البطولات أرزاق.. وأكثر ما يجلب الرزق المناخ الصحي واتقان العمل وتصافي النفوس ووحدة الهدف والإصرار علي تحقيقه.. ويقيني أن هذه كلها متوفرة حاليا وبنسبة كبيرة في معسكر المنتخب الوطني بأحد الفنادق الكبري قرب مطار القاهرة للمشاركة في بطولة الأمم الأفريقية بهدف واحد: مش هنسيبها.. هذه ليست كلمتي.. لكن كل من يقترب من لاعبي المنتخب أو جهازهم الفني هذه الأيام يسمع منهم هذه الكلمة.. بكل وضوح وإصرار حتي أن لاعبا كبيرا بالفريق قال لزملائه علي مائدة الإفطار أمس الأول: مش معقولة كل اللي البلد بتعمله ده وبعد كده نسمح لحد ييجي هنا يأخذ الكأس مننا ويمشي.. ليأتيه الرد من أكثر من ثلاثة لاعبين وفي نفس واحد: لا طبعا.. مش هنسيبها.. وحتي لا ندعها تفلت من أيدينا. هذه الكأس التي يحمل المصريون الرقم القياسي في إحرازها (سبعة ألقاب) لابد أن نعي جيدا أهمية توفير المناخ الصحي للفريق وابتداء من لقاء الافتتاح أمام زيمبابوي غدا.. مصر وفرت للبطولة وللمنتخب كل شيء.. ويشعر اللاعبون بالتقدير الرئاسي والدعم المعنوي الكبير ولعل كلمات الرئيس السيسي معهم ولهم وضعتهم جميعا في قمة المسئولية تجاه إسعاد الشعب المصري وإمتاعه بكرة قدم مميزة وتقديم صورة رياضية محترمة.. جزء كبير من مناخ البطولة يصنعه الإعلام ويتلقفه ويدعمه بتفاعل الجمهور.. وهنا لابد أن تكون هناك استراتيجية إعلامية واضحة في التعامل مع البطولة والمنتخب.. نحتاج من إعلامنا دوما المزيد من التوجيه والتوعية للجماهير بالترحيب اللائق بضيوف مصر من جماهير ومسئولي المنتخبات المشاركة وعدم عرض أي صور سلبية عارضة بكثافة أو تركيز.. نحتاج لتقديم صورة حقيقية ونجعل كل ضيف هنا أكثر حرصا علي العودة لبلدنا وحبذا لو اهتمت الهيئة العامة للاستعلامات بنشر تقارير عن انطباعات كبار النجوم الأفارقة والمدربين الأجانب وجولاتهم السياحية وتغذية مكاتب المراسلين الأجانب المعتمدين هنا بتفاصيل وصور مثل تلك الزيارات والمقابلات وتسهيل مهام عملهم في هذا الشأن حتي لا نخاطب أنفسنا هنا! والجمهور الذي حجز تذاكره عبر نظام تذكرتي الحضاري والدقيق (شرط تنفيذه بضوابطه الكاملة) عليه أن يتحمل مسئولياته بالحفاظ علي منشآت بلاده ومظهره ويساعد رجال الأمن في أداء عملهم حفاظا علي البطولة بكل من فيها وبينهم الجمهور نفسه. نفسي أشوف شباب جمهورنا وهو ينظف مكانه بالمدرج قبل تركه في نهاية المباراة.. نفسي في لقطة من نوعية الجمهور الياباني.. ولسنا أقل تحضرا وشعورا بالمسئولية. هذه بطولة فارقة.. فلا تدعوها تمر.. مش هنسيبها؛ هي دعوة لكل من له علاقة بالبطولة بحيث تتحول موافقة مصر علي استضافة بطولة كبري قبل موعدها فقط بستة شهور بتحد كبير وإنجاز كل المنشآت والمرافق والمهام الكبري والحديثة، إلي مناسبة فارقة وناقلة مصر الرياضية.. والأمنية.. والسياحية والاقتصادية والاجتماعية لمناطق أخري أكثر قدرة علي الوصول بوطننا الغالي إلي ما يستحقه بين الأمم.. يقيني أن زملاء صلاح لن يفرطوا أبدا في فرصة إحراز البطولة لكن علي الإعلام الفضائي بالخصوص أن يتعامل معهم ومع مدربهم أجيري في مبارياتهم بمسئولية دون تصيد لأخطاء أو تهويل ولوم علي إهدار فرصة.. دعه يلعب.. دعه يفوز! ولابد أن نتذكر أن البطولة صعبة فنيا وغالبية المنتخبات المشاركة تطورت ومجموعتنا ليست سهلة ولزيمبابوي وأوغندا طموحاتهما وللكونغو الديمقراطية قيمتها وتاريخها وعراقتها ومقالبها معنا.. هي زائير التي حولت تأخرها أمامنا بهدفين قي ذات البطولة وعلي نفس الملعب في بطولة 1974 لفوز ثلاثي صادم في نصف النهائي.. الحذر مطلوب.. ولكن بالمناخ المتكامل.. مش هنسيبها.