آهات لم تتوقف.. وعيون تقطر دما حزنا علي فراق الأحباب.. آباء وأمهات.. أشقاء وشقيقات اتشحت وجوههم بالسواد ويبدو عليهم علامات الصدمة فسكت اللسان عن الكلام.. هذا هو المشهد أمام مشرحة زينهم التي استقبلت ضحايا مجزرة بورسعيد التي فقد فيها الوطن74 شابا لا ذنب لهم.. دكتور اشرف الرفاعي مساعد كبير الأطباء الشرعيين أكد للأخبار أن المشرحة لم يتبق فيها سوي ضحيتين مجهولتين نتيجة أحداث بورسعيد تم التعرف علي واحدة بالأمس وهو" محمد خالد احمد مختار"وتبقي جثة واحدة لم يتم التعرف عليها . أما فيما يتعلق بضحايا أحداث وزارة الداخلية فقد استقبال ثالث ضحايا الأحداث وهو"محمد إبراهيم محمد. "الأخبار" رصدت حالة الحزن العميق التي بدأت علي أهالي الضحيتين.. خالد احمد مختار والد الشهيد محمد ضحية أحداث بورسعيد وقف داخل المشرحة أثناء معاينة الأطباء لجثمان نجله محمد 16 سنة وعضو الالتراس الاهلاوي اخذ يتمتم بكلمات قائلا "يامحمد أنت شهيد ياولدي اخواتك كويسين والدتك بتسلم عليك بس تعبت لفراقك.. ولم تستطع الحضور ومتخاقش ياابني دمك مش هيروح هدر وهادفنك في مدافن الوفاء والامل عشان تكون بجوار بيتنا ومتبعدش عن عيني "ثم امسك بمصحف واخذ يقرأ بعض الآيات من القرآن والدموع تسيل من عينه حتي ابتلت لحيته وبعد ان انتهي الاطباء من معاينة الجثة وتصويرها تم اخذ الجثمان لتغسيله تمهيدا لدفنه في مثواه الاخير. يضيف اشرف ابو كرع عم الشهيد: محمد يبلغ من العمر 16 عاما بالصف الثاني الثانوي وهو اكبر أشقائه اتصل محمد بوالده في منتصف الشوط الثاني من مباراة الاهلي والمصري قائلا "الحقني يابابا في حاجة بتحصل ومش عارفين نخرج فيرد الاب »خليك مكانك وانا هجيالك« لنري عبر شاشات التليفزيون المذبحة التي تمت عقب انتهاء اللقاء فيقوم الاب بالاتصال بنجله مرة أخري فيرد عليه صديقه احمد مؤكدا اصابته بالاحداث وانه تم نقله مستشفي حميات بورسعيد. يصمت العم قليلا ويواصل حديثه قائلا: وبعد ان وصلنا الي مستشفي بورسعيد اذا بصديق اخر يعطي الاب جاكيت نجله مؤكدا انه يبحث عن محمد مثله وبعد رحلة من البحث في كل المستشفيات لم نعثر عليه فقالوا ان هناك بعض الجثث للمتوفين في الاحداث فلم نره بينهم ذهبنا الي مطار بورسعيد حيث كانت هناك طائرة تقل عددا من المتوفين فلم نتعرف عليه لنعود الي القاهرة ونذهب الي مشرحة زينهم بعد ان علمنا ان هناك عددا من الجثث المجهولة فلم نتعرف عليه بينهم لنلجأ الي عمل نشرات تحمل صورته تفيد انه مفقود وصفحات علي موقع التوصل الاجتماعي "الفيس بوك" ثم نذهب مرة ثانية الي بورسعيد باحثين عنه بعد ان ظننا انه فقد الذاكرة حاملين صورته فإذا باحدي ممرضات مستشفي حميات بورسعيد تؤكد لنا حضوره المستشفي متوفيا حيث تم نقله الي القاهرة وتشير الي وجود بعض الصور له لدي النيابة لنذهب الي هناك ونتأكد من وفاته بالفعل وان جثمانه بمشرحة زينهم فحضرنا الي هنا. ويصمت العم مرة ثانية وسط نوبة من البكاء ويعاود حديثه :فنظرا للضرب المبرح تغيرت ملامح وجهه ليكسوه الورم والانتفاخ فتعرفنا عليه من ملابسه الداخلية ويخرج جثمان محمد وينصرف الاهل حاملينه الي مثواه الاخير . وأمام كلمات العم التي ادمت قلوبنا حزنا توقفنا عن الكتابة للحظات حتي تمالكنا اعصابنا لنذهب لأسرة محمد ابراهيم 17 سنة ضحية احداث وزارة الداخلية من امبابة حيث التقينا بشقيقته الوحيدة نجوي وهي تجلس حاملة صورا له وتقول: هذه صورته وهو في الابتدائية وهذه وهو في الاعدادية وصورة ثالثة قبل وفاته تصرخ قائلة »انت فين يا محمد ماما في انتظارك بالمنزل مستنياك«؟ وتسال الواقفين: »اخويا مش هشوفو تاني« حرام عليهم قتلوه ليه مليش غيره انتظرناها للحظات حتي تستكمل حديثها فلم تستطع. يقول صديقه محمد حمدي الذي حضر والصدمة تكسو ملامح وجهه محمد نزل من غير ما يعرف حد في بيته كان قلبه علي البلد نفسه تتحقق مطالب الثورة ويرحل العسكر لكن القدر شاء ان يرحل ويظل الفاسدون. علم والده بإصابته في الاحداث من خلال اتصال هاتفي من احد الاصدقاء حيث تم نقله الي مستشفي المنيرة العام وامام قلة الامكانات بها تم تحويله لمستشفي احمد ماهر فتدهورت حالته وتم نقله الي مستشفي القبة العسكري حيث توقف القلب مرتين وتم انعاشه عن طريق الصدمات الكهربائية وحقنة الادرلين لكن وافته المنية متأثرا باصاباته التي انتشرت بأماكن متفرقة بجسده وما ان خرج الجثمان حتي تعالت الصرخات والبكاء من قبل اهله وذويه تمهيدا لوداع محمد الذي تم تكفينه بعلم مصر .