تتعدد الأراء وتتباين عندما تسأل مجموعة من الأشخاص عن من سيدلون بأصواتهم لصالحه في الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة ، لكل منهم وجهة نظر في من سينتخبه ، وبرغم هذا التباين فإن أغلبية الاراء لا تحوي حديثاً عن برامج محددة أو خطوات موضوعية سينتهجها هذا المرشح أو ذاك ، الأمر في معظمه ما هو إلا حديث عن وعود هذا المرشح أو مدي صلاح هذا المرشح وتدينه ، و خبرة هذا في العمل الاداري والتنظيمي أو إفتقار ذاك للالتحام مع الناس وعدم قدرته علي خطف القلوب من اللقاء التلفزيوني الاول ، إذن الأمر برمته لا يعدو كونه إختيار مبني العواطف والمشاعر في المقام الاول ، وليس الموضوعية أو الدقة في تاريخ وثقافة وخبرة كل مرشح . في الواقع ان غالبية المرشحين ينتهجون مبدأ تحويل الحقائق وإصباغها بصبغة جديدة أخري ، ففي الوقت الذي تسعي مصر إلي إختيار رئيس شاب وليس كهلاً .. نجد أن عدد من بين المرشحين تجاوزت أعمارهم الستين والسبعين عاماً ، وهم يعتبرون ذلك عامل قوة إذ هو من وجهة نظرهم يصب في مصلحة عامل الخبرة ، وإذا كان الحديث عن خبرة العمل السياسي فإنهم سيحولون الأمر إلي أن الرئيس ليس من الضروري أن يكون سياسي أو لديه خبرة سياسية لأنه بكل بساطة سيكون لديه مستشاريين في كل المجالات ، لكن إذا كان الامر بهذه البساطة فلما لا ننتخب المستشاريين من باب أولي ، وندعهم هم من يحكمونا ؟! لا شك أن الجميع يستخدم الجانب الديني في الدعاية الانتخابية ، فهذا يستخدمه كعامل قوة له ، إذ يظهر كمرشح للتيارات الاسلامية ، وفي نفس الوقت يستخدمه البعض الآخر لإخافة الناس من فزاعة الدين والتشدد في تطبيق الشريعة ، جميعه يستخدمون الدين لتحقيق مكاسب سياسية لكن مع إختلاف طريقة الاستخدام ، وبالرغم من أنه في واقع الامر ان المصريين متدينين بالاساس ، وليسوا في حاجة إلي هذا الرئيس أو ذاك ليخبرهم بدينهم ، فتدين المصريين سواء مسلمين أو مسيحين لم يتأثر حتي في عهد المخلوع حيث كان أمن الدولة يضرب بيد من حديد في كل الاتجاهات . الانتخابات القادمة لن تحظي بالشغف العارم حتي وان كانت في غاية الاهمية لمستقبل مصر في تلك المرحلة تحديداً ، ربما يبرر ذلك حالة التشبع التي باتت لدي المصريين بعد الإستفتاء وما تلاه من انتخابات مجلس الشعب ثم مجلس الشوري ، هذا بخلاف الانتخابات النقابية وحتي الاتحادات الطلابية بالجامعات ، فغالبيتها إما لم تكن لتتم من الأساس أو يتم تزويرها ، لكن أهم ما يميز الناخب المصري هو أنه ذو حالة مزاجية متقلبة ، كما أن كثيرين لا يحددون موقفهم من المرشحين إلا عند دخولهم من باب المقر الانتخابي ، والبعض يتخذ القرار وهو خلف الستارة حاملاً إستمارة التصويت ، وهذا يعني أن الكتلة التصويتية الأكبر لم تحدد مرشحها المفضل بعد .. ولن تتضح معالمه إلا مع فرز أخر بطاقة انتخابية ، وهذا يعني أنه من الصعب التكهن بالرئيس القادم .