تسفيه كل خير، هو ديدنهم ودينهم، كأنهم عرائس الماريونيت، تُحركها أيادي المُنكر والسوء وملايين الفلول التي نهبوها من قوت الفقراء، فإذا بُشّر أحدهم بهدوء الأحوال، ظلّ وجهه مسودًّا وهو كظيم، هؤلاء هم نافخو الكير السياسي من أهل الفضائيات، الذين لا يُعجبهم العجب ولا الصيام في رجب.. ويحملون ألف مكيال، يزنون به أقدار الناس وأفعالهم..وعلي الرغم من كلّ الاتهامات التي صدمتها بمحاباة فصيل علي آخر منذ تشكيلها الذي لم يُجاوز أياماً معدودات، فإن الإعلان عن جبهة الضمير الوطني نزل برداً وسلاماً علي القلوب الملتاعة لأهل المحروسة، خاصة أنها تضم مجموعة كبيرة من غير ذوي الأهواء والأطماع السياسية، ومن يقفون علي مسافة واحدة من الجميع، ولا يرجون إلاّ الهدوء وتفعيل مبدأ الحوار، لأنه الغالب في النهاية، وكل من يسعي إلي نشر الفوضي في مصر وتخريبها لن تتحقق مآربه النجسة في هدم هذا البلد، رغم الهمّ والنّصَب الذي نعيش فيه، ليلاً ونهاراً، وكأن الهموم والإحن لم تُخلق إلاّ لنا نحن المصريين، حتي أصبحت أمراً عاديّا من أمور حياتنا اليومية، أو كأننا نأخذ نصيبنا ونصيب غيرنا منها، فلابد أن نري كل يوم علي غيار الريق مظاهرة هنا أو اعتصاماً هناك، ونسأل عن أعداد الضحايا والمصابين، ونتشابك بالألسن الحداد ، في تحميل كل طرف مُخالف لرأينا مسئولية ما يحدث، حتي إذا مرّ يوم واحد دون تظاهر ولا مصابين قبّلنا أيدينا وجهاً لظهر حامدين شاكرين، حتي إذا استيقظنا في اليوم التالي وجدنا أن ريما قد عادت لعادتها القديمة، وكل ذلك رغم الدعوات والابتهالات الدائمة من مشايخنا وآبائنا، ولكننا ندعو فلا يُستجاب لنا، إذ يبدو أننا قد انطبقت علينا الأسباب العشرة التي أوردها التابعي إبراهيم بن أدهم عندما سأله الناس، لماذا لا يستجيب الله لدعائهم، فليست هذه هي مصر التي قال الله فيها "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".