توجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم إلى الإمارات في زيارة مفاجئة تستغرق يومين، وبحسب المعلومات الرسمية فإن الزيارة جاءت على خلفية المشاركة في فعاليات العيد القومي لدولة الإمارات، وإجراء مباحثات بين القادة ستركز على سبل تطوير العلاقات الثنائية، في الوقت نفسه تشير تقارير وتحليلات أخرى إلى أن الزيارة ستكون فرصة لمناقشة ملفات أخرى، كالدور الإماراتي في المصالحة المصرية السعودية، وسوريا واليمن. العيد القومي للإمارات يزور السيسي الإمارات للمرة الثالثة على التوالي في فترة تشهد فيها العلاقات بين الحكومتين تقاربًا واسعًا، لا سيما وأن أبو ظبي كانت على رأس العرب الذين دعموا النظام المصري الراهن بعد ثورة 30 يونيو، إثر الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم، حيث بادرت بتقديم مساعدات مالية وعينية بقيمة 8 مليارات دولار في إطار حزمة مساعدات خليجية لمصر، إضافة إلى المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية في مصر. وتأتي الزيارة لتوضح العلاقات الحميمة بين مصر والإمارات، فبحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية فإن الزيارة تأتي في الأساس لمشاركة الرئيس في فعاليات العيد الوطني للإمارات، الذي تحتفل به الدولة في الثاني من ديسمبر من كل عام، ويوافق هذا العام العيد الرابع والأربعين، ويخلد هذا العيد ذكرى قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة الذي تم الإعلان عنه في عام 1971، والذي قام في البداية باتحاد ست إمارات، هي: أبو ظبي، دبي، أم القيوين، الشارقة، الفجيرة، وعجمان، وفي العام التالي انضمت إمارة رأس الخيمة. الدور الإماراتي في المصالحة مصرية سعودية تأتي الزيارة بعد أسبوعين من زيارة ولي العهد الإماراتي الشيخ محمد بن زايد للقاهرة، والتي جاءت بحسب تقارير وتسريبات على خلفية تحركات إماراتية واسعة يهدف إجراء مصالحة بين الرئيس السيسي، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وعلاج الاحتقان الحاصل بين البلدين، على خلفية التباينات الحادة في الرؤى والمواقف السياسية لكلا النظامين المصري والسعودي، تجاه العديد من ملفات المنطقة لا سيما الأزمة السورية. وتوترت العلاقات بين الرياضوالقاهرة الشهر الماضي على خلفية تصويت مصر لصالح مشروع قرار روسي بشأن سوريا في مجلس الأمن، خلافًا لرغبة السعودية، الأمر الذي وصفه مندوب السعودية بالمؤلم، حيث تختلف وجهات النظر بين السعودية ومصر بشأن سوريا، فبينما تريد الرياض إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظام حكمه ودعم المعارضة المسلحة، ترى القاهرة أن المفاوضات والحل السياسي هما سبيل الحل للصراع هناك، بما يحافظ على مؤسسات الدولة السورية. وعاد التوتر مرة أخرى بين البلدين مع إعلان القاهرة في بدايات الشهر الماضي أنها لم تتسلم دفعة جديدة من شحنات النفط من أرامكو السعودية للمرة الثانية، بعدما علقت شركة أرامكو توريد الشحنات النفطية لمصر بداية من شهر أكتوبر، الأمر الذي فسره البعض على أنه رد سعودي على تصويت مصر في مجلس الأمن، كما توجت هذه الخلافات برفض مصري الانسحاب من القمة العربية الإفريقية على أثر تضامن السعودية والبحرين وقطر ودول عربية أخرى مع المغرب اعتراضًا على مشاركة البوليساريو، وهو ما رآه البعض استكمالًا للخلاف المصري مع المحور السعودي في وجهات النظر في قضايا المنطقة. ويرى سياسيون ودبلوماسيون أن الزيارة يمكن النظر إليها من زوايا عدة، أولها الرد على زيارة ولي عهد أبو ظبي للقاهرة منذ أيام، كما ينظر إليها على أنها محاولة لتضييق هوة الخلاف بين مصر والسعودية، وكذلك توجيه رسائل مهمة جدًّا بأن العلاقات المصرية-الإماراتية لن تتأثر نتيجة لوجود خلاف بين مصر والسعودية في وجهات النظر فيما يتعلق بقضايا المنطقة. يقول مساعد وزير الخارجية السفير رخا أحمد حسن إن الزيارة جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات العربية خلافات في الرؤى السياسية، كما أنها تأتى ردًّا على زيارة الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبو ظبى للقاهرة، موضحًا أن هناك الكثير من الملفات المهمة المطروح مناقشتها في الزيارة، وأهمها اختلاف وجهات النظر بين مصر والمملكة العربية السعودية بشأن الملف السوري، خاصة وأن مصر تدعم الجيش السوري، وترفض تفكيك الدولة العربية السورية، بالإضافة إلى الملف اليمني والمساعي القائمة لوقف الحرب الدائرة هناك. التنسيق في الملفين السوري والعراقي ولم يستبعد المراقبون أن تشهد الزيارة تنسيقًا مصريًّا- إماراتيًّا في الملف السوري، خاصة في ظل تقدم قوات الجيش السوري في حلب، على حساب تراجع الجماعات المسلحة المدعومة من قطر وتركيا والسعودية، علاوة على التواصل مع الإمارات في الملف الليبي؛ من أجل استمرار الدعم السياسي المصري الإماراتي للبرلمان الليبي وقوات الجيش بقيادة خليفة حفتر. يقول الكاتب الصحفي عبد الله الشناوي إن هناك مخاوف سياسية عربية غير معلنة، خاصة مع قرب حسم الكثير من المعارك الدائرة، سواء في حلب أو الموصل أو الرقة، مشيرًا إلى أن الحضور العربي في هذه المعارك باهت على عكس الدور التركي، بالإضافة إلى المطامع الإسرائيلية، وما تنتظره من مكاسب، خاصة مع وجود رئيس أمريكي جديد لا أحد يعلم نواياه تجاه المنطقة، حسب قوله. قطر حاضرة أيضًا تأتى زيارة السيسي للإمارات أيضًا في أعقاب نشر قناة الجزيرة القطرية فيلمًا وثائقيًّا يسيء للجيش المصري، وهو ما تعتبره مصر تجاوزًا للخطوط الحمراء لنظام الشيخ تميم بن حمد، فيما يؤكد عدد من المراقبين أن النظام القطري لم يتجرأ على مهاجمة الجيش المصري بهذه الصورة إلا عبر ضوء أخضر من السعودية، لذلك يرجح المراقبون أن الرئيس السيسي سيوجه رسالة إلى النظام القطري والسعودي عبر الإمارات.