صادق المجلس التأسيسي في تونس يوم الأحد علي الدستورالجديد للبلاد بعد ثلاث سنوات من اندلاع الثورة واعلن رئيس الوزراء تشكيلة حكومة مستقلة ستقود البلاد الي انتخابات هذا العام وهي خطوات أساسية في دعم الانتقال الديمقراطي في مهد الربيع العربي. وكان من المقرر ان ينتهي المجلس التأسيسسي من وضع مسودة الدستور خلال عام بعد انتخابات 2011 لكنه تأخر بسبب الخلافات السياسية في البلاد. وصوت 200 نائب بالموافقة علي الدستور الثاني في تاريخ البلاد من اعضاء المجلس البالغ عدهم 217. وفي وقت سابق يوم الاحد أعلن رئيس الوزراء التونسي المكلف مهدي جمعة تشكيل حكومته المستقلة التي ستحل بدل حكومة الاسلاميين بهدف قيادة البلاد الي انتخابات هذا العام في مهد الربيع العربيي بعد ثلاث سنوات من اندلاع انتفاضة انهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وعقب الموافقة علي الدستور رفع النواب اعلام تونس بينما كان البعض منهم يذرف الدموع فرحا وتبادل النواب التهاني بينما علت الزغاريد في اجواء مؤثرة. وردد النواب النشيد التونسي قبل ان يرددوا شعار 'اوفياء اوفياء لدماء الشهداء' وقال مصطفي بن جعفر رئيس المجلس في كلمة 'هذا الدستور يبني دولة مدنية ديمقراطية ويحقق حلم التونسيين وعدة اجيال'، واضاف ' هذا الدستور هو نجاح للثورة وللنمط المجتمعي التونسي.. ليست تونس وحدها من تتابع هذه التجربة بل العالم كله يتابعها باعجاب' والتصويت علي الدستور الثاني لتونس هو من اكثر اللحظات قوة وتأثيرا منذ الاطاحة بالرئيس السابق زبن العابدين بن علي قبل ثلاث سنوات في انتفاضة انتقلت شرارتها الي مصر وليبيا واليمن وسوريا. وينظر خبراء ودبلوماسيون غربيون الي الدستور التونسي الجديد علي انه دستور ليبرالي. وتنازل الإسلاميون الذين يسيطرون علي اغلب مقاعد المجلس التأسيسي في تونس عن اعتماد الشريعة الإسلامية كمصدر اساسي للتشريع. وتضمن البند السادس النص علي حرية الضمير والمعتقد وان الدولة تسعي للتصدي لدعوات التكفير وحماية المقدسات وهو بند توافقي بين الإسلاميين والمعارضة. وقال زعيم حركة النهضة الاسلامية للصحفيين ' الله وفق شعبنا الذي قام بثورة انارت العالم.. انها لحظات تاريخية بالوصول الي دستور توافقي بين التونسيين, بعض البلدان الاخري التي ناضلت لم تحقق نفس طريقنا. هذا الدستور له مذاق خاص للذين تعرضوا للاضطهاد والتعذيب وناضلوا ضد الديكتاتورية.' واضاف ان 'المصادقة علي الدستور الجديد جعل من تونس نموذجا في المنطقة' وقال ان تقدم مسار الثورة التونسية سيؤثر علي باقي دول الربيع العربي. ويبدو طريق تونس نحو الديمقراطية اكثر ثباتا مقارنة بباقي بلدان ربيع العربي. وقال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون الاسبوع الماضي ان دستور تونس التوافقي هو نموذج لدول المنطقة ووافقت حركة النهضة الاسلامية علي التنحي من الحكومة بعد اتفاق مع المعارضة العلمانية اثر ازمة استمرت شهور عقب اغتيال معارضين العام الماضي. وكلف جمعة بتشكيل حكومة في ديسمبر كانون الاول بعد ان وافق حزب حركة النهضة الاسلامية علي التخلي عن الحكم في حل وسط مع المعارضين العلمانيين لإنهاء أزمة هددت بتقويض التحول الديمقراطي في البلاد. وأبقي جمعة وهو وزير الصناعة السابق في حكومته التي ضمت 21 وزيرا علي وزير الداخلية لطفي بن جدو في تحد لانتقادات المعارضة التي ترفضه لاغتيال اثنين من المعارضين العلمانيين أثناء توليه الوزارة. وعين رئيس الوزراء منجي حمدي وهو دبلوماسي مخضرم وزيرا للخارجية والاقتصادي حكيم بن حمودة وزيرا للمالية. وشغل بن حمودة وهو ذو توجه ليبرالي منفتح منصب المستشار الخاص لرئيس البنك الافريقي للتنمية. وسيتولي غازي الجريبي وهو رئيس سابق للمحكمة الادارية وزارة الدفاع. وقال جمعة عقب تقديم حكومته للرئيس التونسي منصف المرزوقي 'سنتخذ عدة إجراءات سريعة في المجال الاقتصادي والاجتماعي ولكن الانتخابات تبقي أيضا أولوية الاولويات'. ودعا رئيس الوزراء الي دعمه والالتفاف حول حكومته قائلا 'نعول علي دعم كل الاطراف حتي من هم ضد اختياراتنا للوصول لانتخابات في أفضل الظروف.' وتحتاج حكومة جمعة الي مصادقة المجلس التأسيسي لتبدأ بعد ذلك في مباشرة أعمالها التي ستتركز في الاعداد للانتخابات وتوفير مناخ من الأمن في ظل استمرار خطر الجماعات الدينية المتشددة. وينظر زعماء غربيون للانتقال الديمقراطي في تونس علي انه نموذج يتعين الاقتداء به في دول المنطقة رغم البطء. وستكون حكومة جمعة أمام عدة تحديات من بينها انعاش الاقتصاد الهش ومواصلة التصدي لجماعات اسلامية متشددة صعدت هجماتها في العام الماضي ضد الحكومة واغتالت معارضين بارزين. ومن المقرر ان يقام يوم الاثنين احتفالا ضخما يتم فيه ختم الدستور من طرف رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس المجلس التاسيسي.