ها هو الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون يصل إلى سدة الحكم بفرنسا ليصبح أصغر الرؤساء الفرنسيين الذي يحمل الحداثة والتجديد متحديا الأزمنة ومتحديا الموروث السياسي الفرنسي لنظام الحكم بعد أن نجح في استمالة قلوب كبار السياسيين والمفكرين وفي الوقت نفسه حاملا ومعبرا عن رؤى وأحلام الشباب وفتح آفاق جديدة في السياسة الفرنسية التي حكمت البلاد لعقود عبر حزب اليسار واليمين التقليديين من خلال حركته السياسية إلى الأمام قدما والتي تحولت بعد فوزه بالرئاسة إلى حزب الجمهورية إلى الأمام من أجل العمل على كسب أغلبية حزبية خلال الانتخابات البرلمانية التي ستجرى بفرنسا الشهر القادم, وقد بدأ على الفور بالاستعداد لذلك ليتمكن من الحكم بأريحية وإجراء التغييرات المطلوبة وتطبيق برنامجه الانتخابي الذي بنى عليه حركته السياسية الوليدة، ولهذا فهو يسعى لتكوين حزبه السياسي بعد استقالته من الحزب الاشتراكي في عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، وخوضه الانتخابات كمرشح مستقل بعيدا عن الأحزاب السياسية مما جعله يفكر الآن مع رجاله المقربين في توفير الظهير السياسي الذي سيمكنه من الحكم ورسم خريطة البلاد لخمس سنوات مقبلة تصب لصالح مشروعه الرئاسي، وقد أشار آخر استطلاعات الرأي إمكانية تحقيقه الأغلبية البرلمانية بالنظر إلى حصوله على نسبة 66% من الانتخابات الرئاسية في مواجهة مارين لوبين، ولهذا يستعد ماكرون لتلك الانتخابات التي ستكون قوية وشرسة عاملا لها ألف حساب بعد أن أعلن تأسيس الحزب بالتضامن مع فرانسوا بيرو اليميني الوسطي ورئيس حزب الديمقراطيين وإعلان أسماء أعضاء حركته للانتخابات البرلمانية لما يقارب 420 شخصا من أصل 577 من أعضاء البرلمان، وقد راعت اللجنة المشرفة على حزب الجمهورية إلى الأمام أن يكون نصف المرشحين من المجتمع المدني الشاب , وأن تراعى قائمة المرشحين المساواة بين الرجل والمرأة في الوقت الذي تجاوزت فيه أعداد المتقدمين للفوز بمقعد برلماني لأكثر من 19 ألف شخص، ولهذا فقد بدأ المراقبون والإعلاميون والسياسيون ينظرون بدقة لشخصية الرئيس الجديد وأسلوبه في العمل ورصد كل حركاته وسكناته وهفواته، ومنها أنهم يرون في رجال حملته المقربين نظرة من الاستعلاء في التعامل مع السياسيين والإعلاميين بسبب نشوة النصر الذي حققه ويسجلون عليه بعض الأخطاء لعدم وضعه اسم إيمانويل فالس رئيس الحكومة السابق ضمن قوائمه الانتخابية، وأيضا في تجاهل ماكرون لدور فرانسوا بيرو ممثل الوسط التقليدي الذي سانده في الوصول إلى سدة الحكم من خلال امتناعه من تخصيص عددٍ كافٍ لحزب بيرو ضمن القوائم الانتخابية، ورغم التوصل لاتفاق بين الطرفين إلا أن بيرو بدأ يشعر بعدم أريحية نحو ماكرون، وهو ما استشفه المراقبون من تشدد لشخصية ماكرون نحو كل من فالس وبيرو والذي يرجعه المراقبون أيضا إلى تمسك ماكرون بوعوده ومشروعه التجديدي والإصلاحي تجاه فرنسا قبل الوصول لسدة الحكم . إن ماكرون قد وعد في خطابه بعد النصر بالعمل على أن تكون فرنسا قوية ومتحدة مع الاتحاد الأوروبي وأن تعود بقوة لتلعب دورا هاما ومحوريا في المجتمع الدولي، وأن يقطع الطريق على اليمين المتطرف للوصول إلى الحكم والعمل على حل مشكلات المجتمع الفرنسي، ولهذا فهو يسعى لتخطي الانقسام بين الحزبين التقليديين ويتقرب إلى قادة الأحزاب وعمد البلديات وإلى السياسيين والإعلاميين والمفكرين ورجال الاقتصاد وعلى رأس كل هؤلاء الشباب الذين يساندهم ويتوجه إليهم ويرشحهم لقوائم حزبه من أجل ضمان النجاح في السنوات المقبلة ومن أجل الاستعداد لإصلاح مشروع قانون العمل المرفوض من الشارع الفرنسي والنقابات, وعمله على تجديد بعض البنود في الاتحاد الأوروبي وغيرها من الأفكار التي يمكن أن تتحطم على صخور فرنسا التي كانت عصية أحيانا على قادتها العظام، فهل ينجح ماكرون بحركته إلى الأمام التي تشبه حركة برلسكوني بإيطاليا سابقا أم أن الانتخابات البرلمانية وحزب اليمين المتطرف ورجال الأحزاب التقليدية والنقابات بفرنسا سوف يوقفون حلم وحركة هذا المهر الجامح؟