مرسي يسأل ضباط الحرس الذين أبلغوه بفوزه: معاكم القرارات حاجه تثبت يعني أول مكالمة جاءت لمرسي من المرشد بديع، ومرسي يرد: 'صبرنا كتير، البركة فيك يا فضيلة المرشد' أول طلب لمرسي من ضباط الحرس: كلمولي التليفزيون يا جماعة عاوز أقول كلمة. قال لقائد الحرس الجمهوري: عاوزكم تلففوني في القصر شوية.. عاوز أتفرّج يا أخي. قال لرئيس الديوان: عاوز سجاد من النساجون الشرقيون.. وقال عن سجادة ثمنها 3 ملايين دولار: إيه القرف ده. ابنه أهدي خطيبته سيارة حديثة من أسطول الرئاسة دمرتها بعد أسبوع فأعطاها غيرها. أم أحمد تقول عن اللوحات في قصر المنتزه: دول عبدة شيطان. 'مرسي في القصر.. نوادر وحكايات' كتاب جديد صدر عن الدّار المصرية اللبنانية، للكاتب الصحفي مصطفي بكري، يقع الكتاب في 255 صفحة من القطع المتوسط، ويحتوي علي عشرة فصول غير المقدمة والإهداء، وينتهي بأربع وثائق مهمة عن عصر مرسي، والسنة التي تحكم فيها الإخوان المسلمون في مقدرات الشعب المصري، وكادوا يوردونه موارد الهلاك، وقد أهدي مصطفي بكري كتابه: 'إلي من كان يسميهم مرسي ب 'الفلول' داخل مؤسسة الرئاسة'. هذا الكتاب هو الرابع لمصطفي بكري بعد: 'الجيش والثورة'، و 'الجيش والإخوان'، و 'سقوط الإخوان' والتي خصصها كلها لرصد أحداث المرحلة الانتقالية، بعد ثورتي يناير و يونية، وقد رصد تلك المرحلة متابعًا ومراقبًا ومشاركًا من قلب الحدث، وأحيانًا كان طرفًا فاعلًا فيه، من خلال علاقته بالمجلس العسكري السابق، ومصادره الصحفية، ذات الطبيعة الخاصة، في أعلي مستويات اتخاذ القرار. في هذا الكتاب: 'مرسي في القصر' يذهب مصطفي بكري إلي منطقة جديدة، في صراع جماعة الإخوان المسلمين مع الدولة المصرية ومؤسساتها، حيث يرصد السلوك الاجتماعي الشاذ عن الروح المصرية الذي اتسمت به جماعة الإخوان، ممثلة في مندوبها في قصر الرئاسة 'محمد مرسي' وكيف كان يتصرف اجتماعيًّا، وعلاقته 'بالأكل' والطعام، والتي فاقت كل ما يعرف الخيال الشعبي من 'نهم وجشع'، وكيف كان يتصرف أبناؤه وزوجته وضيوفه، مع القصور الرئاسية والتحف النادرة، والسجاد التاريخي وكيف كان يلتهم ضيوفه 'الفتة'، جالسين علي الأرض، وكميات الطعام التي كانت تدخل يوميًّا إلي القصر الرئاسي ونوعياتها، وكيف كانت 'باكينام الشرقاوي' تحمل معها يوميًّا بعد مغادرة القصر، صندوقًا مليئًا بالطعام، بحجة أنها لا تستطيع 'الطبخ' لزوجها في المنزل لأنها مشغولة بأمور الدولة. في هذا الكتاب يبتعد مصطفي بكري، عن التأريخ والوقائع الرسمية، ليرسم صورة قلمية، أقرب إلي 'السخرية' لمحمد مرسي وجماعته، وهو لا يعيب نهمهم إلي الطعام، ولا يرده إلي الحرمان فقط، بل إلي هستيريا أصابت الجماعة التي لم تصدق أن مرشحها جلس علي عرش مصر، فقد تعاملوا بنفس المنطق مع مؤسسات الدولة وهيئاتها، ففرغوها من كل الكوادر والكفاءات النادرة حتي يقوموا بتعيين رجالهم فيها، في إطار خطة التمكين التي تسارعت وتيرتها في عام من أسوأ الأعوام التي مرت علي مصر تحت حكم جماعة الإخوان الإرهابية. 'مرسي في القصر'، كما يقول مصطفي بكري في المقدمة، له حكايات ولا حكايات هارون الرشيد في 'ألف ليلة وليلة'، جوع لا يصدق، وشبق إلي الطعام، اختلال نفسي في التصرفات، حقد دفين تجاه الجميع.. غباء سياسي بلا حدود، فقد ظل الإعلام والشارع يردد أن مرسي 'استبن' حتي صدّق الرجل فترك مصيره يقرره الآخرون، غيَّب عقله تمامًا وسلَّم ذقنه للشاطر وبديع ومكتب الشاطر، كان يرفض الاستماع إلي نصيحة أحد، وكان مرسي دائمًا يردد: 'إن ذيول النظام السابق يستكثرون عليه النعمة، لا يصدقون أنه أصبح أوّل رئيس مصري منتخب منذ عهد الفراعنة'. وحكاية 'أم أحمد' والأولاد والمحاسيب، وقد رواها مصطفي بكري بالتفصيل، لا تقل سخرية ونهمًا واستعلاء عما كان يفعله مرسي نفسه، فقد قسموا القصور الرئاسية بينهم 'أسامة' يعيش في استراحة القناطر، أما نجل مرسي الآخر 'عمر' فقد كان من نصيبه 'قصر الطاهرة'، أما الزوجة وصديقاتها، فقد كان من نصيبهن 'قصر القبة' في القاهرة، و 'قصر المنتزه' في الإسكندرية. يروي مصطفي بكري في الفصل الأول وعنوانه 'الفتة يا جدع' كيف استقبل مرسي خبر فوزه بمنصب الرئيس: دخل إليه في شقته في التجمع الخامس عدد من ضباط الحرس الجمهوري، كان يجلس في شقته مرتديًّا الجلباب، وحوله مجموعة من أصدقائه المقربين في جماعة الإخوان، شاهد الضباط بقايا من أكلة 'الفتة' في صينية كبيرة علي الأرض، وقف محمد مرسي يستقبل ضيوفه الجدد، وراح يحتضن الواحد تلو الآخر، ويقول لهم: 'أهلًا يا وش الخير.. اتفضلوا نجيب غدا' - قال له ضابط كبير: مبروك يا سيادة الرئيس. - رد مرسي غير مصدق: معاكم القرار؟ - قال الضابط: قرار إيه يا فندم؟ - قال مرسي: حاجه تثبت يعني. - رد الضابط: لقد أُبلغنا رسميًّا.. وجئنا لتأمينك. - قال مرسي: طيب اتفضلوا.. اشربوا الشاي.. وأنا حلبس هدومي. يروي ضباط الحرس لمصطفي بكري، أن مرسي كان يرتدي ملابسه علي عجل، وهاتفه لا يتوقف عن الرنين، وكان يبدو متلعثمًا في الردود، لكن أخطر اتصال جاءه من المرشد محمد بديع، هب مرسي واقفًا، وقال بصوت عالٍ أمام الحاضرين: 'البركة فيك يا فضيلة المرشد، صبرنا كتير وربنا كرمنا أكبر كرم.. يعز من يشاء ويذل من يشاء'. ثم ظل يردد كلمة 'حاضر' أمام الحرس وأصدقائه عدة مرات. أما أول طلب أراده مرسي من ضباط الحرس الذين ذهبوا إليه فكان أن قال: كلمولي التلفزيون يا جماعة عاوز أروح أقول كلمة، أشكر فيها الناس.. من لا يشكر الناس لا يشكر الله'. بعد أن تحدث مرسي للتلفزيون، طلب مرسي استئذان المشير طنطاوي، حتي يذهب إلي القصر الجمهوري 'لأخذ فكرة' فوافق المشير، وعندما دخل مرسي مكتبه، تحسس المكتب بيديه، ونظر إلي المصوّر التلفزيوني وقال له: 'صوّر كويس يابني' ثم قال لقائد الحرس: عاوزكم تلففوني في القصر شوية، عاوز أتفرج يا أخي'. لم يكن مرسي يعرف الفارق بين قائد الحرس ورئيس الديوان، توقف أمام سجادة ثمينة 8 متر في 8 متر، السجادة موروثة من أيام الملك، قيمتها المالية في الوقت الراهن لا تقل عن ثلاثة ملايين دولار.. قال الرئيس بصوت عالٍ: 'إيه السجادة دي؟' إزاي تحطوا سجادة قديمة بالشكل ده للرئيس، ده قرف إيه؟ انتوا ابتديتوا تشتغلولي، كل السجاد القديم ده تشيلوه، أنا عاوز سجاد من 'النساجون الشرقيون'. سادت حالة من الصمت والذهول، وسط الحاضرين، قال أحدهم: 'بس دي سجادة قديمة وتمنها حوالي ثلاثة ملايين دولار يا سيادة الرئيس دي سجادة 'جيلان'. قال مرسي: إيه يا خويا سجادة إيه؟ بتقول ب 3 ملايين دولار؟ إزاي؟'. فوجئ المسئول الرئاسي بالسؤال، ارتبك، وقال له: 'دي موروثه من أيام الملك'. قال مرسي: ده نظام قديم بقه، لا يا خويا شيلوا القرف ده، وهاتوا لي سجاد من النساجون الشرقيون.. عاوز بكرة آجي ملاقيش ولا سجادة قديمة'. مرسي يكذب في خطابه الأوَّل: عندما ذهب مرسي إلي ميدان التحرير، ليخطب في أهله وعشيرته، أفرط في إطلاق الوعود، وفجأة أزاح من أمامه حرّاسه بطريقة عصبية، عاد إلي الخلف خطوة، ثم تقدَّم إلي الأمام خطوتين، وراح يشكف صدره للجميع وقال بأعلي صوته: 'أنا لا أرتدي قميصًا واقيًّا و أؤكد لكم أنني سأعمل معكم في كل لحظة من ولايتي الرئاسية'. اندهش رجال الحرس الجمهوري، الرئيس يكذب، إنه يدّعي بكل جرأة أنه لا يرتدي القميص الواقي، مع أنه كان يرتدي الفانلة الواقية من الرصاص، والتي تظهر من بين ثنايا قميصه، وكان رجال الحرس يرتدونها أيضًا، لكن ماذا سيقولون؟ هل سيعترضون أم يلتزمون الصمت، قال أحدهم: 'ربنا يستر، الرئيس بدأ كلمه بالكذب.. أبشر'. وهكذا في بقية الفصول: 'يا فرحتك يا بهانة، وولادك يا مرسي، والسلطانية، وخطاباتك برجالاتك، متقدرش، هاتولي الشاطر، أنا حوريكم' يرصد مصطفي بكري ويحلل سلوك مرسي مع ضيوفه ومع مسئولي الدولة، فهو يكذب علي هذا، ويخدع ذاك، حتي أن السلفيين الذين دعموه أصيبوا بصدمة كبيرة، وقد خدعهم، ولم يف بوعوده معهم أما أبناؤه كما يرصد مصطفي بكري، فكانوا يتعاملون مع ممتلكات الدولة علي أنها ملك شخصي لهم، ويروي في ذلك وقائع شديدة الغرابة، فأحد أبنائه أهدي خطيبته الطالبة في كلية الطب، عربة حديثة من أسطول الرئاسة، لكنها حطمتها في حادثة، فأرسلها خردة إلي الرئاسة وأعطاها غيرها، وزوجته كانت تعترض علي نوع السيراميك وتأمر بإزالته مما كلف الدولة 14 مليون جنيه، علي حمام واحد فقط. وكانت عندما تذهب إلي قصر المنتزه تتأمل اللوحات علي الجدران وتقول إن سكان القصر السابقين كانوا من عبدة الشيطان، ثم تأمر بتكهين هذه اللوحات التي لا تقدّر بثمن، أما الزوار السريون الذين كان يستقبلهم مرسي، فحتي الآن لا يعرف أحد من هم، ولا ماذا كانت مهمتهم، ولا الموضوعات التي كانت تناقش مع الرئيس. ويأتي دور من عينهم الرئيس معه في القصر، مثل باكينام الشرقاوي، وخالد القزاز، وأحمد عبد العاطي، وغيرهم أغلبهم خريجي سجون، بعضهم سُجِن في قضية ميليشيات الأزهر العسكرية، وآخرون اعتقلوا في قضية سلسبيل، وجميعهم تعاملوا مع مصر علي أنها غنيمة وحكاياتهم في هذا الكتاب تفوق ألف ليلة وليلة. وقد سمعها وسجلها مصطفي بكري من العاملين في القصر، لتكون سجلًا صادقًا، وصورة حقيقية عن الوضع في مصر، في السنة التي حكم فيها الإخوان.