القوات الأوكرانية مجموعة من مقاتلي إنفصالي أوكرانيا نهاية للصراع أم بداية قتال جديد؟ هكذا كان التساؤل الذي يغلب علي الأوكرانيين والعالم بعد مقتل امرأة في قصف للانفصاليين علي نقطة تفتيش للقوات الحكومية الاوكرانية، وذلك علي الرغم صمود الهدنة بين الحكومة الاوكرانية والانفصاليين في شرق البلاد خلال اليوم الأول لها، والتي جاءت بعد اتصالات مكثفة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني بيترو بورشينكو.تبادل اطلاق النار المتقطع بين القوات الحكومية والانفصاليين يظل عامل خطر علي استمرار الهدنة رغم انه لم يتطور لتجدد القتال كليا كما حدث خلال الخمسة أشهر الماضية. اتفاق الهدنة جاء بعد ساعات من اجتماع حلف شمال الأطلنطي والذي شهد حضور بورشينكو، ووجه خلاله زعماء الحلف انتقادات حادة الي روسيا، واتهم أمين عام الحلف أندرس راسموسن موسكو صراحة بمهاجمة أوكرانيا مؤكدا ما قاله الحلف من قبل بوجود ألف جندي روسي علي الأراضي الأوكرانية. وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد نشرت علي موقعها بنود الاتفاق الذي توصلت له الحكومة والانفصاليين بعد مباحثات مكثفة داخل «مجموعة الاتصال» التي تضم ممثلين عن روسيا والانفصاليين والحكومة الاوكرانية ومنظمة الأمن الاوربية، وتضمن الاتفاق 12 بندا وهي: ضمان الوقف الفوري لاستخدام السلاح من قبل الطرفين، ضمان المراقبة والتحقق من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لنظام عدم استخدام الأسلحة، تطبيق لامركزية السلطة، بما في ذلك عن طريق إقرار قانون أوكراني «حول النظام المؤقت للإدارة الذاتية المحلية في مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك»، تأمين استمرار المراقبة القائمة حالياً علي الحدود الحكومية الروسية الأوكرانية من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا مع إقامة منطقة آمنة في المناطق الحدودية الروسية الأوكرانية، الإفراج عن الرهائن والمعتقلين بشكل غير قانوني كافة دون إبطاء، إقرار قانون بمنع ملاحقة ومعاقبة الأشخاص بسبب الأحداث التي وقعت في مناطق مختلفة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا، الاستمرار بالحوار الوطني الشامل، اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحسين الوضع الإنساني في دونباس، تأمين إجراء انتخابات محلية مبكرة طبقاً للقانون الأوكراني «حول النظام المؤقت للإدارة الذاتية في مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك» (قانون عن الوضع الخاص للمقاطعتين)، سحب التشكيلات المسلحة غير القانونية، والآلات العسكرية، والمقاتلين المرتزقة من الأراضي الأوكرانية، إقرار برنامج نهوض اقتصادي لإقليم دونباس وإعادة النشاط الحياتي للإقليم، وأخيرا توفير ضمانات أمنية خاصة للمشاركين في المشاورات. ورغم أن اعلان الانفصاليون منذ أيام تخليهم عن طلب الاستقلال التام مؤكدين إنهم سيقبلون نوعا ما بالوضع الخاص في اوكرانيا، إلا ان ذلك لم ينهي تصريحاتهم العدائية تجاه حكومة كييف وأتهامها بأنها تابعة لأمريكا والغرب. وفي المقابل فان بعض المعارضين لاتفاق الهدنة داخل أوكرانيا يرون أن جلوس الحكومة مع الانفصاليين علي طاولة المفاوضات في مينسك عاصمة روسيا البيضاء يضعف من هيبة وقوة الدولة ويعطي أهمية للانفصاليين، الذين رفضت الحكومة الأوكرانية أكثر من مرة التفاوض معهم. اقتراحات بوتين للسلام بين الحكومة الاوكرانية والانفصاليين لم تخل من مكاسب لحلفائه في شرق أوكرانيا، حيث ترك لهم وضع خاص يسيطرون به علي أراضي يبلغ عدد سكانها عشر سكان اوكرانيا وبها الجزء الاكبر من الصناعات، كما يقضي بأن تبقي اوكرانيا غير منحازة للغرب، حيث تعارض موسكو بشدة مساعي كييف للانضمام الي حلف شمال الاطلنطي، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه أوكرانيا معارضة ألمانيا وفرنسا لانضمامها للحلف لكي لا يضطر الناتو الي التدخل العسكري المباشر في وجه روسيا اذا تدخلت في اوكرانيا بعدما تصبح كاملة العضوية في الحلف، وفي المقابل فان واشنطن تؤيد إنضمام أوكرانيا. وخففت الهدنة الي حد كبير من حدة التوتر المتصاعد بين روسيا والغرب.ورغم انتقادات بعض الأوكرانيين للإتفاق إلا انه كان هاما لوقف القتال الذي راح ضحيته أكثر من 2600 شخص، ودمر البنية التحتية لعدة بلدات ومدن وسبب خسائر اقتصادية كبيرة خاصة وأن شرق أوكرانيا يعد مركزا للصناعات الثقيلة ويمد الموازنة الأوكرانية بجزء كبير من ايراداتها.