعد أجود أنواع الملح ولم يقف الأمر على توزيعه محليًّا بمحافظات الجمهوية، بل كان يتم تصديره لبلدان العالم، حيث كان يتم استخراج نحو60 ألف إردب ملح سنويًّا. واشتهر عدد من العائلات فى دمياط بالعمل فى الملاحات، كعبد ربه، والبهائي، ومحمد حجي، والسيد أبو شردية، والشاذلي، وعمر ومحمد أبو شردية. ورغم هذا تراجعت المهنة، حتى باتت تواجه شبح الاندثار، وانخفض عدد العاملين بها من 4000 إلى 60 عاملًا، لأسباب عدة، أبرزها الاستيلاء على أرض الملاحات؛ لكون أغلبها وقف أهالٍ، وقيام ورثة المستأجرين بالاستيلاء ووضع اليد عليها، وتغير الثقافة المجتمعية بتفضيل الوظائف المكتبية والتجارية على الحرف اليدوية، وتلوث أرض الملاحات بفعل مياه بحيرة المنزلة المغذية لها والملوثة هي الآخرى، وانتشار شائعات بين الأهالي بأن الملح المستخرج يسبب الإصابة بالالتهاب الكبدى الوبائي وغيره من الأمراض المتوطنة، وتآكل أرض الملاحات، وتحول بعضها لمزارع دواجن وماشية. وقال سيد أحمد: اضطررت لترك المهنة بعدما ضاقت بي السبل؛ نظرًا لأن العائد من الملاحات لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات أسرتي، مشيرًا لردم جزء من الملاحات، وهو ما أدى لانخفاض إنتاجها؛ مما دفع ما يزيد على 95% من العاملين للتحول لمهن آخرى كمربي ماشية وباعة ومزارعين. وتابع: تحولت أرض الملاحات الشاسعة بدمياط إلى مقلب قمامة ومرتع للحيوانات الضالة، مما أدى إلى تعدي البعض عليها، وإقامة مبانٍ خالية من السكان بالمخالفة، حتى أصبحت وكرًا للخارجين على القانون؛ لوقوعها على بحيرة المنزلة، فيما تشن قوات الأمن حملات أمنية مستمرة لضبطهم.