بقلم : د. أحمد درة [email protected] من حق هذا الشعب أن يتألم ويتعلم ويتكلم بعد طول صبر علي مكاره الحياة. وان الذين يريدون ان يصادروا آلامه. ويتنكبوا »سنام« عذاباته لن ينالوا شيئا فإن الالم شأنه شأن الكائن الحي يأتي عليه زمان ينضج فيه ويصبح قادرا علي تحقيق الآمال الكبار.. ولقد اقرأ هذا في العيون الواقفة الآن تنتظر بزوغ شعار يأتي من ضميرها، ويحرك فيها قوة اليقين المدخرة منذ آلاف السنين ومهما انصبت علي رأسه من عوائد الدهر وصروفه. فانها زائلة بما اتت به وليس من شك في ان الجرح الغائر في قلوب صابرة يتحول الي طاقة هائلة تصنع المعجزات وتحقق المستحيل. وأنا معهم أري في الشعب المثابر عزمات كامنة كلما زادت عليه المحن ازداد اصراره فلا تقف امامه عقبة ترده عن طموحه ابدا.. واقرأوا معه صفحات تاريخه المليئة بالعبر والعظات.. فلقد خبر الاحداث صغيرها وعظيمها، وقلبته وقلبها، فيما وهن وما استكان وكان مصيره النصر عليها جميعا، والنهوض من الكبوات والانطلاق الي آفاق عظيمة، ان شعب مصر الصبور يعرف كيف يلين في كفيه الحديد، وكيف تنكس امام صلابته اعني الموجات الغاشمة وتتهشم علي ساعديه صخور الجبروت وغباء البطش وكنت دائما احاول تفسير هذه الظاهرة الفريدة التي استأثر بها دون سائر شعوب الارض، ان يكون غناه في استغنائه عن كل مستعل مغرور بالمال والجاه والعتاد والسلطان وان كسرة خبز تغنيه عن باهظ الطعام، وشربة ماء تكفيه فليس هناك لذة في اي شراب سواه.. فلتري جباههم العالية يتقاطر منها عرق الصبر ومن اجسادهم تطلع اشواك الصبار. وما احنوا الا لباريهم الجبين أرأيت أناسا لايردهم الموت عن الحياة هؤلاء هم قد وقفوا ولم ترهبهم يد الردي، ولم تثنهم عن طلب الحق في هذه الدنيا العجيبة، قولوا لهم يا أيها الرجال في اي مكان من الارض.. انني الشعب الذي لا تقتله الضربات، انما هي تعضده وتقويه. انني الشعب الذي هزم الرياح العاصفة. من الشرق والغرب ومن كل الجهات شجاعة الفرسان في يوم الكر كرا ولا مفر الا بالنصر او الشهادة، وهناك في كل موقع شاهد ودليل لا تقيدوه اذن واتركوه اطلقوا المارد الذي احتبسه القهر وغل يديه الليل الطويل.. إنه الشعب الذي حرر نفسه من كل اسر، يريد ان يعيد المجد تارة اخري، بعد ان افلت من بين اصابعنا كالدخان ومجده في ذلك القلب الذي يشعل اليوم عزما والغد اصرارا وفخرا يا أيها الشعب انت اليوم مصدر الحق وشعلة الاقدام،. انت ملهم الاحلام الكبيرة ومبعث الاقدام في تحقيقها انت مصر التي انبتت القمح وحصنت سنابله المذهبة، انت النهر الذي يتدفق بالخير والنماء وعلي ضفتيه اغنية الخلود تفردها معك الطير يسبحن والخيل المسوقة وفي صدرك ينبض بالآمال الشراع.. ايها الشعب انت حقيقة الامس واليوم والغد والملون بزرقة السماء وصفاء العيون من خلف المشربية.. أنت نعمة الله في الأرض لتمضي اقداره المقدسة، وسنته التي لا تبديل لها، أنت مبعث فخرنا، وذهاب الحزن من صدورنا، نعم.. أنت الشعب شعب الصبر.. وفي دمعتك معني الصبر وفي انفاسك معني الحياة المسكونة بأرواح خالدة.