محمد فايز فرحات: مخرجات الحوار الوطني بشأن "الإجراءات الجنائية" مصدر مهم للبرلمان    وزير البترول: استدامة الاستقرار في توفير امدادات البوتاجاز    خطوات حجز شقق الإسكان الجديدة.. متاحة الآن (فيديو)    اقتصادي: طروحات حكومية جديدة خلال ال 3 أشهر القادمة    مصر تدين التصعيد الإسرائيلي في لبنان وتحذر من حرب إقليمية شاملة    النصر يهزم الحزم بثنائية مثيرة ويبلغ دور ال16 من كأس الملك    منتج فيلم "الحب كله" يعلق على حريق مدينة الإنتاج الإعلامي    متخصصة تغذية علاجية: «الاستربس الجاهز مفهوش فراخ»    "المصريين": مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل تتويج لجهود الدولة    تروي ديني: دياز سيكون رجل ليفربول الأول بعد رحيل صلاح    من حفل توزيع الجوائز.. البلشي: العلاقة بين النقابة ومؤسسة هيكل تعكس وجودًا قويًا في دعم الصحافة    الإسباني واجنر جالو يقدم ورشة مسرح العرائس في الدورة 14 لمهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    بعد تعيينه أمينا لمجمع البحوث الإسلامية، من هو الدكتور محمد الجندي؟    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    الجمهور يهاجم وليد فواز بسبب إيمان العاصي في مسلسل برغم القانون    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف محيط مستشفى مرجعيون الحكومي جنوبي لبنان    دانيا الحسيني: اليوم أسوأ الأيام على لبنان منذ أكثر من 20 عاما    خالد الجندي: بعض الأشخاص يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبي    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    انطلاق ورشة "مدرسة السينوغرافيا" ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية المسرحي.. صور    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    الإعلان عن التشكيل المثالي للجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    المفتي يهنئ محمد الجندي بتوليه منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية    تنازل وطلب براءة.. كواليس محاكمة الفنان عباس أبو الحسن | خاص    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    اليوم العالمي للغات الإشارة: هل تختلف بين البلدان؟    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترامب وإيران.. رهانات السعودية وإسرائيل تتجاوز مستقبل الاتفاق النووي
نشر في البديل يوم 04 - 02 - 2017

عشية انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وبخصوص الملف السوري تحديداً، استبشر البعض بقدوم دونالد ترامب للبيت الأبيض، على أثر تصاعد الخلافات بين واشنطن والرياض، واحتمالية تعقدها بدافع من مواقف سابقة عدائية أعلنها الرئيس الأميركي الجديد حول دور السعودية في رعاية الإرهاب وتورطها في هجمات سبتمبر2001 وترحيبه بقانون "جاستا"، ودعم المملكة لمنافسته هيلاري كلينتون وما سبق ذلك من تغلغل للمال السياسي السعودي في أروقة السياسة في العاصمة الأميركية، ويضاف إلى السابق انفتاح ترامب على موسكو وخطوطها العريضة لإدارة ملفات الشرق الأوسط بالتفاهم مع الولايات المتحدة، كذلك إعلانه إبان حملته الانتخابية التعاون مع مختلف القوى الإقليمية في تحقيق هدف محاربة تنظيم «داعش».
هذا الإفراط في التفاؤل من جانب بعض المنتمين لمحور المقاومة حمل في طياته نزوع تشفي في أن يعاني الأميركيين وحلفائهم من وجود شخص مهووس وغوغائي مثل ترامب في البيت الأبيض، ونزعة إضافية تحمل برجماتية في كون الأخير قد يدير زاويا المصالح الأميركية في المنطقة من بوابة التوافق مع حليفة المحور السابق ذكره ورئيسها في الكرملين، وهو ما يعني حل للأزمة السورية يراعي مصالح موسكو وبالتالي يحقق مصالح حلفائها. إلا أن هؤلاء المتفائلين أغفلوا مسألة الأولويات في إرهاصات سياسات ترامب، وخاصة التي تتعلق بالشرق الأوسط، فربما صرح ترامب بعدائية تجاه السعودية، ولكنه في الوقت نفسه لم يدرجها على نفس درجة العداء مع خصمها الإقليمي الأول، إيران، والتي رهنت مدى جدية واشنطن في تنفيذ الاتفاق النووي -بغض النظر عن ساكن البيت الأبيض- بتنفيذ بنود الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ قبل ما يزيد عن العام، ولكن مع تعطيل و"إيقاف تنفيذ" أميركي رهن تنفيذ الاتفاق – وحالياً نقضه وإلغاؤه- بتقويض برنامج الصواريخ الإيراني وكذلك تقليص دور إيران في المنطقة ودعمها لحركات المقاومة، وتغير سياساتها "العدائية" ضد إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
السابق يشكل نقطة مفصلية توضح التباين بين توجه ترامب التوافقي حول محاربة داعش وتسوية الأزمة السورية من البوابة الروسية، وتحفظه على دور السعودية وسياساتها المختلفة، وبين انحيازه للمشتركات بين بلاده وبين الرياض وتل أبيب حول إيران ودورها والاتفاق النووي. وهنا تأتي البرجماتية والأولويات لكل من واشنطن وحلفائها في المنطقة في تنحية الخلافات وتأجيلها مع ترامب، والتركيز في الدفع ناحية تحقيق المصلحة المشتركة ضد خصم مشترك هو إيران، سواء عن طريق الاستثمار في إحداث صدع بين طهران وموسكو فيما يخص تسوية الأزمة السورية، أو تصعيد الخلاف مع الجمهورية الإسلامية حول "الاتفاق النووي السيئ" –بتعبير ترامب- والبرنامج الصاروخي الإيراني وغيره من الملفات والقضايا إلى حد الصدام الوشيك، خاصة وأن جوهر الخلاف بين إدارة أوباما من جهة والرياض وتل أبيب من جهة أخرى أساسه سياسات هذه الإدارة تجاه طهران، وأن جوهر معارضة ترامب وإدارته وحزبه للاتفاق النووي وسياسات سلفه تتوافق مع مصالح كل من السعودية وإسرائيل.
فمنذ 2009 رافق مسار جولات المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني بين طهران والقوى الدولية رغبة/طلب/إملاء أن يطرح على مائدة التفاوض ما يزيد عن الشأن النووي، سواء دور إيران الإقليمي وتصادمه مع إسرائيل والسعودية، أو البرنامج الصاروخي وخاصة الباليستي، ودعم حركات المقاومة في لبنان وغزة، وتوافق مع واشنطن في العراق ومنطقة الخليج ككل، وهو الأمر الذي رافقه أيضاً تصميم إيراني على فصل الملفات عن بعضها البعض وحصر المفاوضات في الشأن النووي فقط. وهو ما أمتد حتى توقيع الاتفاق إبريل 2015، وهو ما دفع المتحفظين عليه ورافضيه سواء داخل الولايات المتحدة وخارجها إلى التصريح بأن عيب الاتفاق الأساسي هو رفع العقوبات الدولية والأميركية والتي تعني في المحصلة تحول إيران إلى دولة "عادية" غير مارقة، وما يصاحب هذا من فوائد سياسية واقتصادية ستمكن الجمهورية الإسلامية من المضي قدماً نحو تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية على مختلف الأصعدة، خاصة وأن الاتفاق تم حصره فقط في الشأن النووي، وبالتالي لم يكن الاعتراض الإسرائيلي-السعودي المشترك ضد الاتفاق النووي، والمتماس مع تحفظات الجمهوريين وترامب على فنيات وبنود الاتفاق ولكن على نتائجه السياسية والاقتصادية التي تصب في مصلحة طهران، وليس تقييد الأخيرة بالاتفاق وإجبارها –بغرض إنفاذه وبقاء البرنامج النووي- على تقويض دورها الإقليمي وتقليم أظافرها السياسية والعسكرية.
ومنذ اليوم الأول لترامب كمرشح للرئاسة، وهو يؤكد على معارضته للاتفاق النووي من الزاوية سابقة الذكر، وهو ما تلاقى مع المصلحة السعودية-الإسرائيلية، وبالتالي بعد دخوله البيت الأبيض، فإن أولوية كل من تل أبيب والرياض انتقلت من تحسين وتوطيد العلاقات مع الإدارة الجديدة بشكل ثنائي –وهو الأمر البديهي بالنسبة لتل أبيب وموقف إدارة ترامب الداعم لحكومة نتنياهو- إلى توطيدها من أولوية المصلحة المشتركة في تقويض إيران، لدرجة تحذير الاستخبارات الإسرائيلية من تداعيات "خطيرة" لإلغاء الاتفاق النووي، بما يعني أن الأمر بالنسبة لتل أبيب أنتقل من دعائية "القنبلة النووية الإيرانية" إلى واقعية وبرجماتية مصلحة مشتركة مع الإدارة الجديدة في تقويض نفوذ إيران الإقليمي والضغط من أجل تحييد برنامجها الصاروخي، الذي بدأ بفرض إدارة ترامب لحزمة عقوبات جديدة ضد طهران.
والسؤال البديهي هنا: ماذا بعد تعطل تنفيذ الاتفاق النووي وتقويضه بعقوبات جديدة خاصة بملفات خارج الشأن النووي تقيد تنفيذه عملياً؟ الإجابة المباشر هنا لا ترتبط بمتغير وصول ترامب للبيت الأبيض، فالأمر السابق بدأ عشية توقيع الاتفاق النووي وتسويف الإدارة الأميركية السابقة لتنفيذ تعهداتها من الاتفاق بذرائع متعددة مثل البرنامج الصاروخي، ومن جهة أخرى يجب النظر إلى الاتفاق النووي ليس كانتصار لإيران فحسب ولكن أيضاً كإنجاز للقوى الدولية حده الأدنى تجنب الحرب كبديل حتمي عن التفاوض البادئ منذ 2009، وحالياً فإن التصور الذي يُصدر في وسائل الإعلام العالمية على مختلف اتجاهاتها أن خطوات ترامب الأخيرة تعني إلغاء الاتفاق النووي وهو الأمر الغير صحيح نظراً لبديهية أن الاتفاق لم يكن منحة أميركية ولكنه اتفاق دولي بين إيران من جهة وبين الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوربي وبريطانيا وبرعاية ومراقبة الأمم المتحدة، وبالتالي "إلغاؤه" أو بالأحرى تملص الولايات المتحدة منه لا يعني أنه في خبر كان.
ومن المؤكد حال حدوث السابق أن تتعقد الأمور لواشنطن قبل غيرها على مستويات تبدأ من تأزم الموقف بين الأخيرة وعواصم الدول السابقة وعلى رأسها الصين وروسيا وفرنسا وألمانيا-الأخيرتين يبديان قلقهما من التقارب بين بوتين وترامب وعلاقة ذلك بمستقبل وفاعلية الاتحاد الأوربي على الساحة الدولية- وينتهي باحتمالية حرب غير محسوب عواقبها ولا مداها الزمني ولا المكاني. وفي المقابل لا يعني تملص الولايات المتحدة من الاتفاق بالنسبة لإيران سوى عودة إلى وضع اعتادت الجمهورية الإسلامية مع فارق أن العقوبات ستكون أميركية فقط وليست دولية أو أممية وغير ملزمة لباقي الدول الموقعة على الاتفاق النووي. أما عن تموضع كل من الرياض وتل أبيب في خارطة التوازنات والصراعات الحالية فإنه حتى كتابة هذه السطور لا يخرج عن كونه تفاؤل إعلامي سعودي يتمنى عودة المظلة السياسية والعسكرية الأميركية تخوض فيه واشنطن معارك المملكة نيابة عنها، وتخوف إسرائيلي من أن مسلك ترامب التصعيدي قد ينقلب في لحظة إلى آثار سلبية من زاوية تكرار سيناريو حرب 2006، والتي كانت في نظر إدارة بوش تصعيد أقصى بحرب غير مباشرة مع إيران قد يجبرها على التراجع عن برنامجها النووي وسياساتها في المنطقة، ولكن ما حدث بعد ما يربو عن العشر سنوات أتى على غير ما أرادته إسرائيل، بل وحصرها حالياً بين خيارين؛ سيء ممثل في استمرار الاتفاق النووي على "عواره" من وجهة نظرهم، أو أسوأ بإلغائه واحتمالية تصادم عسكري لن يكون في صالح تل أبيب وغير مضمون العواقب أيضاً بالنسبة لواشنطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.