في زيارة قصيرة غير معلن عنها مسبقًا، وصل ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد، إلى القاهرة، الخميس، على رأس وفد إماراتي رفيع، حيث حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على استقبال بن زايد في صالة الوصول بالمطار، ثم عقد الطرفان جلسة مباحثات ثنائية بحضور مسؤولين أمنيين ودبلوماسيين في البلدين، قبل أن ينتقلا إلى قصر الرئاسة؛ من أجل استكمال المباحثات، ليغادر بن زايد بعدها القاهرة عائدًا إلى الإمارات. خلال المباحثات بين الطرفين، أكد الرئيس السيسي على وقوف مصر إلى جانب أشقائها في دولة الإمارات في مواجهة أي تهديدات إقليمية أو خارجية، معربًا عن اعتزاز مصر بما يربطها بدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان من روابط أخوّة وتعاون وثيقة، تُمثل نموذجًا للتعاون الاستراتيجي بين الدول العربية، فيما أكد "بن زايد" على أهمية مواصلة العمل على توحيد الصف العربي وتضامنه، والتيقظ من محاولات شق الصف بين الدول العربية الشقيقة؛ سعيًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة، مشددًا على أن العلاقات بين مصر ودول الخليج ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة. في ذات الإطار قال المتحدث باسم الرئاسة، علاء يوسف، إن المباحثات بين السيسي وبن زايد تطرقت إلى سُبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وشهد اللقاء تباحثًا حول المستجدات على الصعيد الإقليمي في ضوء الأزمات القائمة بالمنطقة، وتطابقت رؤى البلدين بشأن سُبل التعامل مع التحديات التي تواجه الوطن العربي واحتواء الخلافات القائمة بين جميع الأطراف، كما شمل اللقاء التأكيد على أهمية بذل مزيد من الجهود؛ بهدف التوصل لتسويات سياسية للأزمات القائمة في عدد من الدول العربية، بما يحفظ وحدتها وسلامتها الإقليمية، ويصون مؤسساتها الوطنية ومُقدرات شعوبها. توقيت الزيارة دفع البعض إلى القول بأنها تأتي في إطار محاولات المصالحة بين مصر والسعودية، خاصة بعد تصاعد الخلافات بينهما خلال الفترة الأخيرة، حيث تأتي الزيارة في الوقت الذي تتدهور فيه العلاقات المصرية السعودية منذ تصويت القاهرة لصالح مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن بشأن سوريا الذي رفضته الرياض، الأمر الذي تبعه تصعيد سعودي تَمثَّل في إيقاف شركة النفط السعودية "أرامكو" إمداداتها النفطية لمصر خلال أكتوبر الماضي ونوفمبر الجاري، وهو ما دفع القاهرة إلى البحث عن مصادر طاقة جديدة بديلة للسعودية، حيث انتشرت أنباء تفيد بأن القاهرة بدأت مراسلاتها لإيران لتعويض الإمدادات النفطية التي أوقفتها السعودية، وتمثلت آخر التوترات في رفض محكمة القضاء الإداري اعتراضًا قدمته الحكومة بشأن تنفيذ الحكم الذي أبطل اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، حتى وصل الأمر بين الطرفين إلى طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي اعتذارًا سعوديًّا واضحًا عن التجاوز الذي حدث بحق مصر، وتلقي اتصال من الملك سلمان ونجله محمد. في ذات الشأن قالت مصادر مواكبة للمباحثات المصرية الإماراتية إن الجلسة التي عقدها الرئيس السيسي مع ولي العهد الإماراتي، بن زايد، في الصالة الرئاسية بالمطار تَمخَّضَ عنها سفر وفد إماراتي بطائرة خاصة إلى الرياض؛ للقاء مسؤولين سعوديين؛ لغرض المصالحة الذي جاء من أجله بن زايد إلى القاهرة. في المقابل رأى بعض المراقبين أن الزيارة ليست لها علاقة بالأزمة بين السعودية ومصر، حيث تأتي فقط لتعزيز العلاقات الثنائية، خاصة أن بن زايد اعتاد زيارة القاهرة كثيرًا منذ تولي الرئيس السيسي مهام منصبه، حيث تعتبر هذه الزيارة هي السادسة ل"بن زايد" لمصر خلال عامين، وكانت الزيارة الأولى في 6 يونيو عام 2014، لحضور حفل تنصيب "السيسي"، كما أنها تأتي في إطار تبادل الرأي والتنسيق حول القضايا الإقليمية والدولية وجهود مكافحة الإرهاب، والأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، فضلًا عن تطورات القضية الفلسطينية، إلى جانب أنها تعكس دعم الإمارات لمصر في أزمتها الاقتصادية، وتتزامن مع وصول أول شرائح قرض صندوق النقد الدولي. ورجح المراقبون أن تكون هذه الزيارة قد حملت العديد من الاستثمارات الإماراتية غير المعلنة لمصر؛ في محاولة لدعمها اقتصاديًّا.