في غمرة الأحداث الداخلية الكثيرة أرجو ألا نغض الطرف عن المخاطر المحدقة بنا والمتمثلة في دق طبول الحرب في منطقة الشرق الأوسط.. فمناخ الحرب مخيم علي الأجواء في المنطقة.. ومظاهرها تتمثل في الإعلان بين وقت وآخر عن استعدادات لخوض حرب ضد ايران تبدأ بضربة استباقية إسرائيلية للمفاعلات النووية تنتهي بحرب شاملة قد تشمل 7 دول عربية. وما يؤكد مخاوفي حقيقة هو تصريح الدكتور هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق ومهندس النزاعات الدموية في الشرق الأوسط خلال سبعينيات القرن الماضي والذي قال فيه »إذا لم تسمع طبول الحرب فينبغي أن تكون أصما«.. في الوقت نفسه حذرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية من اندلاع حرب في الشرق الأوسط.. وان هذه الحرب ألقت بظلالها علي آفاق المنطقة خاصة بعد التهديد الايراني بإغلاق مضيق هرمز وهو الأمر الذي رفع من أسهم نشوب صراع بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوايران.. كما فتحت التهديدات الإسرائيلية بقصف منشآت طهران النووية الباب علي مصراعيه أمام احتمالات نشوب حرب اقليمية. وعلي الرغم من تصريحات أوباما »المهدئة« بانه لا يريد رؤية مزيد من القتال في منطقة الخليج المنتجة للبترول وأنه يفضل الحل الدبلوماسي في التعامل مع البرنامج النووي الايراني مستبعدا اتخاذ إسرائيل أي قرارات بشأن اعلان الحرب علي الجانب الايراني.. ورغم محاولة التهدئة إلا أن أوباما لم يستبعد أي خيار من علي الطاولة لمنع ايران من أن تصبح قوة نووية. ومقدمات الحرب جاءت في صورة اغتيال 4 علماء نوويين ايرانيين.. وفرض عقوبات دولية علي طهران تحت دعوي شل قدرتها علي الاستمرار في برنامجها النووي.. وعمليات تخريب لضرب نظام المعلومات للبرنامج النووي من خلال ارسال فيروسات إلكترونية.. وإعلان الجيش الأمريكي عن وصول حاملة طائرات جديدة إلي بحر العرب وان حاملة أخري في طريقها إلي المنطقة.. وإدارة الحرب الإعلامية بالحديث عن قنبلة خارقة للتحصينات انتجتها الترسانة الأمريكية تستخدم ضد الأهداف المدفونة تحت الأرض. ولا يخفي علي أحد التنسيق الإسرائيلي الأمريكي المستمر حول هذا الموضوع حيث توجه وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان أوائل الشهر الحالي إلي واشنطن والتقي بنظيره الأمريكي هيلاري كلينتون وعددا من كبار رجال الكونجرس.. وتوقع المحللون ان يطلب ليبرمان من الجانب الأمريكي اسقاط النظام في سوريا وايران وعدم الاكتفاء بفرض عقوبات علي هذين النظامين.. كما دعا وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي ماتان فيلناي إلي تشديد الأمن في جميع المدن وتأمين المنازل الخاصة إلي أقصي حد ممكن تحسبا لأي مواجهة مسلحة مع ايران.. كما بحث رئيس الموساد الإسرائيلي مع المسئولين الأمريكيين شن عملية عسكرية أمريكية علي ايران. وقد يقول قائل: إننا في منأي عن مخاطر هذه الحرب وأقول له: ان إسرائيل بدأت تمهد لعودة سيطرتها علي أجزاء من سيناء بعد نشر تصريحات علي فترات متوالية بأن مصر ليست قادرة علي فرض الأمن في سيناء وان هذا يهدد أمن إسرائيل.. وهذه التصريحات ليست للاستهلاك المحلي. وإنما تقصد بها انها إذا حاولت الاستيلاء مرة أخري علي سيناء فإن ذلك لدواعي أمنها.. وهو خط أحمر بالنسبة لها ولأمريكا.. ومن هنا فإن تصريح كيسنجر بأن الحرب قد تطول دولا عربية لابد أن نأخذه علي محمل الجد ولا تأخذنا صراعات الداخل علي كرسي وزارة أو كرسي الرئاسة بين التيارات السياسية المختلفة لأن ننكفئ علي ذاتنا داخليا ولا ننظر للمخاطر الخارجية التي تقترب من حدودنا.. ومرة أخري من لا يسمع صوت طبول الحرب التي تدق وبقوة هذه الأيام فهو أصم كما قال كيسنجر.