البابا تواضروس يستقبل وفدا من الرهبان الفرنسيسكان    جامعة الفيوم تنظم قافلة شاملة لأهالي قرية ترسا بسنورس    «أوبك+» تؤكد الأهمية المطلقة للالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها    كيف استهدفت إيران القواعد الجوية الإسرائيلية في تل أبيب وما أهميتها الاستراتيجية؟    بوتين يوقع قانونا يسمح بتجنيد المشتبه بهم جنائيا وتجنيبهم الملاحقة القضائية    مجلس أبو ظبي الرياضي يعلن مواعيد مباريات السوبر المصري    مصرع 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بطريق إدفو- مرسى علم    في ندوتها بالإسكندرية السينمائي .. الإيطالية إيزابيل أدرياني: أتمنى العمل مع مروان حامد    أستاذة بالقومي للبحوث تحصد جائزة القيادة في العلوم والتكنولوجيا العالمية لعام 2024    تجديد ندب عميد معهد بحوث دراسات البيولوجيا الجزيئية بجامعة أسيوط    ظاهرة فلكية تُزين السماء 6 ساعات.. متى كسوف الشمس 2024؟    جولة بحرية بقناة السويس للفرق المشاركة بمهرجان الإسماعيلية الدولى للفنون الشعبية    محافظ الغربية يناقش مستجدات الموقف التنفيذي لمشروعات «التنمية الحضرية»    هل تنتقم فاتن من زوجها بعد الشروع فى قتلها فى مسلسل برغم القانون    نص خطبة الجمعة المقبلة.. «نعمة النصر والإستفادة بدروسها في الثبات»    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    حزب المصريين: مشاركة المواطنين في مناقشات قضية الدعم نقلة نوعية    حبس المتهم الهارب في واقعة سحر مؤمن زكريا المفبرك    حماس تدين جرائم الاحتلال باستهداف مراكز الإيواء في قطاع غزة    مقتل وإصابة 7 جنود من الجيش العراقي في اشتباكات مع داعش بكركوك    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    كشف أثري مثير.. العثور على حجرة دفن ابنة حاكم إقليم أسيوط    مشاركة ناجحة لدار الشروق بمعرض الرياض الدولي للكتاب والإصدارات الحديثة ضمن الأكثر مبيعا    محافظ مطروح يناقش خطة إطلاق ندوات توعوية للمجتمع المدني بالتعاون مع القومي للاتصالات    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    شيخ الأزهر يكرم طلاب «طب أسنان الأزهر» الفائزين في مسابقة كلية الجراحين بإنجلترا    جوارديولا: جوندوجان لعب أسوأ مباراة له ضد نيوكاسل.. وفودين ليس في أفضل حالاته    جهود «أمن المنافذ» بوزارة الداخلية فى مواجهة جرائم التهريب    بروتوكول تعاون بين الاتحادين المصري والتونسي لكرة اليد    عبد الواحد: فوز الزمالك بالسوبر المصري سيتحقق بشرط.. وجوميز رفض بعض الصفقات    تفاصيل زيارة أحمد فتوح لأسرة المجنى عليه.. وعدوه بالعفو عنه دون مقابل    متفوقا علي مبابي وبيلينجهام .. هالاند ينفرد بصدارة ترتيب أغلى اللاعبين فى العالم ب200 مليون يورو    وزير الشباب والرياضة يتابع مجموعة ملفات عمل تنمية الشباب    وزير الثقافة يلتقي أعضاء نقابة الفنانين التشكيليين (صور)    فتح باب التقدم لجوائز الدولة للتفوق فى فروع الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية    البورصة المصرية تتحول إلى تحقيق خسائر بعد اتجاهها الصاعد في الجلسات الأخيرة    حقوقيون خلال ندوة بالأمم المتحدة: استمرار العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان يقوض السلم والأمن الدوليين    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    مركز السموم بطب بنها يستقبل 310 حالات تسمم خلال شهر    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    الجمعة المقبل غرة شهر ربيع الآخر فلكياً لسنة 1446 هجريا    الكيلو ب185 جنيها.. منفذ "حياة كريمة" يوفر اللحوم بأسعار مخفضة بالمرج.. صور    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    رحيل لاعب جديد عن الأهلي بسبب مارسيل كولر    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    وزير الداخلية يصدر قرارًا برد الجنسية المصرية ل24 شخصًا    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    تنسيق 2024.. رابط نتيجة معادلة دبلوم التجارة بالمجلس الأعلى للجامعات    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    خبير عسكري: إسرائيل دخلت حربًا شاملة ولن يوقفها أحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور الحالي يحول مصر إلي 'عزبة' لحزب الأغلبية
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 07 - 12 - 2012

أكد الدكتور رفعت لقوشة المنسحب من عضوية الجمعية التأسيسية أن مسودة الدستور النهائية تحتوي علي تجاوزات صارخة، وتتجاهل قواعد مهمة، وتناقض بعضها في العديد من موادها.
وأوضح أن مسودة الدستور تفتقر إلي نص يؤكد أن 'مصر هي دولة القانون' علي الرغم من الإشارة إلي 'سيادة القانون' لأن هذا النص يعني أن مصر تحولت إلي 'دولة تنفيذ القانون'، غير أن دولة القانون تعني أشياء أخري، ومنها أن يكون القانون عادلاً، ويحمل القيم الديمقراطية، ويجعل المشرع دائماً في اتجاه الانحياز إلي الحقوق والحريات ولا يقيدها، ولذلك عندما نص الدستور علي الحقوق والحريات، لم يمنحها الضمانات اللازمة، حيث جاءت كلمات مرسلة في هذا الشأن، إلا أن الضمان الأول لم يأت أبداً في النص، وهو أن القوانين التي تنظم الحقوق والحريات لا يجوز لها أن تصادر مضامين هذه الحقوق والحريات، وتقيدها بقيود تتنافي مع مواد الدستور.
وقال 'إن العديد من الحقوق والحريات تبدو دائماً منظمة بواسطة قوانين، وكان دستور 1971، والدساتير السابقة تحيلها إلي قوانين، وكانت القوانين تتكفل بإهدار هذه الحقوق والحريات'.
وأوضح د.رفعت لقوشة أنه داخل الحقوق والحريات، تغيب العديد من الأشياء، ومن بينها الحرية النقابية، والإصرار علي أن كل مهنة تنظمها نقابة واحدة، علماً بأنه وببساطة شديدة، سوف نفترض في المجتمع الجديد أن النقابات سوف تقوم بمساومات جماعية مع جهات العمل لتحسين شروط العمل، ولكن هذا الحق للنقابات لم يأت ذكره نهائياً رغم اقتراحه خلال المناقشات، وأيضاً لم تتضمن الحقوق والحريات والتزامات الدولة أي حديث عن التزام الدولة بمكافحة الفقر، مع أن هناك التزاما بالقضاء علي الأمية، بحسب ما ورد بنص المادة '61' من مسودة الدستور.
ومضي د.لقوشة يقول في معرض رفضه لمسودة الدستور 'كانت واحدة من القضايا المهمة قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 هي التوحد القائم بين الحزب الحاكم والجهاز الإداري والمدني للدولة، وعلي الرغم من أنه تم التقدم بمقترح بأن ينص الدستور علي أن الجهاز الإداري والمدني للدولة يتمتع بالحياد إزاء الأحزاب السياسية، وذلك كرسالة تطمين للمصريين، إلا أنه تم التغاضي عن هذا الاقتراح.
وبالنسبة لحرية الصحافة والإعلام، أوضح أنه كان هناك حديث عن حرية الإعلام والتعبير خلال المناقشات، إلا أنه لم يأت في النص ما يفيد أن المؤسسات الصحفية الحكومية المملوكة للدولة مستقلة سياسياً عن التوجهات السياسية للأحزاب والسلطة التنفيذية، رغم أن هناك مقترحا تقدمنا به في هذا الشأن، ولم تتم مناقشته.
ومن الأمور المثيرة للجدل يقول د.رفعت لقوشة - إنه في الوقت الذي تم النص في الدستور علي أن الحرية الشخصية حق طبيعي لا يمس، إلا أنه تم رفض وعدم مناقشة أن الكرامة الانسانية هي حق طبيعي لكل انسان، بالرغم من أن 'الكرامة الإنسانية' كانت أحد مطالب وشعارات الثورة، ويضاف إلي ذلك غياب أمرين أساسيين:
أولهما: غياب عن أي حديث في الدستور عن حقوق الملكية الفكرية.
وثانيهما: غياب الحديث عن حق الفرد أو المواطن ألا يتم تهجيره قسرا من مكان إقامته إلي مكان اقامة أخري.
وبالنسبة لباب السلطة القضائية قال د.لقوشة إنه لا يطمئن تماماً إلي استقلال السلطة القضائية، وذلك عكس ما جاء في الديباجة، وما أسس عليه الدستور، واعتبر أن الدستور وقع في هذا الشأن في خطأ كبير، بحسب ما ورد في المادة '173' من باب السلطة القضائية، فبالنسبة للمادة المتعلقة بتعيين النائب العام أكدت أن تعيينه يتم بقرار من الرئيس بناء علي اختيار مجلس القضاء الأعلي، إلا أنه، وعلي ضوء الإعلان الدستوري المثير للجدل الذي أصدره رئيس الجمهورية مؤخراً، فقد جري تعيين النائب العام بقرار من الرئيس، ولمدة 4 سنوات، ودون التشاور مع مجلس القضاء الأعلي، وخطورة الأمر هنا أنه لم يأت في الأحكام الانتقالية لمشروع الدستور كيفية التعامل مع النائب العام الذي جري تعيينه بشكل مخالف لما يتضمنه النص الدستوري.
ويضاف إلي ذلك أن الدستور أعطي لرئيس الجمهورية الحق في تعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فنحن في النهاية أمام سلطة قضائية غير مستقلة تماماً.
وأبدي د.لقوشة دهشته من أنه، وللمرة الأولي في التاريخ تأتي ثورة، وترفع مطالب محددة، ثم يأتي الدستور، ولا يحصن هذه المطالب من التعديل فلا توجد مادة واحدة في هذا الدستور بمأمن من التعديل، وفي هذا خطر كبير، خاصة أنه وفقاً لمواد الدستور فإن الأغلبية في مجلس النواب تستطيع أن تقوم بتعديل أية مادة في الدستور أينما ووقتما تشاء.. فوفقاً للباب الخامس، والأحكام الختامية والانتقالية - الفصل الأول والخاص بتعديل الدستور، توجد مادتان، يحكمهما أنه لا توجد مادة واحدة محصنة ضد التعديل.
وخطورة ذلك حسب ما يري - أن أية أغلبية بمجلس النواب أن تتقدم بتعديل أية مادة في الدستور لو حصلت علي أغلبية الثلثين بطرح الأمر للاستفتاء، ويكون بمقدرتها في حال حشد 51% من الأصوات، أي الأغلبية البسيطة أن تعدل أية مادة في الدستور، بينما الأصل أن تكون هناك مواد محصنة ضد التعديل، وأن يجري إحكام عملية التعديل بضوابط، لأن الدستور ليس ألعوبة في يد الأغلبية.
وفي نفس الوقت يقول د.رفعت لقوشة: فنحن نعلم جميعاً المخاطر التي تحيط بمصر إقليمياً، ومن المفترض أن الدستور يتبصر ما هو قادم، فالمادة الأولي تتحدث عن أن مصر، أراضيها موحدة لا تقبل التجزئة، ولكن جري رفض مناقشة اقتراح تقدمت به بأن يضاف إلي النص عبارة ولا تقبل التجزئة ولا المبادلة - وقدمته مكتوباً للمستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية التأسيسية، إلا أن أحداً لم يهتم بمناقشة الاقتراح'.
وبالنسبة للمادة '219' التي تتحدث عن مفهوم مبادئ الشريعة الإسلامية، فإن ما ورد فيها ليس من القواعد الدستورية، لأنه ليس من المنطقي أن يتضمن الدستور مواد مفسرة، لأن تلك المادة تفسر المادة الثانية من الدستور، وهذا ليس من قواعد كتابة الدستور، وإلا لذهبنا إلي وضع مادة مفسرة لكل مادة ترد في الدستور، وإذا أردنا أن نفسر المقصود أن نضع الأمر في الديباجة، وليس في النص الدستوري.
ويضيف د.رفعت لقوشة أنه من الخطأ تمرير دستور مصر بنظام الأغلبية في الاستفتاء، لأن الدستور، والذي يشكل أهمية استثنائية في تاريخ الأمم يجب أن يتم تمريره بأغلبية خاصة في الاستفتاء، مثل أغلبية الثلثين علي سبيل المثال، مضيفاً أن هناك من القوانين ما يجري تحديد أغلبية خاصة لتمريرها، فكيف يتم تمرير الدستور بالأغلبية البسيطة رغم خطورته علي مستقبل الشعب.
وحول طبيعة نظام الحكم الذي أقرته مسودة الدستور يقول، إنه لا يوجد نظام حكم حقيقي داخل الدستور، بل إن نظام الحكم الموجود في الدستور هو نظام بلا نظام، وسوف يقود مصر إلي أزمات بلا حدود، مشيراً إلي أن هناك ثلاثة نظم للحكم في العالم، إما نظام حكم برلمانيا، أو رئاسيا، أو مختلطا، وقد كان اختيار الجمعية التأسيسية منذ البداية للنظام المختلط، وغرفتين تشريعيتين، وفي هذا النظام يتم اختيار الرئيس والبرلمان بالاقتراع المباشر، وفي هذه الحالة يقوم النظام المختلط علي قاعدة التوازي بين الرئيس والبرلمان، وأيضاً علي قاعدة التكامل بين المجلسين التشريعيين، وما جري في هذا النظام لم يحدث في العالم كله، لأنه تمت إحالة النظام إلي نظام برلماني 'مقنع' بحيث إنه منحت الأغلبية البرلمانية الحق في تسمية رئيس الحكومة، وهذا لا يجوز بنص دستوري في أي نظام مختلط، وبالتالي داخل هذا النظام تشكلت سلطة تنفيذية برأسين، أي سلطة تنفيذية برأسين وتعني ضعف السلطة التنفيذية وحدوث أزمات سياسية متكررة، ووفقاً لهذا النظام يصبح مركز القوة الحقيقي في نظام الحكم للأغلبية بمجلس النواب، وبهذا يتحول المجلس التشريعي الثاني 'الشوري' إلي مجرد مجلس بلا قيمة ولا دور، بل مجلس تحت وصاية مجلس النواب، وبهذا الشكل يصبح لدينا نظام حكم بلا توازنات علي الإطلاق، وعلي هذا فإن حزب الأغلبية يحصل علي مصر كعزبة يتحكم فيها كيفما يشاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.