خلال جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الفرنسية في جولتها الثانية والأخيرة التي أجريت الأحد 7مايو يجد الفرنسيون أنفسهم أمام خيارين متناقضين، فإما التصويت لإيمانويل ماكرون مرشح الوسط الليبرالي وصاحب حركة إلى المضي قدما، وإما التصويت لصالح مارين لوبين رئيسة حزب الجبهة الوطنية، ولقد كانت مارين لوبين تمتلك آمالاً وحظوظا كبيرة تجاه اقترابها من الفوز بالمقعد الرئاسي خلال تلك الفرصة السياسية التي لن تتكرر أمام الجبهة الوطنية وذلك قبل إجراء المناظرة التلفزيونية التي جرت مساء الأربعاء الماضي بين كل من لوبين وماكرون تلك المناظرة التي أصبحت تقليدا سياسيا وانتخابيا يجري بين الدورتين للمرشحين الفائزين للجولة الأخيرة، إذ يسعى كل مرشح لرمي كل ثقله وخبراته في تلك المعركة من أجل كسب مزيد من أصوات الناخبين المترددين الذين عادة ما يساهمون في تحسين النتائج وترجيح كفة مرشح على آخر، على غرار المناظرة التي جرت في الماضي بين مرشح الحزب الاشتراكي سيجلين رويال ومرشح حزب الاتحاد من أجل فرنسا نيكولا ساركوزي، وقبل إجراء تلك المناظرة توقع الخبراء والمحللون والإعلاميون أن تتمكن مارين لوبين بخبرتها وحنكتها السياسية والإعلامية والبلاغية أن تهزم خصمها إيمانويل ماكرون عديم الخبرة بالمناظرات التليفزيونية، إلا أنها وكما يرى المحللون والقائمون باستطلاعات الرأي قد خذلت جمهورها وخذلت ملايين المشاهدين بعد تلك المناظرة وذلك بعد أن تمكن ماكرون من التفوق عليها في القدرة على الانضباط وقلة الهفوات والقدرة على التأثير والإقناع في الكثير من القضايا والبرامج المتعلقة بأطروحات المرشحين ومنها الملف الاقتصادي والأمني، وملف الخروج من الاتحاد الأوروبي واليورو، وقضايا اجتماعية كالتعليم والصحة وسن التقاعد والبطالة، والقوى الشرائية وغيرها من القضايا الخلافية بين المرشحين وذلك من خلال مناظرة حولتها مارين لوبين التي لم تستطع ضبط ملفاتها وضبط أعصابها إلى مشاجرة واتهامات تمكن خلالها إيمانويل ماكرون من الرد عليها وتفريغها من مضمونها وتفادي الوقوع في الأخطاء أمام استفزازات مارين لوبين التي جعلتها تخسر السباق وتخسر الكثير من النقاط وتخذل جمهورها من المؤيدين لها وعلى غير المتوقع، ولهذا فإن استطلاعات الرأي التي جاءت بعد تلك المناظرة جاءت لصالح تفوق ماكرون على لوبين بنسبة كبيرة أي الاقتراب نحو الإليزيه، كما أن ماكرون أصبح يحظى بتأييد الكثير من الرموز والشخصيات السياسية والفنية والإعلامية والاقتصادية بفرنسا ودعم الاتحاد الأوروبي، كما أنه يحظى بتأييد ودعم الرئيس الفرنسي الحالي هولاند بل يحظى بدعم الكثير من المرشحين الذين خرجوا من السباق الرئاسي باستثناء مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلنشون وحركته السياسية المسماة فرنسا المتمردة والتي أعلن بعض من قياداتها التصويت بورقة بيضاء لعدم رضاهم عن المرشحين أو تصويت البعض منهم لصالح مارين لوبين بعد خروج ميلنشون من السباق الرئاسي وحصوله على نسبة 19% من أصوات الفرنسيين، ولهذا فإن كل المؤشرات على الأرض تشير إلى فوز ماكرون بنسبة 58% من الأصوات مقابل حصول لوبين على نسبة 42% من أصوات الناخبين بالجولة الحاسمة الأحد السابع من مايو الجاري، وليصبح أمل مارين لوبين شبه معدوم في الفوز بالمقعد الرئاسي اللهم إلاَّ إذا حدثت معجزة غير متوقعة يمكن أن تقلب النتائج والتوقعات وهو ما يراه الخبراء والمحللون أمرا مستحيلا .