مازالت إسرائيل تحشد النذر من خلال التهديد بشن ضربة عسكرية استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية وهي الضربة التي ستؤدي حتمًا إذا حدثت إلي نشوب حرب بين إسرائيل وإيران، وبدورها ستطال المنطقة إذ ستغرقها في أتون الفوضي والاضطرابات . إسرائيل تعتبر الملف النووي الإيراني اليوم هو الهم الأول لها وهو الذي يحتل الأولوية في أجندتها ولهذا شرعت في دق طبول الحرب حتي قبل أن تصدر الوكالة الذرية تقريرها الأخير في الثامن من نوفمبر الحالي، ولم يكن غريبًا أن تتماهي أمريكا مع إسرائيل في حشد العالم ضد إيران ومشروعها النووي لاسيما وأن الوكالة اعتمدت في تقريرها علي معلومات استخباراتية أمريكية في الأساس، ولا شك أن إيران تدرك أن هناك شبه تكتل دولي ضد برنامجها النووي والقصة ليست وليدة اليوم وإنما هي قديمة ومتجددة، ولعل إيران تراهن علي كل من روسيا والصين اللتين تدعمانها ويكفي أن كلا منهما عارضت أي قرار يعكر الأجواء بين طهران والوكالة الذرية . واليوم تظل إيران عصية علي الإذعان لمن يريد وقف برنامجها النووي ناهيك عن المساس بقدراتها لا سيما وهي تعد دولة إقليمية عظمي، ولا سيما مع التحولات الچيواستراتيجية الخطيرة في المنطقة والتي تعكس اختلالاً في موازين القوي التقليدية لصالح إيران، فهناك انسحاب أمريكا من العراق قبل نهاية الشهر القادم، وهناك الدعوة التي أعلنتها طهران عن إمكانية إقامة تحالف مع أرض الرافدين، وهناك الانسحاب الأمريكي الذي سيتم فيما بعد من أفغانستان، وهناك الثورات الحادثة في المنطقة وكيف يمكن لإيران ملء أي فراغ، ولهذا فحتي إذا فرضت عليها عقوبات مجددًا بهدف استهدافها في الداخل وإسقاط النظام فإن النظام لن يسقط ذلك أن عقيدته الدينية توفر له دعمًا غير محدود، كما أن أصوات المعارضة تتراجع خاصة عندما يتعلق الأمر بالموضوع النووي الذي يتحلق الجميع حوله . من أجل هذا لجأت إسرائيل وأمريكا مؤخرًا إلي إشاعة حرب نفسية والهدف ترويع إيران ودفعها نحو إنهاء برنامجها النووي، فرأينا إسرائيل تصعد التهديد بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وتسارع فتجري تدريبات تحاكي التعرض لهجوم بالأسلحة غير التقليدية، ورأينا إدارة أوباما تسلط الأضواء علي تزويد سلاح الجو الأمريكي بشحنة من القنابل الجديدة الخارقة للتحصينات والمعدة للهجوم علي منشآت نووية وكيماوية وبيولوجية والتي تزن كل واحدة منها 51 طنًا وتعتبر قادرة علي تدمير أهداف تحت الأرض، فالقنبلة مصنوعة من الفولاذ وقادرة علي الوصول إلي أهداف بعمق 06 مترًا قبل أن تنفجر وتم تصميمها لتلائم طائرات الشبح ' بي 2' لاختراق الأنظمة الدفاعية الجوية لدول مثل إيران وكوريا الشمالية . يأتي هذا كله في إطار حملة نفسية لاقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي، بيد أن هذا لن يحدث ولن تتخلي إيران عن برنامجها النووي لأنه حق لها كفلته معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت إيران عليها .