مع التدفق الكبير لعدد المهاجرين غير الشرعيين النازحين من بلدانهم إلي أوروبا عبر المتوسط برا وبحرا وبعدد لم تشهده أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية توقعنا أن تكون بلدان أوروبا الشرقية بداية من اليونان ومرورا بمقدونيا وصربيا والمجر وغيرها بتلك الحدة والقسوة مع المهاجرين واللاجئين العزل بأسرهم وأطفالهم الذين عانوا وعاشوا ظروفا إنسانية صعبة لم تجد الرحمة والشفقة من حكومات تلك الدول لأسباب عنصرية ودينية واقتصادية برغم تأخرهم في المرتبة الأوروبية من حيث التقدم والاقتصاد والازدهار بالمقارنة مع الدول الأوروبية وبخاصة دول الغرب والشمال بها التي انطلق منها تأسيس الاتحاد الأوروبي والمعروف عنها بالتشدد في قوانين الهجرة ومنح اللجوء السياسي ووجود الأحزاب اليمينية المتطرفة بها مع صرامة الحكومات في تلك الدول، ولكننا فوجئنا بأن الدول الأكثر تشدد والأقوي في أوروبا هي التي تعاطفت مع المهاجرين وفتحت الأبواب أمامهم مهددة دول أوروبا الشرقية بفتح حدودها أمام اللاجئين لدخول أوروبا الغربية وهو ما لم نتوقعه من رؤساء وحكومات تلك الدول انطلاقا من القيم الإنسانية مع التحدي الكبير للأحزاب اليمينية المتطرفة ومن هذه الدول كانت ألمانيا من أوائل الدول التي فتحت قلوبها وإمكاناتها أمام المهاجرين وبخاصة هؤلاء الذين شردتهم الحروب والتنظيمات الإرهابية في بلدانهم حتي أصبحوا بلا أمل في الحياة وبلا مأوي فاختاروا الموت في البحار وداخل الحدود الوعرة والشائكة للدول كبديل عن التشرد وقطع الرقاب وبخاصة من بلدان كانت آمنة ومستقرة كسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان ودول أخري أفريقية وأسيوية عانت من نفس الويلات، وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بكل تصريحاتها الإنسانية الأولي ضمن الزعماء الأوروبيين للترحيب بالمهاجرين حتي أنها قامت بالعمل علي تغيير القوانين الصارمة الخاصة بالهجرة واللجوء ومنها تغيير قانون دبلن الخاص بأخذ البصمة للاجئين والتي لا تمكنهم من النزوح لبلد أخري غير البلد التي أخذت منهم البصمة وهو ما كان يرفضه ويهرب منه المهاجرون بل وعملت علي تخصيص ميزانية كبيرة من الخزانة الألمانية من أجل المهاجرين ودعت كل دول الاتحاد الأوروبي إلي المشاركة في تلك المأساة الإنسانة مع القبول بتوزيع نسبة الحصص لاستقبال المهاجرين وغيرها من القوانين الإنسانية التي أدت إلي أن تفتح شعوب تلك البلدان أذرعها أمام المهاجرين ولتلحق بها دول أخري كفرنسا وإيطاليا والسويد والنمسا والنرويج وانجلترا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي ومن دول أخري بالعالم لتصبح المستشارة ميركل بطلة وأم وملاك في نظر المهاجرين الذين رفعوا صورها وهتفوا باسمها أمام الإعلام العالمي ومنددين بالدول التي عملتهم من جانب سلطاتها الأمنية بقسوة مقابل تفضيلهم لألمانيا كملاذ آمن اختاره معظم المهاجرين الذين تهافتوا علي ألمانيا بعد شعورهم بالأمان والارتياح، ومن خلال اللقطات الإعلامية التي شاهدناها عبر رحلات المهاجرين احتلت أنجيلا ميركل الصدارة داخل قلوب وعقول المهاجرين واعتبرها السوريين والعراقيين أما لهم وأفضل من باقي الزعماء بالعالم ومنها من وصفها بميركل الحبشة كتذكرة بالنجاشي ملك الحبشة الذي أعطي قديما الأمان للمسلمين ومنهم من سماها بأم المنبوذين حتي أصبحت صورها وأحاديثها محط إعجاب الشباب والمهاجرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عندما أصبحت معبودة الجماهير، وليخرج بابا الفاتيكان أيضا بخطبة إنسانية عبر وسائل الإعلام بالعالم وبدافع إنساني نبيل يطلب فيه من كل كنيسة ودير وغيرها من أماكن العبادة أن تعمل علي استيعاب أسرة أو أسرتين من أسر اللاجئين وكذلك إلي كل أسرة قادرة في أوروبا بأن تنهج نفس النهج وداعيا الغرب المسيحي بأن يفتح قلبه أمام تلك الظاهرة المأساوية والإنسانية التي تعتبر وصمة عار في جبين الإنسانية بعد أن رأي الدول العظمي تتخاذل وتتنصل من مسئوليتها أمام وقف الحروب والنزاعات ومحاربة الإرهاب بدلا من أن ينشروا الأمن والأمان بالعالم ولتصبح ميركل وبابا الفاتيكان نموذجين إنسانيين كبيرين نتمني أن يحذو حذوهما الكثير من رؤساء وملوك العالم الذين يتمسكون مع حكوماتهم بالأنانية والعنصرية والتشدد ومعاداة الآخر.