في سرده لأخطر 24 ساعة في حكم مبارك والذي خص بوابة الوطن المصرية بنشرها كتب الاعلامي مصطفي بكري في هذه الحلقة كتم الحاضرون أنفاسهم، تركزت العيون علي اللواء عمر سليمان وهو يمسك الهاتف في انتظار مكالمة رئيس الجمهورية الذي كان قد غادر لتوه إلي شرم الشيخ.. كان المشير طنطاوي يشعر بعبء الأزمة ومخاطرها، الجماهير مستمرة في زحفها باتجاه القصر الجمهوري، والحرس الجمهوري في حيرة من أمره، ومخاوف اقتحام القصر الجمهوري تتصاعد. بعد قليل بدأ النائب عمر سليمان حديثه مع الرئيس مبارك، شرح له الأوضاع وخطورتها، قال له إن الموقف الأمني يزداد صعوبة ولا بد من البحث عن حل خوفاً من تردي الأوضاع وحدوث انفلات وفوضي عارمة. كان مبارك يظن أن قرار نقل اختصاصاته لنائبه يمكن أن يهدئ الأجواء، ويدفع المتظاهرين إلي العودة لمساكنهم. بدا الرئيس مندهشاً، بادر علي الفور بالقول: وما الذي يمكن أن أقدمه؟ لقد تركت القاهرة وجئت إلي شرم الشيخ، لم تعد لي أي سلطة، السلطة انتقلت إليك. عمر سليمان: ولكن الأوضاع تزداد تدهوراً يا ريّس.. لازم نشوف حل. الرئيس: فيه إيه تاني؟! عمر سليمان: لأ، الوضع صعب جداً!! الرئيس: أنا قدمت كل ما عندي وفوضتك في كل المسئوليات.. اتصرّف انت، البركة فيك. عمر سليمان: الناس رافضة التفويض يا ريس. الرئيس: ليه.. عاوزين إيه؟ أنا تركت كل حاجة وجيت علي شرم الشيخ، إيه المطلوب مني أكتر من كده؟ عمر سليمان: الناس مش مقتنعة، وبتقول إن دي تمثيلية!! الرئيس: تمثيلية ازاي يا عمر، بالذمة ده كلام؟ أنا مش عاوز حاجة، أنا خلاص حارتاح من المسئولية والحكم ومشاكله.. اتصرّف انت!! عمر سليمان: أتصرف ازاي يا ريس؟ المتظاهرين بيرفضوا أي قرار وغير مقتنعين بأي كلام، افتح التليفزيون يا ريس. الرئيس: فيه إيه في التليفزيون؟ عمر سليمان: الجماهير تزحف إلي القصر الجمهوري وتحاصره. عمر سليمان الرئيس: طب والباقيين رأيهم إيه؟! عمر سليمان: هذا ليس رأيي وحدي، هذا رأي جماعي، أنا موجود وإلي جواري الفريق أحمد شفيق والمشير طنطاوي والفريق سامي عنان، كلنا متفقين علي هذا القرار. الرئيس: طيب إذا كان مفيش غير كده، ابعت لي التليفزيون واكتب الصيغة علشان أقولها في خطاب قصير للناس. عمر سليمان: مفيش وقت يا ريس.. إزاي أبعت التليفزيون لشرم الشيخ ونظل منتظرين الأوضاع في البلاد تتفاقم، وأنا خايف أحسن البلد تدخل في بحور من الدم، أرجوك يا ريس عاوزين نخلص. الرئيس: إنت عارف يا عمر أنا ولا عاوز موت ولا عاوز دم، أنا سبت كل حاجة وجيت شرم الشيخ مش عاوز حاجة، بس قولي انت وضعك حيكون إيه بعد التنحي! عمر سليمان: أنا لا يهمني حيكون وضعي إيه، المهم ننقذ البلد وبأقصي سرعة. الرئيس: طيب شوفوا الصيغة المطلوبة وقل لي وخلي بالك، لازم تدرسوها من الناحية الدستورية كويس، حتي لا تقعوا في حيص بيص. عمر سليمان: إحنا هندرس الموقف من الناحية الدستورية وهاكلمك. الرئيس: وأنا في الانتظار. أبلغ اللواء عمر سليمان الحاضرين بتفاصيل ردود الرئيس التي كانوا يتابعونها بالقرب منه، قال لهم: الرئيس لم يعترض علي شيء، الراجل خايف علي البلد وكان متجاوب رغم قسوتي عليه!! كلف المشير طنطاوي اللواء ممدوح شاهين للاتصال بأحد كبار المتخصصين في القانون والدستور والتشاور معه في الصيغة الدستورية المناسبة. كانت المادة 76 من دستور 71 تضع تعقيدات عديدة أمام ترشيح المستقلين لمنصب رئيس الجمهورية، فالمرشح يحتاج إلي تأييد 250 عضواً علي الأقل من الأعضاء المنتخبين بمجلسي الشعب والشوري، كما أنها تضع قيوداً علي مرشحي الأحزاب واشترطت ضرورة أن يكون لكل حزب سياسي نائب في البرلمان كي يكون له الحق في ترشيح أحد أعضاء هيئته العليا، وكان يعني ذلك حرمان غالبية الأحزاب من الترشح وفقاً لهذه المادة. أما المادة 78 من الدستور فقد نصت علي بدء الإجراءات لاختيار رئيس الجمهورية الجديد قبل انتهاء مدة الرئيس بستين يوماً علي الأقل. أما المادة 189 فقد كانت تمثل عائقاً أمام إجراء التعديلات الدستورية بشكل سريع لأنها نصت علي 'لكل من رئيس الجمهورية ومجلس الشعب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ويجب أن يُذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب الداعية إلي هذا التعديل، ونصت المادة علي أنه إذا وافق مجلس الشعب علي مبدأ التعديل يناقش الطلب بعد شهرين من تاريخ هذه الموافقة' ثم يُعرض الأمر علي الشعب للاستفتاء. وكانت المادة 82 من الدستور هي الأخطر في سيناريو الأحداث التي كانت تشهدها البلاد، فقد نصت هذه المادة علي أنه 'إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لاختصاصاته أناب عنه نائب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء عند عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية أو تعذر نيابته عنه، ولا يجوز لمن ينوب عن رئيس الجمهورية طلب تعديل الدستور أو حل مجلس الشعب أو مجلس الشوري أو إقالة الحكومة'. لقد تدارس المختصون في هذا الوقت هذه المواد الدستورية، وكان من رأيهم أن الرئيس وحده هو صاحب الحق في إجراء التعديلات الدستورية، ولذلك وقّع مبارك علي إحالة هذه العديلات إلي مجلس الشعب قبيل أن ينقل اختصاصاته إلي نائبه عمر سليمان، ولهذا السبب أيضاً تردد مبارك في حل مجلس الشعب كواحد من مطالب الثورة علي أساس أن المجلس ستوكل له مهمة تعديل الدستور حتي يجري تعديل المواد التي تعوق إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة تخضع لإشراف قضائي وتزال من أمامها معوقات الترشيح. كان مبارك يقول للمقربين منه في هذا الوقت إنه إذا تنحي عن السلطة فلن تكون هناك إمكانية لإجراء التعديلات الدستورية إلا عبر رئيس الجمهورية أو مجلس الشعب وفقاً لما ينص عليه الدستور، ولذلك طلب إمهاله فترة من الوقت لحين إجراء هذه التعديلات ثم يجري حل مجلس الشعب بعد أن يوافق عليها وبعدها يفتح الباب أمام انتخابات الرئاسة في شهر يوليو المقبل، أي بعد خمسة أشهر من تاريخه. لقد أكد لي اللواء عمر سليمان أن مبارك لم يكن ضد إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إلا أنه كان يقول: دعونا ننتهي من إجراء التعديلات الدستورية أولاً، ثم تجري الانتخابات الرئاسية تحت إشراف القضاء ومنظمات المجتمع المدني. لم يكن أحد مستعداً أن يقرأ مثل هذه التفاصيل، كان هناك رأي عام يرفع شعاراً واحداً ووحيداً 'ارحل' دون أن يفكر الناس حتي هذا الوقت في من هو البديل؟! كان كل من يغامر برأي مخالف في هذا الوقت يُتهم بالتخوين والمتاجرة بدماء الشهداء، وكانت عناصر الإخوان تحرض من خلف ستار لأنها تعرف أنها ستكون البديل الوحيد للنظام في غياب وضعف القوي السياسية الأخري، وكانت خطتها أن الجيش لن يستمر طويلاً في الفترة الانتقالية، ومن ثم يجب الاستعداد بعد إسقاط النظام لتولي مهام السلطة في البلاد عبر الانتخاب المباشر.. لماذا رفض مبارك مغادرة مصر.. ولماذا رفض الحصانة القضائية؟! كان اللواء عمر سليمان يدرك هذه الحقيقة. لقد التقيته وتحاورت معه كثيراً أثناء إعداد كتابي 'الجيش والثورة'، حيث كان يداوم علي الذهاب إلي مستشفي وادي النيل عصر كل أربعاء خلال الفترة التي تلت سقوط النظام وحتي أيامه الأخيرة، وحكي لي تفصيلياً هذه الحوارات واللقاءات، وكان يتوقع منذ البداية وصول الإخوان المسلمين لحكم البلاد وإقصاء كل من يخالفهم الرأي وصولاً إلي السيطرة والأخونة الكاملة لجميع مؤسسات الدولة. كان الرأي الدستوري الذي أُبلغ إلي الأربعة الكبار يقول: لا خيار سوي تنازل الرئيس عن السلطة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة استناداً إلي مبدأ الشرعية الثورية، فهذا وحده الذي يمكن أن يمثل مخرجاً للأزمة، والمجلس الأعلي سوف يتولي بصفته الهيئة التأسيسية مهام السلطة التشريعية والتنفيذية في البلاد لحين إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت لاحق. كانت الصيغة التي جري الاتفاق عليها تقول: 'أيها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد والله الموفق والمستعان'. لقد كان ذلك هو رأي اللواء عمر سليمان منذ البداية، أن تسلم السلطة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة استناداً إلي الشرعية الثورية. بعدها علي الفور أعاد عمر سليمان الاتصال مجدداً بالرئيس مبارك وقال له: كان أمامنا خياران: الأول: هو أن يقوم رئيس الجمهورية بتكليف د. فتحي سرور بصفته رئيساً لمجلس الشعب الحالي أو حتي رئيس المحكمة الدستورية العليا بتولي منصب رئيس الجمهورية لفترة مؤقتة ولمدة ستين يوماً كما يحدد الدستور وبعدها تجري انتخابات الرئاسة وفقاً للدستور القديم، لأنه لن يكون هناك وقت لإجراء التعديلات الدستورية استناداً إلي المادة 189 من الدستور التي تشترط علي مجلس الشعب مناقشة طلب التعديل بعد مرور شهرين من تقديمه، وهو ما يعني أن تجري انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة استناداً إلي دستور 71 والذي يعني أن انتخابات الرئاسة ستجري بالمواد الدستورية القديمة ذاتها التي تحول دون ترشيح المستقلين، وغالبية الأحزاب الأخري في ظل غياب الإشراف القضائي ودون تحديد مدة رئاسة الجمهورية. أما الخيار الثاني، وهو الصحيح، فهو تكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، وهذا أمر غير دستوري ما لم يوافق الرئيس علي منحه الشرعية الثورية. قرر مبارك الموافقة علي الفور علي الاقتراح الثاني لأنه يمثل الخروج من الأزمة، أما لو كان قد تنحي عن الحكم وأسند الأمر إلي رئيس مجلس الشعب فقد كانت البلاد سوف تمضي إلي أزمة عميقة، ذلك أن رئيس مجلس الشعب لم يكن في سلطته إجراء التعديلات الدستورية أو اعتمادها أو مد الفترة التي سيتولي فيها منصب رئيس الجمهورية بما يزيد علي الستين يوماً التي حددها الدستور. وقال مبارك لعمر سليمان: أنا موافق علي تكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد، ولكن أرجو استبدال كلمة 'تنحيه' عن منصب رئيس الجمهورية كما ورد في البيان إلي 'تخليه' عن منصب رئيس الجمهورية. 'مبارك' ل'سليمان': 'أنا مش عاوز حاجة.. أنا خلاص هرتاح من المسئولية والحكم ومشاكله.. اتصرف أنت' طلب مبارك من عمر ألا يذيع هذا البيان إلا بعد مغادرة سوزان مبارك ونجله جمال المقر الرئاسي إلي شرم الشيخ حتي لا يتعرضا للإيذاء. وافق عمر سليمان علي ذلك، وطلب من الرئيس أن يجري اتصالاته بهما لإقناعهما بالمغادرة فوراً. قبيل أن ينهي عمر سليمان المكالمة سأل الرئيس عما إذا كانت له أية طلبات أخري؟! فقال مبارك: لا أريد شيئاً، فقط خلوا بالكم من البلد. قال عمر سليمان: ألا تفكر في السفر أنت والعائلة إلي الخارج. قال مبارك: وأسافر برّه ليه، أنا حاقعد في شرم الشيخ ولن أغادر مصر إلا للضرورة، ولكن لأعود مرة أخري وليس في جدولي الآن مغادرة البلاد. قال عمر سليمان: نعطيك فترة أسبوع للتفكير. قال مبارك: ولا أسبوع ولا غيره أنا باق في مصر. قال: طيب ما رأيك في أن تكون لك حصانة قضائية؟ لا أحد يعرف إلي أين يمكن أن تمضي الأمور. قال مبارك: حصانة قضائية ليه هو أنا عملت حاجة؟ أنا ستين سنة وأنا باخدم مصر.. أنا مش عاوز أي حصانة، لو كان هناك حاجة غلط عملتها أنا مستعد للمحاسبة. أنا لو قبلت بالحصانة معني ذلك إن هناك شيء عاوز أتستر عليه. عدّل عمر سليمان صيغة البيان كما طلب مبارك. استدعي الفريق سامي عنان اللواء إسماعيل عتمان مدير الشئون المعنوية بالقوات المسلحة لتجهيز كاميرات التصوير. لقد جري الاتفاق علي أن يقوم اللواء سليمان بإلقاء البيان بنفسه، حتي يتأكد الناس أن ما جري لم يكن انقلاباً عسكرياً، وإنما قرار توافقي، بدليل أن نائب الرئيس هو الذي يلقي البيان، كما تم الاتفاق علي أن يجري تسجيل البيان داخل مبني وزارة الدفاع، وأن يقوم اللواء إسماعيل عتمان بتوصيل شريط الفيديو إلي مبني التليفزيون ومتابعة إذاعته في السادسة مساءً. حسني مبارك لقد جري التسجيل في الساعة الرابعة من بعد عصر الحادي عشر من فبراير، ثم تسلم اللواء إسماعيل عتمان شريط الفيديو ومضي ومعه سائقه إلي مبني التليفزيون علي كورنيش النيل لإذاعته في الوقت المحدد. قبيل أن يغادر هو وسائقه، قال له الفريق سامي عنان: 'أنت الآن في مهمة خطيرة، يتحدد في ضوئها مستقبل البلاد. ابذل كل جهدك وحافظ علي السرية الكاملة، وأتمني أن تكون جاهزاً قبل السادسة مساء، ولا تُذع شريط الفيديو إلا بعد أن أتصل بك'. كان كل شيء قد اكتمل. قبل التسجيل بقليل جري الاتفاق بين الأربعة الكبار علي تشكيل مجلس رئاسي يدير شئون الحكم كهيئة تنفيذية إلي جانب المجلس العسكري، وتم الاتفاق علي أن يشكل المجلس الرئاسي من خمسة أشخاص هم: 1- المشير حسين طنطاوي. 2- اللواء عمر سليمان. 3- الفريق أحمد شفيق. 4- ممثل عن التيارات الليبرالية واقتُرح 'د. محمد البرادعي'. 5- ممثل عن الإخوان المسلمين 'لم يُقترح اسمه'. تواعد الحاضرون علي الاجتماع في العاشرة من صباح اليوم التالي، السبت 12 فبراير، إلا أنه وبعد مناقشة الفكرة خلال اجتماع المجلس العسكري مساء ذات اليوم، الجمعة، جري تأجيل القرار، وبالفعل تم الاتصال بكل من اللواء عمر سليمان والفريق أحمد شفيق لتأجيل الموعد المقرر، ثم تم صرف النظر عن الفكرة نهائياً بعد ذلك. كان المشير طنطاوي يتخوف من أن يثير تشكيل هذا المجلس ردود فعل غاضبة في الشارع، فقرر التراجع عن الفكرة مع الإبقاء علي الفريق أحمد شفيق كرئيس للوزراء. أجري اللواء عمر سليمان اتصالات متعددة بجمال مبارك، طلب منه خلالها ضرورة اصطحاب والدته والمغادرة إلي شرم الشيخ. لم يبلغه بقرار الرئيس بالتخلي عن السلطة، كما أن مبارك تعمد عدم إبلاغ نجله أو زوجته لأنه يعرف رفضهما لذلك، وإنما طلب منهما ضرورة الحضور سريعاً إلي شرم الشيخ. لقد ظل عمر سليمان يلح علي جمال مبارك مرات عديدة، إلا أن نجل الرئيس كان يبلغه كل مرة أن والدته ترفض المغادرة وتقول: 'لن أترك بيتي'. وفي نحو الخامسة إلا ربع أبلغ جمال مبارك اللواء عمر سليمان بأنه سيغادر هو ووالدته بعد قليل إلي شرم الشيخ. كانت الحشود الجماهيرية قد تزايدت في الشارع الذي يفصل بين قصر الاتحادية ومقر الرئيس. شعر جمال مبارك بالخطر، إلا أن والدته ظلت علي رأيها. وفي الخامسة مساء اضطر جمال أن يدفع بوالدته بكل قوة إلي سلم الطائرة الهليكوبتر التي غادرت المقر الرئاسي في الخامسة وعشر دقائق متجهة إلي شرم الشيخ. قال مبارك لعمر سليمان: أنا موافق علي تكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد, ولكن أرجو استبدال كلمة 'تنحيه' بكلمة 'تخليه' وصل اللواء إسماعيل عتمان إلي ميدان عبدالمنعم رياض القريب من مبني التليفزيون. كانت الحشود غفيرة أمام مبني ماسبيرو، وضع الشريط داخل 'الزنط' شاهده المتظاهرون، حملوه علي الأكتاف، دخل إلي مبني التليفزيون، التقي عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار، أبلغه أن هناك شريط فيديو مطلوباً إذاعته، لم يفصح له عن مضمون الشريط، ظل إلي جواره في انتظار مكالمة الفريق سامي عنان. قبيل السادسة مساء بقليل دق جرس الموبايل، وكان علي الجانب الآخر الفريق عنان، قال له بلهجة قوية: 'في السادسة مساء بالضبط.. عليك أن تذيع شريط الفيديو، أليس كل شيء تمام؟'. رد اللواء إسماعيل عتمان: نعم كل شيء تمام يا افندم. وفي السادسة مساء كان اللواء عمر سليمان، يطل من شاشة التليفزيون المصري متجهم الوجه ليقرأ بيان تخلي الرئيس عن السلطة. انفجر الناس بالهتاف 'الجيش والشعب إيد واحدة'، اختلطت الدموع بالفرحة، عمت الاحتفالات أنحاء الوطن، نسي الناس كل شيء، ولم يفكر أحد ماذا تخبئ الأقدار.