[email protected] أعجبني »كاريكاتير« الفنان الكبير مصطفي حسين الذي نشر يوم الخميس الماضي معبراً عن المأزق الكبير الذي يعيشه السودان، وليس السودان وحده المهدد بتقطيع أوصاله وتفتيت قواه الاساسية التي بدونها مجمعة يصبح جثة هامدة ونهباً لكل طامع ودخيل، إنما الامة العربية جميعها يتهددها نفس الخطر، وتسري في عروقها الآن جرعات مسممة من الفتن الظاهرة والباطنة ما يجعلها عرضة للانقسامات والحروب، فالعراق حتي هذه اللحظة يعيش حالة من التمزق والتشرذم برغم كل الاخطار التي تحيط بجميع طوائفه السياسية والاجتماعية والدينية، وليس هناك من أحد يستطيع أن يقول بغير ذلك فالسنة والشيعة والأكراد والمسيحيون مستهدفون وليس امامهم إلا التصالح والتآلف في الأيام القادمة مهما كان الثمن ليكونوا علي قلب رجل واحد في الحفاظ علي العراق موحداً في قلب أمته العربية. ولست متفائلاً الي الحد الذي اقول فيه إن وحدة العراق بهذا الشكل المأمول ستكون قريبة، ولكن التحديات والقوي التي تتجاذبه وهو خارج من اتون حرب شرسة أكلت الاخضر واليابس فيه وشتتت ابناءه في كل مكان من الأرض وبعثرت قوته التي كانت تحرس البوابة الشرقية لامته فأصبح مهيض الجناح، يحتاج اليوم الي المخلصين من ابناء الأمة العربية وقادتها ليكونوا ردءاً له وعوناً. لقد كانت مصيبتنا بالأمس هي فلسطينالمحتلة، وقدسنا الشريف، فاتسع الجرح، وأصبح مع الأيام أكبر وأفغر وأقسي ألماً، ثم من العراق ازداد الجرح اتساعاً إلي لبنان لتشتعل الفتنة من جديد أو قل تتفتح الجراح القديمة بعد ان كادت تندمل تماماً، ثم تنبعث من اليمن رائحة الفتنة وتنفجر حتي تصير قريبة من نفس ما يعاني منه العراق أو يعاني منه السودان، إن شيئاً يعد نفسه هناك لكي يكون اليمن جاهزاً يوماً للانفصال والعودة لما كان عليه من شقاق وتناحر وحروب بين الاخوة في الشمال والجنوب. إن لعبة بالنار، يلعب بها من يريد بنا سوءاً ويدس اسباب الفرقة بين ابناء أمتنا العربية من داخلها وخارجها، هم أصحاب هدف واحد الا تقوم قائمة لهؤلاء العرب حملة لواء الإسلام وأصحاب أهم مشروع حضاري إنساني لا يفرق بين أبناء الأمة علي دين أو عرق أو غيره من التصنيفات الطائفية التي ابتدعها الغزاة والأعداء حتي يردونا علي أعقابنا ويعودوا بنا إلي الوراء، إن هذا العنف الذي تتطاير نيرانه بين ربوع الامة في شتي أوطانها لهو من صنع يد خبيثة.. ولست أبريء منها انفسنا لأنه لولا الاسباب التي مهدنا به وجعلناها مطمعاً لهؤلاء لكانت هناك مناعة قوية نقف بها موقفاً موحداً أمام أي محاولة انفصالية أو شعبوية تريد تفريق الامة وتقسيم بلدانها وعزلها عن بعضها البعض لتصبح في لحظة غفلة شيئا بلا معني يدور في فلك الاعداء والمتربصين بنا الدوائر. إن السودان في أمس الحاجة لأن تتكاتف الامة العربية بأسرها لإبقائه موحداً محتضناً بعضه البعض، فالانفصال هو سبيل مؤكد إلي حرب أهلية لن تبقي ولن تذر وسيكون السودان بشماله وجنوبه هو الخاسر الأول والأمة العربية هي الخاسر الأول أيضا. كاتب المقال : استاذ الطب بجامعة الازهر، عضو اتحاد كتاب مصر