[email protected] كنت اتطلع الي الفضاء البعيد المترامي من بدايات سيناء وهي ترمق حدود الجزيرة العربية، والتاريخ يسرع الخطي، لم أكن أدري للخلف أم للامام؟! ومن حولي يذاع الخبر من الفضائيات الكثيرة، أم أن القس كان علي موعد مع هذه الشهرة والسمعة لكي ينجرف العالم من جديد إلي مصير مجهول، متأكد أنا من نزقه الشبيه بنزق »ليبرمان« ومن دعا من قبل الي ضرب الكعبة بالقنبلة النووية ثم ذلك النزق الأعظم المغرور الذي سار إلي الكعبة بفيله وعتاده حتي يهدم الكعبة وأخذت أقرأ صحيفة الأمس البغيضة تلك التي أدمت قلب أمة »عظيمة«، نصرها الله في مواطن كثيرة ويوم اعجبتها كثرتها وألمت بها الغواية، انهزمت هزيمة منكرة، أعاد التاريخ كرتها مرات ومرات، لعل هذا ما أضني الفؤاد واشقي النفس التي طالما حلمت بيوم انتصار ناصع كانتصارات الأمس، وسألت نفسي لماذا طمع القس المغمور في هذا الصيت الذي ذاع فعم الكرة الارضية، هل لأنه مدفوع الي ذلك بقوي خفية أرادت اشعال المزيد من الحروب، وإضعاف المسلمين أكثر فأكثر، حتي يستسلموا تماماً لكل رغبات واطماع المغتصبين لاراضيهم في فلسطين ولبنان والعراق وغيرها والمسيطرين علي ثرواتهم في أراض اخري يعلم اصحاب الفطن كيف احتلها هؤلاء وهم يضعون حولها كل القيود والأغلال، إنه توقيت يدعو إلي الريبة ويحيط بكل هؤلاء الذين يريدون بنا السوء كل اسباب الاهتمام، ولا تقل لي كفي ما تدير به فكرك في نظرية المؤامرة، بل انها مؤامرة كبيرة، لكنهم لا يقرأون بعض سطور التاريخ التي يسقطونها دوماً من حساباتهم عمداً، لقد سقطت الاقنعة وأحدا تلو الآخر، وأن القس لم يكن يريد ان يحرق كتاب المسلمين المقدس ليشفي غليله، إنما كان هناك من يدفعه دفعاً الي ذلك، شرذمة غير قليلة تريد أن تحرق العالم وتقف علي أطلاله.. وعلي طرف آخر فإني لا أعفي هذا العالم الإسلامي من شرقه إلي غربه، من مسئولية فرط فيها كثيرون وأعطي مبررات ومسوغات لينال منا الأعداء ويزدادوا بنا طغياناً وبطشاً، لم أجد من يراجع دواخلنا وداخلنا ويخرج ما قصرنا وأهملنا، ويدفع إلي عالم المشاهدة ما قد حال بيننا وبين التقدم وأسباب المنعة والقوة، فهل ينقص عالمنا الامكانات والثروات الهائلة التي تقيم اعظم الحضارات وترفع من شأنها، هل يضاهي عالمنا الاسلامي هذا الموقف العظيم لشريف مكة عبد المطلب يوم قال للأحمق: »أما الأبل فهي لي وأما البيت فله رب »يحميه«.. فلم يفهمها وقتها، ونحن لم نفهمها حتي الآن، لان المصحف الذي دون فيه القرآن الكريم لن يعجز ربه عن حمايته كما حمي البيت من قبل، ولكن سيبقي السؤال المحير، ألم يهبهم الله اليوم ثروات طائلة لم تكن لعبدالمطلب ولا لأحد من حوله، ألم يملأ الله الارض بأبناء الإسلام، وعلم منهم أمة كبيرة، لم يقوموا بهذا العلم حتي هذا اللحظة ولا بشئ من حقه، إننا في محنة حقيقية، اطمعت فينا من عرفناهم ومن لم نعرف، وتراهم بادين في المدائن يشهون صورة الإسلام باسم المسلمين، ويدفعون بكل قوتهم تجاه عالمنا الثري الذي أصابته تخمة الثراء وقلة الفعال. كاتب المقال: استاذ الطب بجامعة الازهر، عضو اتحاد الكتاب