انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 2 أكتوبر بسوق العبور للجملة    على غرار الذهب، ارتفاع أسعار النفط بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل    قلق وخوف، تفاصيل مثيرة وراء استبعاد حجازي والنني من معسكر مباراتي موريتانيا    محمد إبراهيم: صدمت بمستوى إمام عاشور في السوبر ورفضت عرض بيراميدز    مصرع قائد تروسيكل في حادث تصادم سيارة ب صحراوي سوهاج    كسوف الشمس 2024، البحوث الفلكية توجه نداء للمواطنين قبل ساعات من حدوث الظاهرة    دراسة خطرة: 740 مليون طفل ومراهق يعانون من قصر النظر في منتصف القرن    نايكي تعلن عن انخفاض أرباحها في الربع الأول    بعد قصف إيران لإسرائيل.. ما هو صاروخ «فاتح» الباليستي؟    قائمة منتخب مصر.. عودة دونجا بعد غياب عامين ونصف    نجم الزمالك السابق: هذا اللاعب كان يستحق التواجد في منتخب مصر    الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا في بيروت    وزير الخارجية الإيراني: رد طهران انتهى ما لم تستدع إسرائيل مزيدًا من الانتقام    لحظات مؤثرة بتكريم نيللي ولطفي لبيب في مهرجان الإسكندرية.. صور    7 قتلى في إطلاق نار في مدينة يافا بإسرائيل    الصحة اللبنانية: استشهاد 55 شخصا وإصابة 156 جراء هجمات إسرائيلية خلال 24 ساعة    عاجل بيان رئاسي فرنسي.. تعزيز الأمن في الشرق الأوسط ومواجهة التهديد الإيراني مع دعم لبنان لاستعادة سيادته    مصر تُحذّر من تصعيد الأوضاع: تداعياته غير معلومة العواقب    إليسا تسخر من إيران عقب الهجوم الصاروخي على إسرائيل.. ماذا قالت؟    طريقة حل تقييم الأسبوع الثاني علوم للصف الرابع الابتدائي بعد قرار الوزير بمنع الطباعة    محافظ أسيوط يؤكد أهمية المتابعة الدورية للقطاعات والمشروعات وسير العمل    غرق طفل بترعة في العياط    إحداها أمام قسم المنيرة.. 10 مصابين في 4 حوادث متفرقة بالجيزة    "السقف ولع".. سيارتا إطفاء تواجه نيران شقة ببولاق أبو العلا    بعد خفض الفائدة الأمريكية.. موعد اجتماع البنك المركزي المقبل    عبد الواحد السيد: المثلوثي سيجدد للزمالك ونسعى لتسويق سامسون وثلاثي الأبيض    برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024: العند يهدد صحتك    تذكر أن الأمور ليست بهذا التعقيد.. برج الحمل اليوم 2 أكتوبر    توقعات الذهب حول العالم.. التوترات تشعل المعدن الأصفر    إيران: الرد على إسرائيل انتهى إلا إذا استدعت الأمور مزيدا من التصعيد    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت 97 مليون و405 آلاف خدمة مجانية في شهرين    المركزي: الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية في البنوك تتجاوز 7 تريليونات جنيه بنهاية أغسطس    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 وحقيقة تبكيرها بعد قرار وزارة المالية الجديد    عقوبة التحريض على الفسق والفجور وفقا للقانون    لمرورها بأزمة نفسية.. التصريح بدفن جثة فتاة سقطت من أعلى عقار في المرج    تحرير 13 محضرًا لمخالفات تموينية بقلين    ختام كورس ألف مُعلم كنسي "طور" بحلوان    عبد الواحد: تجديد زيزو في يده.. واستبعاد عمر جابر من المنتخب غريب    الداخلية يضم ميدو العطار لاعب الترسانة    إنتر ميلان يضرب سرفينا زفيزدا برباعية في دوري الأبطال    حازم إيهاب مازحا مع مخرج مسلسل انترفيو: "بيقول عليا غلبان ورغاي"    «أغنية كل أسبوعين».. ماذا حققت أغاني عصام صاصا التي طرحها خلال حبسه؟    إلهام شاهين: سعيدة بالتكريم في مهرجان المونودراما وأكره الحروب وأنادي بالسلام    البحوث الإسلامية: بناء شراكة فعالة بين المؤسسات الدينية ينتج خطابًا دينيًا منضبطًا    سلمى أبو ضيف تهدد بمقاضاة المتنمرين على حملها (تفاصيل)    بطريرك الأقباط الكاثوليك يشارك في رتبة التوبة    تقترب من النصف، زيادة جديدة في سعر دواء شهير لزيادة سيولة الدم ومنع الجلطات    اصنعيه لأطفالك بأقل التكاليف، طريقة عمل الكب كيك    كارولين عزمي كاجوال وساندي أنيقة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    هيام ابنة كفر الشيخ أتمت حفظ وتجويد القرآن بالقراءات العشر    في اليوم العالمي للمُسنِّين .. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟    هل الأكل حتى الوصول لحد الشبع حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندى: من يؤمن بأن "السحر يضر" وقع فى الشرك بالله    رئيس جامعة المنوفية يستقبل المحافظ وسفير الاتحاد الأوروبي بالجامعة الأهلية    الرئيس السيسى يؤكد التزام الدولة باستقلال القضاء كركيزة دستورية أساسية    مجلس النواب يرفع جلسته الافتتاحية وعودة الانعقاد غداً    أذكار الصباح والمساء مكتوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر لم تذق الحكم الديمقراطي حتى الآن !

"تعلمنا في الجامعات، أن هناك نظامان في الحكم، حكم ملكي يرث فيه الأبن أبيه، وويل للمجتمع لو كان الإبن سفيه، ونظام حكم جمهوري، يُنتخب رئيس الجمهورية من الشعب في صورة دوران لمدد معينة، لكن ثورة 23 يوليو علمتنا نظاما جديدا للحكم، وهو النظام الجمهوري الملكي، فلا يخرج رئيس الجمهورية ولا يترك مقعده إلا نتيجة ل 3 أشياء، الإغتيال مثلما حدث للسادات، القضاء والقدر كما حدث لجمال عبد الناصر، أوالإنقلاب كما حدث لمحمد نجيب.. وأنت يا سيادة الرئيس كيف تنوي أن تترك مقعدك؟!".. بهذه الكلمات راح الدكتور محمد متولي، كاتب تاريخ ثورة 23 يوليو بتكليف من الرئيس جمال عبدالناصر، يحدث الرئيس السابق، حسني مبارك، يالقصر الجمهوري، ولم يكن يدرك وقتها أن هناك سيناريو رابع غير الاغتيال أو الانقلاب أو حتى الموت.. وهو "الثورة"!.
في حوار دام لساعة واحدة فقط، حاول د.محمود متولي، استحضار ملفات من التاريخ المصري، منذ عهد الفراعنة، ومزجها مع الحاضر الذي نعيشه عقب ثورة 25 يناير، مؤكدًا أن "مصر لم تذق طعمًا للديمقراطية الخالصة منذ ذلك الحين وحتى الآن".. فخلال عهد الفراعنة كانوا يعملون بالسخرة لخدمة الفرعون، فكانت أول ثورة في تاريخ العالم كله، نشبت في مصر، في عهد الملك "بيبي الثاني".
قال متولي إن حركة التاريخ بالنسبة للديكتاتورية تختلف وفقا ل 3 عوامل، هي الظروف الداخلية التي تعيش فيها هذه المجتمعات، فضلا عن القادة السياسيين أنفسهم، بالاضافة للظروف الخارجية أيضًا.
تابع "تعتبر مصر منذ سنوات طويلة شمس الحضارة الإنسانية، خاصة أنها أسهمت في بناء نفسها، والعطاء لغيرها بشكل لم تستطع أن تحظاه أمة من الأمم، إلا أن ظروف الشعب المصري مع حكامه كانت دائمًا ما تؤدي لنوع من الثورة، فكانت أول ثورة قامت في التاريخ القديم كله، قامت في عهد (بيبي الثاني) أو (نفر كا رع)، الذي ولد عام 2278 قبل الميلاد ، وهو أطول حاكم في التاريخ، تولى الحكم وسنه 4 سنوات تحت الوصاية، وعا
ش حتى عمر 100 سنة، استطاع خلالها أن يجعل من مصر شكل من أشكال الروتين العفن، وصار عقله متجمدًا مع جمود حركة التاريخ بالنسبة له، فقامت في نهاية حكمه ثورة ضخمة أطاحت به وبكل أعوانه".
برر حدوث الديكتاتورية في أي وطن بتقاعس الفرد المحكوم، وتسلط الفرد الحاكم، كما تأتي الديكتاتورية نتيجة إنتشار الفقر ونقص الوعي، والبطالة، وقيام فئات معينة باستغلال معظم فئات الشعب، مؤكدًا على عدم إمكانية وجود أي نوع من أنواع الديكتاتورية سواء كانت السياسية والاقتصادية في ظل وجود وعي شعبي متكامل.
حكمة صدام حسين
"صدام حسين نفسه قالي يا دكتور متولي إن أمة عظيمة لابد أن تفرز علماء عظماء.. لكن صدام لا يتعظ ويقرأ التاريخ لكن لا يطبقه على نفسه، عشان كدا كانت دي نهايته"، كذلك أشار متولي لأهمية الوعي الجماهيري الذي يقف ضد أية محاولات من قبل الطبقة الحاكمة لفرض أي شكل من أشكال الديكتاتورية، مؤكدًا أن الثورة الفرنسية في عهد الملك لويس ال 16 لم تقم في عهد سابقيه، على الرغم أن ال 5 ملوك الذين سبقوه كانوا أطغى منه، لكن خلال عهدهم لم يكن هناك أحد من العلماء الذين ظهروا في عهد لويس السادس عشر مثل فولتير، فإن زيادة وعي الجماهير ووجود علماء وأدباء مثقفين يسهمون في تنمية المجتمع والتصدي لأية محاولات للطغيان.
" ثورة 25 يناير لم تقم من فراغ، لكن كان هناك العديد من العوامل التي أدت لانفجارها، أبرزها وجود مساحة كبيرة من العلم والعلماء، والتطور التكنولوجي الذي أتاح للشباب التواصل والاطلاع على المعرفة وكافة الثقافات من حولنا"، أكد متولي، مشيرًا في الوقت ذاته أن الرئيس السابق حسني مبارك، لم يكن خلال فترة ال 30 عام حاكما بنفس الأسلوب، لكنه تلون عقب المدة الأولى التي كان بها إلى حد ما صورة من صور العدالة،وبدأ يبتعد عن معنى العدالة، فتحولت مصر لصورة نتألم منها جميعًا، لأنه خرج عن القسم الذي أقسمه، وبدأ يوجه نظره لتوريث الحكم، وترك النظام لعائلته، كي يجوبون في الأرض فسادًا.
إجتماع مع الرئيس
تذكر كاتب تاريخ ثورة يوليو، واستاذ التاريخ المصري، اجتماعه الرابع مع الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وهي أكثر فترة جلس فيها معه على انفراد، دامت لأكثر من 4 ساعات متتالية، في 13 يوليو عام 1993 ، بدى مبارك متمسكًا بالدستور والقانون.. "قلت له ياريس لازم تعين نائب لك.. فسألني هو الدستور قال يجوز أم يجب؟.. قلتل (يجوز) قالي يبقى خلاص يا متولى أنا ماشي زي ما الدستور ما بيقول.. قولتله يا ريس ليه اختيار رئيس الجمهورية ميبقاش بالانتخاب؟.. قالي هو الدستور بيقول إيه انتخاب ولا استفتاء؟.. أنا أسير على الدستور (اللي السادات ضحك عليكم بيه)".
تابع متولي "أكبر خطأ تقع فيه مصر الآن هو أن يتم بناء نظام دون أن يكون هناك دستور يحكم هذا النظام، ولذا كان يجب أن يتم وضع الدستور أولا ومن ثم الإنتخابات البرلمانية والرئاسية".
واصل حديثه عن الديكتاتورية السياسية في عهد مصر منذ زمن الفراعنة وحتى الآن، والتي أوجدت جملة من الثورات، قائلا "مصر حتى ال 30 أسرة في عهد الفراعنة ظلت تعاني من حكم طغاة مصريين، وهنا يحضرني قول مكرم عبيد عندما قالوا له : إن الإنجليز على وشك الرحيل، فقال (أخشى عندما يزول غحتلال الإنجليز لمصر أن يبقى احتلال المصري لمصر، فالمصري سوف يقوم بإذلال أخوه المصري".. وهذا ما حدث بالفعل، وظهرت فئة صغيرة تسيطر على مقدرات فئة كبيرة، تمارس عليها الضغط السياسي أو الديكتاتورية.
ديكتاتورية الفراعنة
تابع كاتب تاريخ ثورة يوليو، واستاذ التاريخ المصري، "في مصر القديمة كان الفرعون موجود ويحكم وحده، وكان يخيف كل الحاشية، والتاريخ يذكر قصص كيبرة عن سقوط الملوك والأساطير القمعية إلا أن الطغاة لا يتعظون، يقرأوا تاريخ غيرهم ثم يسقطون في نفس ما وقع فيه أسلافهم".
استطرد قائلا "وصل الأمر بالمصريين في خضوعهم لفرعون في عهد الأسرة الرابعة بداية من سنفرو ثم خوفو ثم خفرع ثم منقرع.. كانوا يعملون أكثر من 4 شهور متتالية في العام ب (مزاجهم) وليس بالسخرة، إيمانا بالدين وإحترامًا لمقدساته، وإعتقادًا في بعث، وإنطلاقا من إيمانهم بأنه لابد وأن يحدث شئ مهم في حياة البشر، وأن كل من يقدم شيئًا طيبًا لابد أن يلقاه طيب فيما بعد".
نوه أن المصريين بشكل خاص عندما حكموا جعلوا للمرأة مكانة خاصة، بها عبرة وإحترام، بما جعل لها قدسية، فالمرأة في الشرائع القديمة في مصر الفرعونية كانت أعظم قدسية بمقارنتها بوضع المرأة اليونانية أو الرومانية أو في عصر الفرس.. وبالنسبة لحقوق الإنسان، فإن هناك أساطير تحكم التاريخ القديم، وقصة الفلاح الفصيح أبلغ دلالة على ذلك، بما يعني أن مصر الفروعونية كان الديكتاتوري فيها يلقى رضا شعبه الذي يعمل من أجل إيمانه، وكان يرعى حقوق الإنسان والأقليات أيضًا.
واصل متولي حديثه عن مصر الفرعونية قائلا "في عصر الدولة الوسطى، أدرك أمنمحات الأول أن مصر دولة زراعية، وأن عظمة الإنسان المصري في إهتمامه بالزراعة وأن توفير (لقمة العيش) يعني العزة والرخاء".. مستطردًا " للأسف بعدما كنا مصدرين للحضارة، أصبحنا مستهليكن لها، على الرغم من كون شعوب العالم كلها تعلمت، ففي عهد تحتمس الثالث سادت مصر العالم القديم كانت سيدة العالم كله".
أكد أن مصر الفرعونية في عهد تحتمس الثالث علمت العالم كله معنى كلمة "استعمار"، بمعنى بناء وإضافة، حتى الإنحليز انفسهم فيما بعد فشلوا في تحقيق هذا الإنجاز الذي قامت به مصر الفرعونية.
استطرد متولي (وفي عهد العرامسة صنعت مصر أول سلام على الأرض، سواء كان قادش أوماجدو، وسلام مع الحيثيين .. هنا كان النجاح الحقيقي الذي استفى العالم كله منه فكرة السلام.. كان "سلام الأكفاء" وليس سلام القوة أو سلام الخوف والردع النووي أو سلام الإرهاب، والتعاون مع القوى العظمى ضد العالم العربي المسكين).
نوه أنه بعد سقوط الفراعنة وبداية العصر البطلمي، برغم ظهور عدد من القوى الأجنبية الحاكمة، لم يدرك أحد أنه بالفعل مصر كانت هي التي تحتوي الغزاة، لا يحتوها، وكانت أيضًا مقبرة للغزاة.. البطالمة كانوا مصريين إلى أن أتى الرومان وغيروا الوضع وتم إعتناق المسيحية، وحدث ما حدث بعدها.
محمد علي.. نهضة بطعم "الاحتكار"
انتقل متولي بالحديث من عصر الفراعنة للحديث عن واحدة من أخطر الثورات في تاريخ مصر –كما يصفها- وهي الثورة التي أتت بمحمد علي باشا، الذي لم يتول الحكم بفرمان سلطاني، رغم أن الدولة العثمانية هي التي كانت تحكم مصر منذ عام 1517، تولى محمد علي بناءًا على رغبة الشعب التي قادها عمر مكرم، وعبدالله الشرقاوي.
برر عدم قيام عمر مكرم بتولي المسئولية بأن الدولة العثمانية كانت تملك قوة عسكرية في مصر بشكل لا مثيل له وكان من الممكن أن تضرب القوى المصرية، خاصة أن مصر لم يكن لها جيش يحميها منذ 525 ق.م حتى عام 1822 في عهد محمد علي، وهو أول ظهور للجيش المصري.
تابع "صحيح أن محمد علي عمل من أجل أسرته، لكنه أضاف لمصر أكثر مما نتصور، فأدخل التعليم المدني بجوار التعليم الديني، وأرسل البعثات، وجعل من مصر دولة صناعية، وهو مؤسس الدولة الحديثة بلا جدال، وعندما مات كان هناك 3 أشياء في مصر ميزتها أمام العالم كلها أولها أنه في عام 1832 أنقذ أوربا من مآساة مجاعة قمح، وقام بتصديره لكل البلدان، كما أنه مات ولم يكن على مصر دين واحد، فضلا عن كوه خلق فئة من المثقفين لم يوجد مثيل لها مثل علي مبارك ورفاعة الطهطاوي وحسن العطار"، بما يعني أنه على الرغم من ديكتاتوريته واعتماده على الاحتكار بشكل رئيسي في تسيير الأمور بمصر، إلا أنه أسهم في عمل نهضة إقتصادية هائلة في مصر، كما ضمن لها استقلالها عن الحكم العثماني، وباتت كلمة مصر كلمة عليا، على عكس طغاة العهد الحديث أمثال الرئيس السابق حسني مبارك، الذين قزّموا البلد بشكل عام".
وكأنه يحاول عمل إسقاط سياسي على الوضع الراهن، قال أن محمد علي ربط كل إصلاحاته بالجيش، ولذا عندما انهار الجيش إنهارت كل إصلاحاته.. وهذا خطأ لا يجب أن يقع فيه الحاكم الجديد الآن.
واصل متولي قراءته لصفحات من تاريخ مصر، لتوضيح تأثير الديكتاتوريات السياسية والاقتصادية فيه، قائلا "بعد محمد علي لم يوجد إلا إبراهيم باشا، خاصة أن إسماعيل أضاع مصر بالديون والخضوع لرغباته، والخوف من الغرب، وبإعلانه إفلاس مصر عام 1875 ، بما أتاح الفرصة للأجانب في التدلخل في شئوننا الداخلية".
أسرة محمد علي
أشار إلى أن العصور التي جاءت بعد تلك الفترة تقارب شكل الحكم فيها، ودفعت مصر اخطاء أسرة محمد علي بعدها، والديكتاتورية السياسية الاقتصادية التي عبّر عنها إسماعيل تعبيرًا فجًا، فمر عصر الولاة(إبراهيم باشا، وعباس حلمي الأول، وسعيد باشا)، ثم جاء على مصر عصو الخيديوية (الخديوي إسماعيل، والخديوي محمد توفيق، والخديوي عباس حلمي الثاني)، ثم عصر السلاطنة (السلطان حسين كامل ثم السلطان أحمد فؤاد)..جاء حسين كامل بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر ديسمبر 1914 وعزل عباس حلمي الثاني، لأن الدولة العثمانية شاركت في الحرب العالمية الاولى 1914 ضد بريطانيا نفسها.
تابع متولي "كانت بداية التاريخ المصري قد تبدلت بعد إعلان الحماية، ولم يصبح للقبا لمندوب السامي أو المعتمد البريطاني وجود، وظهر مصطلح "ممثل الحماية"، دام الإحتلال ل 74 عام، لولا جمال عبد الناصر، الذي جاء وأبرم إتفاقية أكتوبر 1954.
تحدث عن حتمية قيام ثورة 23 يوليو، خاصة أن 0.5% من الناس كانوا يمتلكون 99.5% من مقدرات البلد، وهم كبار الجذور العثمانية والتركية وغيرهم من الأعيان والأكابر.
ديقراطية لا معنى لها
أكد أن خلال الحقبة التي سبقت جمال عبدالناصر كان هناك ديمقراطية لا معنى لها، فمثلا حزب الوفد وهو حزب الأغلبية الذي حكم 7 سنوات ونصف، منهم عامين ونصف في ظل الحماية البريطانية، كان يتشدق الملك فاروق، خاصة أنه كلما شل وزارة كان يقيلها الملك، أما باقي أحزاب المعارضة كانت أحزاب صورية، لا قيمة لها، حتى الزعامات، كانت لا تملك في داخلها القوة الحقيقة كي تدافع عن نفسها.
استطرد كاتب تاريخ ثورة يوليو، واستاذ التاريخ المصري، قائلا "وفي هذه الأثناء ظهرت جماعة الإخوان المسلمين عام 1982 في مدينة الاسماعيلية على يد مدرس إبتدائي من البحيرة وهو الشيخ حسن البنا، الذي كان يؤمن أن الإسلام في حاجة إلى رعاة، ونجح إلى حد كبير في بناء هذه الجماعة، لكن للأسف لم يجد في الجماعة مجموعة من المثقفين، إلا بعدما تم إغتياله على يد نظام الملك فاروق، بعد أن دخل في صدام مع الملك، انتهى بحل الجماعة عام 1984 بعد مذكرة من عبدالرحمن عمار، وكيل وزارة الداخلية آنذاك، وتم بعدها قتل النقراشي باشا، الذي أصدر قرار الحل، فكان رد الحكومة أن قُتل حسن البنا مرشد الجماعة، وظلت الأوضاع على ما هي عليه قامت الثورة، وألقى الشارع المصري عليها آمال كبيرة في أن تمحو عن الذاكرة سنوات طويلة من الديكتاتورية والقمع والاستبداد.
دافع عن الثورة، مؤكدا أنها لم تكن إنقلابًا، لأنها غيرت الأضاع من وضع لوضع، مثلما حدث في 25 يناير، فهي ثورة لأن الدستور تم تغيره، كما أن الأشخاص الذين كانوا مسيطرين على الساحة السياسية ومارسوا الديكتاتورية لسنوات طويلة تم عزلهم، مؤكدًا أن الإنقلاب يقوم لصالح مجموعة صغيرة مثل لو قام المجلس العسكري بإنقلاب، فإن ذلك سوف يأتي في مصلحة المجلس وحده لا مصلحة الشعب، إلا أن الثورة تأتي دائمًأ في مصالح الشعوب.
واصل حديثه عن الديكتاتورية مؤكدًا أنه لا وجود لها إلا إذا سمح المحكوم بها، مشيرًا إلى أنه جبروت جمال عبدالناصر لم يمنع الشعب المصري من أن يكون له قيمة، بعكس الحال خلال عهد النظام السابق، الذي أدت ديكتاتوريته لإهدار قيمة المواطن المصري.
مصر مفعولا به
تحدث متولي عن فترة الرئيس محمد أنور السادات، قائلا أن أبرز سلبياته هو أن مصر كانت تعيش في دور المفعول به دومًا، وليس دور "الفاعل".
استطرد "قلت للسادات الكلام دا في اجتماع في الاسماعيلية، قولتله يا ريس إلى متي نصبح مفعول به، لابد أن نكون فاعل، ولابد أن يكون لدينا مراكز لإدارة الأزمات للتنبئ بالأزمات قبل وقوعها"، مشيرًا إلى أن السادات كان يحب "الموالسين" حوله، كما هي عادة أي ديكتاتور.
نفى إمكانية أن يقوم الاخوان المسلمني باتباع سبل ديكتاتورية، خاصة أنهم لابد من أن يتعلموا الدرس جيدًا من التاريخ، الذي لا يحابي أحد، مؤكدًا أن مصر لم تذق الديمقراطية وآن الأوان كي تذوقها الآن.
وعن الاصلاح الاقتصادي وفقًا للمنظور التاريخي في مصر، قال إن هناك العديد من الآليات التي تؤدي للنهضة الاقتصادية بشكل عام، تعمد النظام السابق إغفالها، تعظيمًا لمصلحة رجال الأعمال، وأبرزها الغهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة (SMES)، وتشجيع الشباب على تبني المبادرات الفردية، ولذلك يجب أن يوجه الاهتمام للصندوق الاجتماعي، فضلا ضرورة قيام الدولة بطرح أراضيها للاستثمار الزراعي مع توفير كافة المقومات لنجاح هذا الاستثمار، كما يجب ان تحرص على استخدم أساليب تقنية جديدة لزراعة الصحراء، وتشجيع البحث العلمي بشكل جيد، والاهتمام بالصناعة، وتخفيف حدة القروض سواء الخارجية أو الداخلية، بالاضافة لفرض التقشف على الإدارة الحكومية خلال المرحلة الحرجة الحالية، وتقليل عدد الوزراء للمروق من الأزمة الحالية، وإلغاء مجلس الشورى الذي ينفق أكثر من 3 مليون، وهو ليس ذات قيمة، وتقوية القطاع العام في ظل وجود قطاع خاص يسير في فلكه، وأخيرا دعم مشروعات الشراكة بين القطاعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.