علي مر العصور تعاقبت علي مصر حضارات وأمم متعددة تركت لنا الكثير من الشواهد والآثار الخالدة والرائعة التي مازالت موجودة إلي يومنا هذا ناهيك عن المخزون الثقافي المتوارث والذي نقل لنا عبر التواصل الثقافي كيف أن مصر قد عرفت أنواعًا شتي من الكنوز التي صنعها أجدادنا القدماء منها ما هو معنوي كالقيم والمثل، ومنها ما هو مادي عندما تفهموا الطبيعة واستخرجوا الخامات من باطن الأرض ومن الصخور والجبال وتفننوا في صنعها واستخدموها في حياتهم اليومية كالمعادن النفيسة والأحجار الكريمة وغيرها من الكنوز التي تركوها لنا ومازلنا نكتشفها، فتركوا لنا الكثير من الفنون والآثار والمهارات المتقدمة في شتي أنواع الفنون وشتي أنواع العلوم والمعرفة إضافة إلي القيم والمثل العليا عن الحياة الدنيا وحياة البعث والحساب والخلود ومعرفتهم للتوحيد قبل ظهور الأديان السماوية، ومع كل ذلك حكت لنا جدارياتهم ومخطوطاتهم عن الكنز الحقيقي الذي تمسكوا به وأعطوه اهتمامهم عبر كل الأسر الفرعونية وهو جيش مصر العظيم الذي كان قائده الرجل الثاني في الأهمية بعد الفرعون أو كان هو الفرعون نفسه ولهذا فقد سبق في معداته الحربية وتدريباته ومهاراته كل جيوش العالم قبل أن يوجد هذا العالم وظل مركز قوة الأرض والتاريخ ويعد بمثابة السر الحقيقي والمكمن في بقاء مصر الخالدة عبر الزمن واحتفاظ شعبها بهويته لعراقته، ولهذا لم يستطع الغزاة والمعتدين أن ينالوا من مصر بسبب وجود هذا الجيش العظيم الذي ظل طوال تاريخه مدافعا عن مصر وحاميا لأرضها و مخلصا لشعبها وكان من خلال قياداته الشهيرة والمعروفة في التاريخ الحصن الأول والأخير الذي كان يعتمد عليه الشعب عند المحن والشدائد التي تعصف به أكثر ما يعول أو يعتمد علي شيء آخر ولهذا ظل هذا الجيش بقياداته الكنز الحقيقي لهذا الشعب. يعتبر الجيش المصري أول وأقدم جيش نظامي في التاريخ ونذكر علي سبيل المثال لا الحصر ما تؤكده شواهد الحضارة الفرعونية ومنها أن الملك مينا عندما وحد مصر عام 3200 قبل الميلاد جعل لمصر جيشا موحدا وكون أول إمبراطورية بالعالم بسبب اتساع رقعتها في حينه، وكان المصريون دائما هم العنصر الأساسي بالجيش عبر كل العصور، وما زالت بعض الخطط الحربية المصرية القديمة تدرس في أكاديميات العالم العسكرية كما توجد الكثير من الرسوم الجدارية التي عبر من خلالها الفنان المصري القديم عن ملاحم وأمجاد الانتصارات وعن كيفية صد الغزاة مصورا لفراعنة مصر ومهارتهم في استخدام الأدوات الحربية وخطاهم الثابتة والقوية في المعركة ووجوههم التي تشع منها ملامح المجد والعزة والكرامة وإلي جوارهم قيادات الفراعنة أمثال تحتمس الثالث ومعركته الشهيرة معركة مجدو، ثم معركة قادش بقيادة رمسيس الثاني ضد الحوثيين، كما يسجل التاريخ في صفحات من نور تحرير الجيش المصري مدينة القدس من الصليبيين بقيادة البطل صلاح الدين، ثم هزيمة ودحر الجيش المصري للمغول والتتار في عهد مماليك مصر بقيادة قطز وبيبرس ووقف زحفهم بعد أن أبادوا الكثير من دول العالم ودمروا الدولة العباسية بالعراق، ثم هزيمة الصليبيين في المنصورة بمصر وغيرها من مدن الشام في عهد السلطان عز الدين أيبك وشجرة الدر، وفي العصر الحديث عندما اختار الشعب المصري بإرادته عبر ثورة شعبية القائد محمد علي وعزل خورشيد باشا متحدين السلطان العثماني، وعندها كون محمد علي الدولة المصرية الحديثة وكان عمادها في ذلك تكوينه لجيش مصري خالص أنشأ له مدرسة لتخريج الكوادر تطورت الآن إلي الأكاديميات الحربية وجعل في حينه التجنيد إجباريا، وتمكن محمد علي وأبناؤه وبخاصة القائد إبراهيم أن يضموا السودان لمصر ويخضعوا الحجاز ويضموا الشام وصولا إلي أدنه بالقرب من الأستانة بتركيا وإلحاق الهزائم المذلة بالجيش التركي والخروج علي السلطان العثماني، ولولا تآمر الدول الغربية والسلطان العثماني لاستطاع محمد علي أن يستولي علي تركيا واليونان، ثم أحمد عرابي الذي قاد الثورة العرابية بجيش مصر نحو التحرر لولا الخيانات المتعددة التي لاحقته، ويلاحظ أن الشعب المصري منذ القدم كان دوما يلجأ إلي مخزونه القوي وكنزه العظيم وهو جيشه الذي كان يخلصه من الشدائد ويحمي مصر دوما والبلاد العربية من كل الغزاة والمستعمرين، ففي ثورة يوليو عندما ضاق الشعب ذرعا بالملكية والاستعمار هبت نسمات ثورة يوليو بضباطها الأحرار وأعلنوا الجمهورية وطردوا الاستعمار الإنجليزي إلي غير رجعة واستطاع أحد أبطال الجيش المصري الرئيس جمال عبد الناصر أن يعلن تأميم قناة السويس متحديا الدول العظمي بالعالم وأدخل مصر في عهد جديد وواجه ببطولة مع الشعب العدوان الثلاثي، ودعم الثورات العربية والتحررية في الكثير من دول العالم، ولم ييأس من هزيمة يونيو المباغتة والتي لم يتخلي فيها الشعب المصري عنه وتمسك به رغم مسئوليته عن الهزيمة حتي استعد عبد الناصر من جديد للمواجهة الحاسمة وأعاد بناء الجيش المصري وبدأ حرب الاستنزاف مع العدو الإسرائيلي حتي جاء نصر أكتوبر المجيد علي يد البطل الراحل الرئيس السادات واستعادت مصر أرض سيناء كاملة ومن يومها وإلي الآن ظلت القوات المسلحة المصرية درعا واقيا وكنزا حقيقيا للوطن وأسهمت في إعداد الكثير من المشاريع الخدمية وحققت بتلاحمها الذي لا ينفصل مع الشعب المصري ملاحم قوية عبر تاريخه وثوراته وآخرها ثورة الخامس والعشرين من يناير وثورة الثلاثين من يونيو عندما انحازت للشعب ونصرت إرادته وحمت رغم ذلك أمنه الداخلي وحماية الحدود والأمن القومي المصري برا وبحرا وجوا، وحافظت علي مؤسسات الدولة ونظمها، وعايشت وشاركت مع الشعب كل اللحظات الصعبة لحظة بلحظة طوال السنوات الثلاث الماضية التي تم خلالها خلع الشعب لحاكمين بمساعدة القوات المسلحة المصرية التي تصدت أيضا وبمساعدة من أجهزة الشرطة للإرهاب و في نفس الوقت مساندتها للدولة وحامية لها وضامنة لتحقيق خطة المستقبل التي بدأت بشائرها بإقرار الدستور و الاستعداد الآن لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفق إرادة الشعب وتطلعاته بحيادية ونزاهة تامة في ظل قيادة حكيمة، وإلي جانب تلك المهام تبذل قواتنا المسلحة وبمساندة من رجال الشرطة الأكفاء أقصي الجهد لمحاربة الإرهاب وضرب الخلايا الإرهابية في جحورها وبخاصة بعد أن أفشل الجيش المؤامرة الإخوانية في ظل فترة حكم الإخوان لمصر ومن ورائها المؤامرة الكبري التي تحاك ضد مصر من جانب أمريكا وإسرائيل ودول أخري بالمنطقة تدعم التنظيم الإرهابي الدولي لإسقاط الجيش المصري والعمل علي تقسيم البلاد كما حدث في بعض الدول المجاورة، ولهذا فقد استجاب الجيش المصري الواعي بقياداته الحكيمة والمخلصة لمخاوف المصريين علي هويتهم وبلدهم ودينهم من تلك المؤامرات بالتصدي لها ومواجهتها و تعرضت علي إثره ومازالت قواتنا المسلحة ورجال الشرطة للكثير من الهجمات الإرهابية الغادرة استشهد خلالها الكثير من الأفراد الذين ضحوا بدمائهم الذكية من أجل حماية الوطن والسهر علي أمن أبنائه وإصرارهم علي القضاء علي الإرهاب في مصر والبلاد المجاورة، ولهذا فلقد أثبتت قواتنا المسلحة أنها كانت ومازالت الكنز الحقيقي الذي يعتمد عليه الوطن عند الشدائد ودائما ما يخرج من صفوفها قائدا قويا يكون بمثابة الهبة الإلهية لحماية مصر وإعادة الأمجاد والبطولات لها ولهذا استحقت قواتنا المسلحة أن تصنف في مرتبة متقدمة من صفوف جيوش دول العالم الكبري والأقوي عربيا وإفريقيا فهنيئا لنا نحن المصريين بجيشنا العظيم حامي حمي البلاد وقلب المصريين النابض الذي سيظل هكذا دوما سندا ومعينا لمصر وشعبها وباقيا بقاء الزمن رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين.