منازل لم تعد موجودة.. وأخري مهددة بالانهيار.. لا زرع ولا محصول هذا العام.. فالطوفان قضي علي الأخضر واليابس.. هكذا هو الحال في قرية الجزائر بمحافظة الإسكندرية. ساعات معدودة.. اجتاحت فيها مياه الأمطار والصرف الصحي والزراعي كل شيء.. لتحولها إلي قرية غير صالحة للحياة.. ليبدأ معظم سكانها في الفرار وإخلائها .. تاركين خلفهم منازل وماشية غارقة ومحصول حصدته المياه قبل آوانه. صرخات عديدة أطلقها أهالي القرية المنكوبة.. لم تجد صدي لدي المسئولين، تاركين من بقي من الأهالي في انتظار مصير مجهول تزداد صعوبته مع استمرار هطول الأمطار. للوهلة الأولي وأنت تسير بطريق «القاهرة - الإسكندرية» الصحراوي يبدو لك أن بحيرات المياه المترامية علي الجانبين هي بحيرات طبيعية وأن أشخاصا بنوا بيوتا بداخلها ولكن نظرات الغضب من المئات المحتشدين علي الطريق تقول أن هناك مشكلة ما. فالوضع بطريق الإسكندرية الصحراوي وتحديدا في الكيلو 42 - ليس كالمعتاد- زحام سيارات وقوات أمن منتشرة بكثافة تحاول تسيير الطريق الذي لم تمر شهور علي تجديده وتطويره، بينما يقف أشخاص غاضبون تتعالي صرخاتهم طلبا للمساعدة والإنقاذ. نحو كيلو متر تفصل قرية الجزائر عن بوابات الإسكندرية.. حيث يوجد مدخل القرية غارقا في المياه، كاشفا حجم الكارثة الكبري التي يعيشها الآف المواطنين في «جزائر الإسكندرية». «الأخبار» حاولت الوصول إلي القرية لرصد معاناة أهلها، ليعترضنا العشرات من سكانها، بقولهم: «ممنوع الدخول .. القرية غرقت «.. قبل أن نخبرهم بأننا جئنا لرصد معاناتهم بعد موجة الطقس السيئ التي ضربت البلاد، ليتحول المنع إلي دليل يصطحبنا لمكان القرية الغارقة في بحيرة من الماء. ويحكي « السيد» عن الأزمة - بينما تسير السيارة في الشوارع التي ترتفع المياه فيها فلا توجد بقعة واحدة دون أن تغمرها المياه - قائلا:» المشكلة ليست في هطول الأمطار وحدها ولكن المشكلة أساسها هو أن نوبة الري للمنطقة جاءت في موعد سقوط الأمطار وعندما غمرت المياه الأراضي الزراعية، لم يقم المزارعون بري أراضيهم». ويقول سيد محمود عبد المعز، من سكان القرية:» أن الوضع في مدخل القرية أهون بكثير من داخلها، فعشرات الأسر قامت بترك منازلها بعد أن تصدعت من المياه».. وقبل أن يكمل حديثه كانت إحدي السيارات التابعة للقوات المسلحة تسير داخل القرية محملة بأغطية وأمتعة إحدي الأسر التي قررت أن تترك منزلها خشية السقوط. قرية الجزائر هي إحدي القري التابعة لحي العامرية غرب الاسكندرية وتعتبر قرية مركزية تخدم حوالي 5 أخري بمحيطها، وتعاني نقصا شديدا في الخدمات حيث لا توجد إلا مدرسة واحدة تخدم هذه الشريحة السكانية في الوقت الذي قام الاهالي بالتبرع بقطعة أرض لهيئة الأبنية التعليمية لبناء مدرسة أخري، منذ 6 سنوات ولكن لا حياة لمن تنادي - بحسب حديث الأهالي. الجزء الآخر من القرية لم نستطع الوصول اليه ولكن الوضع أصعب كثيرا من هذا المكان فسيارات الجيش التي تنقل أمتعة المواطنين من الجزء المتبقي يشير الي صعوبة الموقف هناك. يقول « أحمد حسن شعبان» أحد سكان القرية المنكوبة» لا نستيطع الذهاب الي العمل احنا عايشين حياة صعبة جدا .. نشتكي لمين ونقول ايه «، ثم يتدخل في الحديث شاب يدعي أيمن نور، يعمل موظف:» لم اذهب الي العمل منذ 4 أيام ولن أذهب الا بعد انتهاء هذه الكارثة». وفي حادث عجيب أشعلت الأمطار حريقا في شقة بمنطقة الحضرة الجديدة.. يسكنها عجوز وزوجته واسفر الحادث عن تفحم جثة العجوز الذي حاصرته النيران التي أشعلها ماس كهرباء من اسلاك غمرتها المياه وبين بركة المياه التي تجمعت في الشقة وأعاقت حركة العجوز وزوجته البالغة من العمر 74 عاما.. تم انتشال جثة العجوز ونقل زوجته المصابة الي المستشفي وتولت النيابة التحقيق.